خاص

البذالي لـ الجريدة.: دمج الشركات النفطية يمنح القطاع مرونة القرارات

«الدمج يوجد كياناً ضخماً قادراً على استقطاب المستثمرين الأجانب»

نشر في 18-02-2020
آخر تحديث 18-02-2020 | 00:05
أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. طلال البذالي
أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. طلال البذالي
أكد أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. طلال البذالي أن عملية دمج الشركات النفطية المحلية لن تؤدي إلى تقليص عدد العمالة الوطنية في القطاع النفطي، لأن الشركات ستظل موجودة، وسيكون التغيير في الأسماء فقط، إلى جانب تقليص المشاريع المزدوجة بين الشركات النفطية، مع تسريع اتخاذ القرار، فضلاً عن أن الدمج سيمنح الدولة كياناً تجارياً كبيراً يعطي طابعاً تنافسياً عالمياً، مع استقطاب المستثمرين الأجانب.

وقال البذالي، في حوار مع «الجريدة»، إن قرار الدمج تم اتخاذه لزيادة التنافسية العالمية ولإضفاء المرونة والرشاقة على القطاع النفطي، لا بسبب الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية؛ لافتا إلى أنه في عام 2016 انخفض معدل إنتاج السيارات الكهربائية بنحو 11‎في المئة‎ ؛ معتبراً أن «الطاقة المتجددة هي المستقبل، ولكن سيحدث ذلك بعد 50 عاما من الآن».

وأضاف أن العالم منذ 150 عاماً أسس بنيته التحتية من حيث الأسواق المالية والبنوك العالمية على الاستثمارات النفطية، ومن الصعب استبدال النفط بطاقة أخرى بسهولة، مشددا على ضرورة أن يضع المجلس الأعلى للبترول في اعتباره عند الدمج بشكل نهائي استحداث إدارة للبحث والتطوير، مهمتها الأولى تقليل التكاليف والمصروفات، على أن تضم تلك الإدارة كفاءات، ولا مانع من الاستعانة في البداية بكوادر أجنبية لتدريب العمالة الوطنية.

وفيما يلي نص الحوار:

• هل ترى أن دمج الشركات النفطية في كيانات محددة قد يساهم بشكل أو بآخر في ترشيد نفقات القطاع، مما يصب في دعم الاقتصاد الوطني؟

دمج الشركات النفطية خطوة جيدة تمت المطالبة بها منذ عام 2007، وهي خطوة تؤدي إلى تقليل المصروفات وإلغاء ما يسمى بالمشاريع المزدوجة بين الشركات، وتضفي على الشركات رشاقة وتنافسية عالمية في إدارة المسائل المتعلقة بالقطاع، ولكن المشكلة تكمن في أن المعنيين قاموا بدمج شركتي البترول العالمية وشركة كوفبيك في شركة واحدة، وهاتان الشركتان تحديدا غير مدرتين للارباح، وكلفتهما المادية عالية، وميزانياتهما متضخمة، ولم تشاركا في تنشيط الاقتصاد الوطني، وذلك بحكم ان مجال عملهما خارج الكويت، وإن كنت ارى ان المجلس الاعلى للبترول ومؤسسة البترول كان لزاما عليهما حين النظر الى دمجهما ان يتم التخلص منهما، لا إلغاؤهما، وذلك بطرحهما للقطاع الخاص سواء محليا او عالميا، على ان يكون للحكومة جزء بسيط لا يتعدى 30 في المئة من أسهمهما.

وكان الهدف من إنشاء شركة البترول العالمية في الثمانينيات من القرن الماضي تسويق المنتجات النفطية الكويتية في دول اوروربية،لكن ما حدث الآن أنها تقوم بتصنيع منتجات في أوروبا بنفوط أوروربية، لذا فإنها غير مدرة للأرباح فضلاً عن أن 99 في المئة من موظفيها غير كويتيين، ونحن بذلك نساهم في دعم اقتصادات الدول التي تعمل بها، إلا أن الفائدة الوحيدة لها هي أنها منحت الكويت إعلاما خارجيا.

وعليه يجب أن تضم هيكلة القطاع النفطي قطاعين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وهي قطاع الانتاج والحفر، وقطاع التكرير والصناعة البتروكيماوية، وأخيرا قطاع التسويق.

تقليص الوظائف

• هناك أكثر من 18 ألف موظف كويتي يعملون في شركات النفط المختلفة... هل ترى أن الدمج قد يؤدي إلى تقليص الوظائف، وبالتالي تقليص عدد الموظفين؟

من ناحية التقليص فإنه لن يحدث، لأن الشركات ستظل موجودة، ولكن التغيير سيكون في المسميات، وتقليص المشاريع المزدوجة بين الشركات النفطية، وسيكون أيضاً في سرعة اتخاذ القرار، فضلا عن أن الدمج سيمنح الدولة كيانا تجاريا كبيرا يعطي طابعا تنافسيا عالميا، وسيعمل على استقطاب المستثمرين الأجانب.

• هل الاستراتيجية الجديدة والخاصة بخفض انتاج البلاد النفطي تعد سببا رئيسيا في اعتماد عملية الدمج التي تم إقرارها، لاسيما أن الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية بدأت الدعوات بشكل واضح لها على كل المستويات؟

قرار الدمج تم اتخاذه لزيادة التنافسية العالمية، ولإضفاء المرونة والرشاقة على القطاع النفطي، وليس بسبب الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، وللعلم فإنه في 2016 انخفض معدل إنتاج السيارات الكهربائية بنحو 11‎‎ في المئة، ونحن دائماً نقول إن الطاقة المتجددة هي المستقبل ولكن سيحدث ذلك بعد 50 عاماً من الآن، والعالم منذ 150 عاما أسس بنيته التحتية من حيث الأسواق المالية والبنوك العالمية على الاستثمارات النفطية ومن الصعب استبداله بسهولة، وهناك حالة واحدة فقط للاستغناء عن النفط هي نضوب ذلك الخام، إلا أن الواقع الحالي لا يشير إلى ذلك النضوب، بدليل أن هناك المزيد من الاكتشافات النفطية، وأرى انه لا يوجد خطر حقيقي على النفط من الطاقة المتجددة، وفي السبعينيات كان استخدام العالم للطاقة المتجددة بنحو 7‎‎ في المئة بجميع أنواعها، والآن انخفض هذا المعدل إلى أقل من 5‎‎ في المئة، وهذا دليل دامغ على أن النفط مازال مسيطراً. ان الدول العظمي لن تسمح باستبدال النفط خصوصا الولايات المتحدة الأميركية، الذي يقوم اقتصادها على الدولار الذي يستمد قوته من النفط، لذلك سيظل النفط المصدر الرئيسي للطاقة في العالم من أجل بقاء الاقتصاد العالمي على وضعة الحالي، ويبقى الحديث عن الطاقة المتجددة والمحافظة على البيئة مجرد شعارات فقط، والدليل على ذلك أن الولايات المتحدة زاد انتاجها من النفط إلى 12 مليون برميل يوميا، ومازالت حتى الآن تبحث عن نفوط جديدة، ودائما ما يتحدث العالم برؤية ولكن الواقع رؤية أخرى، ولقد قال العالم في عام 1971 انه عام نضوب النفط، ولكن انتاج النفط زاد إلى الضعف منذ ذلك التاريخ حتى الآن.

استبدال الدولار

• ماذا لو تم استبدال عملة بيع النفط بالدولار بعملات أخرى من قبل الدول المنتجة؟ وما موقف الدول الكبرى من ذلك القرار لاسيما الولايات المتحدة الأميركية؟

من الصعب ترجمة هذا القرار على أرض الواقع، لكون الولايات المتحدة تحديدا لن توافق، حيث إن ذلك يعني انهيار النظام المالي فيها بل في العالم كله، لأن هناك دولا كثيرة على رأسها دول الخليج والصين واليابان تمتلك سندات وديونا في الولايات المتحدة، ومعنى ذلك ان تخسر تلك الدول كل ممتلكاتها هناك؛ لذلك فالجميع يسيرون مع التوجه العام.

دراسة الدمج

• هناك مهلة زمنية موضوعة لدراسة عملية دمج شركات النفط المحلية مدة 18 شهراً، وتكليف إحدى الجهات الاستشارية العالمية بإعداد دراسة حول هذه العملية... هل ترى أن تلك المهلة مبالغ فيها؟

عملية الدمج بهذا الحجم لا يمكن ان تتم بين يوم وليلة، فنحن نتحدث عن شركات عملاقة، ونحن لا ندرس تأثيرها على الكويت فقط، ولكن على القطاع النفطي العالمي، ولا ننسى ان هناك اعتبارات اخرى؛ أما لماذا إعطاء مهلة تفوق العام للدراسة فمن وجهة نظري انها فترة كافية للمستشار العالمي لكي يبدي رأيه من خلال توصية نهائية وتصور كامل عن عملية الدمج، ومن ثم يتم التصويت عليها؛ ولعل فكرة الدمج هذه جاءت منذ عام 2004 إلا أن المسؤولين عن القطاع استشعروا الآن زيادة التكاليف مع احتمالية انخفاض الأسعار في المستقبل؛ والدمج يعد طريقة مثلى للحفاظ على إيرادات الدولة، فأسعار النفط شهدت شهدت ارتفاعا جنونيا حتى انهارت بعد 2015؛ ولعل شركة ارامكو السعودية استشعرت خطورة الأسواق، وقامت ببيع جزء من اسهمها يبلغ نحو 5 في المئة، حيث قيل ان ذلك تم لتمويل مشاريع ولكن كانت هناك رغبة من «أرامكو» في الدخول في منافسة عالمية عن طريق المستثمرين الأجانب من خلال شراكات عالمية، وهي تعد خطوة جريئة استبعد أن تتم في الكويت لكون الدستور الكويتي يحول دون ذلك، فعملية دمج الشركات كانت الخطوة المناسبة للقطاع النفطي الكويتي، ولكن لابد أن يكون هناك كيان تجاري بعد عملية الدمج، لا أن تعمل الشركات بشكل مستقل، لأن هذا سيكون خطأ فادحا، ويجب أن تكون تحت مظلة مؤسسة البترول، وليست شركات منفصلة بمجالس إدارات وميزانيات مستقلة.

تعظيم الفائدة

• هل تفيد عملية الدمج في التركيز على الصناعات النفطية بدلا من تصدير النفط كخام من اجل تعظيم الفائدة منه؟

نحن لدينا شركة متخصصة في الصناعات البتروكيماوية، وإذا ركزنا بشكل أكبر على مثل هذه الصناعات، فسننجح، حيث إننا نمتلك المادة الخام بكلفة بسيطة، إلا أن التحول الى تلك الصناعات التحويلية يحتاج الى حجم عمالة ضخم وتكنولوجيا أكثر تعقيدا، إلا أنها تظل فكرة جيدة، وفيها تعظيم لقيمة برميل النفط، فإذا كنا نبيعه الآن بخمسين دولارا، فإننا يمكننا استخراج مواد أوّلية من البرميل نفسه تباع بألف دولار، والأمر يحتاج الى استثمار في البنى التحتية، فضلا عن الاحتياج الى تشريعات من مجلس الأمة الذي دائما لديه مخاوف على ثروة البلاد دون التفكير في تعظيم الفائدة من هذه الثروة؛ وهناك أيضا مشكلة كبيرة نعانيها، وهي المشاريع الكثيرة التي تعطلت بسبب عدم اتخاذ القرار، كما أن هناك مشاريع أخرى تمت الموافقة عليها، وكبّدت القطاع خسائر بسبب الأخطاء وتضارب الجهات النفطية، لأن هناك جهات أقوى من جهات أخرى، لذا فإن عملية الدمج ستفيد في منع تلك المشكلات، حيث إن القرارات ستكون موحدة.

مصفاة فيتنام

• هل تؤيد بناء المصافي الخارجية، وهل هي مجدية لاقتصاد البلاد؟

أنا ضد التوسع في بناء المصافي الخارجية، ولماذا لا يكون التوجه لبناء المصافي داخل الكويت حتى يستفيد الاقتصاد الوطني بشكل أكبر؟ ولنا في مصفاة فيتنام عبرة فهو مشروع تم من دون دراسات أو استراتيجية محددة وحتى من دون أهداف؛ ولذلك كانت خسائره مليارية، وجاءت نتائجه كارثية بسبب الاستعجال وكانت اقتصاديات المشروع من الأساس تشير الى أنه مشروع فاشل؛ وذلك فضلا عن أننا، وهناك مثال على ذلك، وهي مصفاة الزور التي تعد مشروعا ناجحا سيوفر العديد من الوظائف للكوادر الوطنية، فضلا عن أن أي عملية تصدير لمشتقات نفطية ستكون من خلال الدولة، الأمر الذي يحافظ على ربحية جيدة للدولة؛ وكذلك هناك مشاريع خارجية غير مجدية تماما مثل محطات البنزين التي تمتلكها شركة البترول العالمية في أوروبا والتي تبلغ نحو 500 ألف محطة في أنحاء اوروبا، ولم نستفد منها في شيء، لأنه من المفترض أن نكرر النفط في الكويت ومن ثم نرسله للبيع، وهذا لم يحدث، فنحن نشتري النفط الأوروبي من شركات مثل شل وإكسون موبيل ونكرره هناك، ونبيعه، وهنا أتساءل: أين القيمة المضافة في ذلك، والاستفادة من نفطنا؟ فهامش الربح هناك يضيع بين أجور العمالة والضرائب والرسوم على الأراضي، وعليه يصبح هامش الربح ضعيفا للغاية.

استحداث إدارات

• هل تحتاج عمليات الدمج الى استحداث إدارات أكثر تخصصية لزيادة الاهتمام والتركيز؟

لا بُد على المجلس الأعلى للبترول أن يضع في اعتباره عند الدمج بشكل نهائي استحداث إدارة للبحث والتطوير تعمل على تقليل التكاليف والمصروفات، على أن تكون إدارة من ذوي الكفاءات، ولا مانع من الاستعانة في البداية بكوادر أجنبية لتدريب العمالة الوطنية في هذا الإطار.

مخاطر تعويم الدينار

أكد البذالي ضرورة دراسة موازنة الدولة حتى لا نقع في عمليات الاستدانة، لافتا الى أننا قد نجد أنفسنا مقترضين خلال السنوات الخمس المقبلة إذا استمر العجز المالي الحالي الذي يبلغ نحو 9 مليارات دينار؛ مشددا على أن الخطورة الأكثر تكمن في تعويم الدينار الذي بدأت تتحدث عنه مؤسسات مالية عالمية؛ ولافتا الى أن تنويع مصادر الدخل أصبح حتميا حتى لا نضطر الى اتخاذ قرار التعويم، لأن الكويت دولة غير مصدرة لمنتجات متعددة بخلاف النفط؛ مشيرا الى ضرورة تعاون كافة مؤسسات الدولة للحيلولة دون اللجوء الى تعويم الدينار والوقوع في تلك المعضلة.

بناء المصافي الخارجية هدر للوقت وعبء على موازنة الدولة بدون مردود مادي ملحوظ

مصفاة الزور مثال يحتذى يجب تعميمه

ضرورة استحداث إدارة للبحث والتطوير مهمتها ترشيد التكاليف والمصروفات
back to top