«فلنتاين» على رصيف بارد

نشر في 16-02-2020
آخر تحديث 16-02-2020 | 00:10
أكتب هذه الكلمات تزامناً مع عيد الحب "فلنتاين"، الذي يفتح لنا أنماطاً من المشاعر العاطفية المختلفة باختلاف أوضاع البشر وأمكنتهم، وهنا اخترت من هم في أسوئها بسبب ابتعاد الأجساد.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

لماذا ينتصر خبر موت العمال في مشاريع البناء وتخبو أفراح تعويضهم ومعاقبة من قتلهم!

***

من منا لا يحتك يومياً بمغترب؟ عاملة منزلية، موظف، سائق أو أي مهنة أخرى تضطر بالشخص رجلاً كان أم امرأة إلى الاغتراب عن بلاده وأسرته لتبدأ معاناة نفسية وعاطفية لا تخدمها سوى وسائل التواصل الاجتماعي لإحياء عاطفة الحب عن بُعد، حيث تختفي تفاصيل التواصل الجسدي اليومي الحقيقي بدون وسائط باردة.

بالطبع مهما كتبنا ووصفنا فلن نصل إلى شكل تلك المعاناة الكبيرة التي تعصف بقلوب هؤلاء وعواطفهم، فالمسألة متشعبة وتلامس أوضاعاً مختلفة، كأن يكون هناك أطفال، أو احتياج لوجود الطرفين في لحظة شائكة أو حل مشكلة أو مناسبات دينية وغير ذلك، ولن نفهم معنى أن يتصلب أحد الشركاء أمام لوح إلكتروني لساعات متأخرة من الليل لكي يغنم برؤية وجه الشريك وسماع كلماته ونبرات صوته وهمومه، ولن نشعر بأحزانهم ودموعهم التي يجففها الهواء بلا رحمة وحنان، وهم على فراق بآلاف الأميال.

كل القناعات بالنسبة إلى المغتربين عرضة للتغيير والتبدل، قناعات ذات صلة بمفهوم الصداقات في الغربة، والولاءات، الفقد، السند وقت الضيق، الرغبات، وقائمة لا تنتهي من المنغصات في رؤوس هؤلاء المساكين. حتى ركوب الطائرات وحركة المطارات بالنسبة إليهم مختلفة عن الشركاء المستقرين، الذهاب عندنا فرحة وعندهم حزن وفقد وترك، الإياب عندنا نهاية تسلية وانشراح وعندهم بداية إحياء المشاعر ولقاء و"لمَّة" الأسرة.

أكتب هذه الكلمات تزامناً مع عيد الحب "فلنتاين"، الذي يفتح لنا أنماطاً من المشاعر العاطفية المختلفة باختلاف أوضاع البشر وأمكنتهم، وهنا اخترت من هم في أسوئها بسبب ابتعاد الأجساد.

back to top