قرار ترامب حظر السفر من ميانمار خاطئ!

نشر في 30-01-2020
آخر تحديث 30-01-2020 | 00:00
قد تكون إدارة ترامب محقة في إدانة ارتكابات حكومة ميانمار في ولاية «راخين»، لكنّ فرض قرار بحظر السفر ضد بلدٍ من جنوب شرق آسيا نهج خاطئ، وستكون هذه التدابير كفيلة بتعميق عزلة بلدٍ يصرّ على تعنّته وسط ضغوط دولية هائلة وتهميش المهاجرين المجتهدين والطلاب القادمين من ميانمار إلى الولايات المتحدة.
 ذي دبلومات من المتوقع أن يعلن ترامب في الأسبوع المقبل إضافة جهات جديدة إلى لائحة البلدان التي يُمنَع رعاياها من السفر إلى الولايات المتحدة، وشمل قرار الحظر في الأصل بلداناً مثل إيران وليبيا وكوريا الشمالية، ويُقال إن ترامب يفكّر بإضافة ميانمار (فضلاً عن قرغيزستان، وبيلاروسيا، وإريتريا، ونيجيريا، والسودان، وتانزانيا) إلى هذه اللائحة المثيرة للجدل.

لم تتّضح بعد تفاصيل هذه السياسة، ولا نعرف مدة الحظر أو ما إذا كان القرار سينطبق على جميع المواطنين في تلك البلدان أو يستهدف تصنيفات التأشيرة أو المسؤولين فيها.

قد يكون قرار ضم ميانمار إلى تلك اللائحة المتوسّعة رداً على أزمة "روهينغيا" على حدودها الغربية، حيث اتُّهِمت الحكومة العسكرية بارتكاب إبادة جماعية ضد الأقلية المسلمة، حيث أطلقت أعمال العنف والاضطرابات أزمة لاجئين على الحدود في بنغلادش.

قد تكون إدارة ترامب محقة في إدانة ارتكابات حكومة ميانمار في ولاية "راخين"، لكنّ فرض قرار بحظر السفر ضد بلدٍ من جنوب شرق آسيا نهج خاطئ. ستكون هذه التدابير كفيلة بتعميق عزلة بلدٍ يصرّ على تعنّته وسط ضغوط دولية هائلة وتهميش المهاجرين المجتهدين والطلاب القادمين من ميانمار إلى الولايات المتحدة، فقد أثارت التقارير الإعلامية حول احتمال حظر السفر قلق أعضاء الشتات في الولايات المتحدة، نظراً إلى تراجع قدرتهم على زيارة عائلاتهم.

سيكون استمرار التواصل مع حكومة ميانمار ضرورياً بالنسبة إلى الولايات المتحدة رداً على "مبادرة الحزام والطريق" في الصين. لكن من خلال تطبيق قرار حظر السفر هذا، ستدفع إدارة ترامب ميانمار، التي تسعى إلى الاستفادة من مواردها الطبيعية لتحريك عجلة التصدير، للتحول إلى سوق مبني على احتكار الشراء، حيث تكون الصين الشارية الوحيدة.

يشعر الصينيون بالقلق من اضطرارهم للاتكال على مضيق ملقا في تجارتهم البحرية ولطالما بحثوا عن طريق بري في ميانمار للوصول إلى ميناء مقترح في عمق البحار في "كيوكبيو"، كذلك تكثر مشاريع البنى التحتية الصينية في ميانمار، منها مشاريع واسعة النطاق في مجالات البناء والطاقة الكهرومائية وسكك الحديد، لكن مصير كمبوديا المجاورة، حيث تطغى الصناعة الصينية، يُعتبر تحذيراً قوياً لميانمار حول تداعيات الاتكال المفرط على الصين.

يجب أن تصبح المصالح الأميركية والغربية في المنطقة بديلة عن الأموال الصينية بالنسبة إلى ميانمار، لكنّ عزل البلد من خلال فرض عقوبات إضافية عليه يتعارض مع هذا الهدف ويُضعِف المكانة الأميركية في المنطقة.

إلى جانب الاعتبارات السياسية الدولية، لا بد من مراعاة بعض الشؤون المحلية الأميركية. ستصبح دستورية قرار الحظر الجديد محط جدل فوري. كان حظر السفر بشكله الراهن يتطلب ثلاثة إجراءات منفصلة قبل أن توافق عليه المحكمة العليا، بما يشبه حُكْم القاضية سونيا سوتومايور في قضية كوريماتسو ضد الولايات المتحدة، أي القرار الذي يسمح باعتقال اليابانيين في عام 1942، يجب أن يكسب أي حظر مُستحدَث للسفر المستوى نفسه من التدقيق في الأوساط العامة وداخل المحاكم.

لم تتّضح بعد الأهداف التي تريد إدارة ترامب تحقيقها عبر إضافة ميانمار إلى لائحة حظر السفر، ولا تحتاج الولايات المتحدة بوضعها الراهن إلى كبح تدفق اللاجئين المتضررين من ميانمار (استقر أقل من 600 شخص من "روهينغيا" في الولايات المتحدة في عام 2019). إذا كان القرار يستهدف أصحاب المناصب الحكومية العليا ومرتكبي أعمال العنف، فستكون العقوبات المالية المستهدفة أفضل من فرض قرار شامل بحظر السفر، كان الحظر يهدف ظاهرياً إلى منع تسلل الإرهابيين أو المجرمين بين الرعايا الأجانب، لكن هل يعكس ضم ميانمار إلى اللائحة عدم اقتناع إدارة ترامب بتأكيدات الحكومة المحلية على ضرورة إطلاق حملة القمع في "روهينغيا" لمحاربة التهديدات الإرهابية؟

يجب أن ننتظر صدور تصريح رسمي من البيت الأبيض قبل طرح فرضيات حول نوايا ترامب الفعلية، لكن بما أن الرئيس الأميركي لم يكن يعرف موقع ميانمار على الخريطة حتى الصيف المنصرم، فلا مفر من التشكيك بهذا التغيّر في سياساته.

*دانيال أوكونر

back to top