العبث بالقيود الانتخابية... وطعن دستوري بالجنسية

نشر في 22-01-2020
آخر تحديث 22-01-2020 | 00:19
 محمد المقاطع قضيتان ملحّتان، كل منهما أخطر من الأخرى وطنياً، وخطورتهما هي في العبث بتكوين مجلس الأمة، أولاهما العبث بقيود الناخبين، فقد تعرضت هذه القيود عبر سنوات طويلة للعبث؛ بنقلها، أو بعدم إلغاء المتوفين، أو بعدم قيد الناخبين بمكان الإقامة الفعلية كما يتطلبه قانون الانتخاب، أو غيرها من هذا العبث الذي تعرضت له هذه القيود، وهذا يتم بعلم ومعرفة، بل وبمشاركة وزارة الداخلية، أو تقصيرها في عدم قيامها بما أوجبه القانون عليها في المادة (8) للحفاظ على سلامة قيود الناخبين ودقتها، واستوقفني السؤال البرلماني المهم الذي وجهه النائب عبدالله الكندري إلى وزير الداخلية بخصوص هذا الموضوع، وأتمنى عدم تهرب الوزير من الإجابة عنه، وفي هذا الوقت بالذات.

وأما القضية الثانية فهي الطعن الدستوري المباشر، ما يزمع التقدم به عدد من المواطنين، على تعديلات أُدخِلت على قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، ولما كان هذا الطعن يثير مسألة مهمة جداً لها أثرها المباشر على تكوين مجلس الأمة، فإنه لابد من بيان الرأي في مدى متانة حجته دستورياً.

تنص المذكرة التفسيرية للدستور في تعليقها على المادة (82) على ما يلي:

"أوردت هذه المادة الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الأمة، ومن بينها شرط الجنسية الكويتية بصفة أصلية وفقاً للقانون، وبذلك يكون المرجع في تحديد معنى هذا الاصطلاح هو قانون الجنسية، وفيه تبين شروط الجنسية الأصلية، متميزة عن أحوال كسب الجنسية بطريق التجنس، وبهذا الحكم الدستوري يبطل العمل بأي نص تشريعي قائم يسمح للمتجنس بممارسة حق الترشيح لعضوية مجلس الأمة أياً كانت المدة التي مضت... أو التي تمضى- على تجنسه... ومن ثم يكون الترشيح حقاً لأبناء هذا المتجنس إذا ما أدخلهم قانون الجنسية ضمن حالات الجنسية بصفة أصلية، وهو الحكم الصحيح المعمول به في الدول المختلفة.

ويلاحظ أن التفريق بين الوطني الأصلي– أو الأصيل– والوطني بالتجنس، أمر وارد في الدساتير عامة في شأن ممارسة الحقوق السياسية، وهو تفريق تحدده أغلبية الدساتير بعدد معين من السنين تعتبر فترة تمرين على الولاء للجنسية الجديدة، كما أن فيه ضمانات للدولة أثبتت التجارب العالمية ضرورتها.

أما الناخب فإنه يكون (وفقاً للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب)، وبذلك يصح لقانون الانتخاب أن يسمح للمتجنس بممارسة حق الانتخاب دون قيد (وهو أقل خطورة من حق الترشيح أو العضوية)، كما يجوز له أن يقيد استعمال هذا الحق بمضي مدة على التجنس".

إن القراءة الفاحصة والدقيقة لتفسير المادة (82) من الدستور تؤكد، بشكل جازم، أن إرادة الآباء المؤسسين، الذين وضعوا الدستور ومذكرته التفسيرية في المجلس التأسيسي (وتدعمه مناقشاتهم بذلك المجلس) تقصر عضوية مجلس الأمة على الكويتي بصفة أصلية، وحسب بيان المذكرة التفسيرية فإن ذلك الحكم يستبعد المتجنس بصراحة عبارته ولفظه، وأبناء المتجنس، كأصل يأخذون حكم والدهم، إلا إذا أدخلهم القانون ضمن مفهوم الكويتي بصفة أصلية، وتلك سلطة مقيدة وليست مطلقة للمشرع تبعاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1959 والمحصن دستورياً بنص المادة (180) من الدستور، وذلك بالاستناد إلى أساس كسب المتجنس للجنسية، أخذاً بالاعتبار ما أشارت إليه المذكرة التفسيرية بعبارتها "ويلاحظ أن التفريق بين الوطني الأصلي– أو الأصيل– والوطني بالتجنس، أمر وارد في الدساتير عامة في شأن ممارسة الحقوق السياسية"، والمذكرة التفسيرية لها قيمة الدستور، كما قررت المحكمة الدستورية.

وفي ضوء ذلك نرى أن للطعن المقدم وجاهة وأساساً للجدية، التي يمكن معه للمحكمة الدستورية قبوله والحكم بعدم دستورية القوانين المطعون عليها، ونحن بانتظار ما ستنتهي إليه "الدستورية".

back to top