«إحنا سبب العجز»

نشر في 17-01-2020
آخر تحديث 17-01-2020 | 00:06
 فواز يعقوب الكندري فجراً، وبعد سيناريو متكرّر نستعدّ فيه ليوم عمل جديد، وببرود حركة تتناسب طرداً مع درجة حرارة الطّقس، كنت أنزل من الدّرج وعادة ما تكون الصّحف مركونة في نهايته يلتقط كلٌ منّا ما يشتهي، إلّا أنّ عيني التقطت "مانشيتاً" يُخبرنا بأنّنا نمر بأعلى عجز في الميزانيّة، وأنّ الدولة ستنظر في رواتب المواطنين، هنا شعرت ببطء أكبر في الحركة، وكأنّ هناك من علّق كرة الحديد برجلي ويجرّني إلى غرفة التّحقيق.

تمتمة، وذهنٌ شارد، وابتسامة هزليّة، رسمتها الوزيرة بتصريحها الذي اتّهم راتب المواطن الغلبان بأنّه سبب العجز، حتّى أدرت محرّك "الفورد"، وإذْ بالمذيع ينقل لي خبر تبرّع حكومتنا بشويّة ملايين إلى جمهورية "جمبلو جمبليلا"، فحمدت ربّي أن خير بلدي بلغ دولاً لا تعرفها حتّى الخريطة، حينها أخفضت صوت حنجرة المذيع لأسمع ذاتي التي همهمت بذكرى سرقة النّاقلات والتحويلات المليونيّة والنّواب القبّيضة وسرقة الديزل والعلاج بالخارج والتأمينات واحتكار العقار وبقيّة الصناديق التي لا نعرف أمكنة مفاتيح أقفالها، ولأنّني مشوّش، دخلت مقرّ عملي قائلاً "صباح العجز"، وكوني جديداً في عملي كنت أخشى أن يظنّ أحدهم أنّني متشائمٌ سلبيٌ فابتسمت وقلت: "صباح العجز، فأنا عاجزٌ عن استيعاب سعادتي بوجودي معكم"، ومرّ الأمر بسلام.

قصدت أقرب أصدقائي مساءً، وحين علمت أنّهم في الشّاليه مرّ عقلي بتصريح أحد المليونيريّة بأنّنا جيل "ما يشبع"، وقلت في نفسي لربّما صدق الباشا بقوله، وأنّنا فعلاً هكذا، نتجمّع على البحر وأشهى عشاء من خلطات "إدريس" السّرية، مجموعة أطباء ومهندسين وصيادلة ومديري فروع في البنوك، ماذا تريدون أكثر؟! فعلاً نحن جيل جشع، حتّى أن من بيننا من تخلّص من جزء معدته تكميماً من الرّهاة، تخيّل معي أيّها الوزير السّابق أنّ معدّل الشّعر في حاجب "بوتقي" يفوق معدّل خصلات شعر رأس "بوعزّوز"، ولا يحمد ربّه على هذه النعمة ويريد المزيد، أمّا "بوالرّيش" فما بين طرفة عينٍ وانتباهتها امتلك "زوم ٦" في لعبة الببجي! يا الله ماذا تريد أكثر أيّها الطّماع؟!

صدقت أيّها الوزير السّابق بقولك إنّنا جيلٌ يردّد دائما "عطوني"، وأنتم بأمانة مو مقصرين، "عطيتونا" بما فيه الكفاية.

back to top