سدانيات: على خُطى الحرير!

نشر في 29-11-2019
آخر تحديث 29-11-2019 | 00:07
 محمد السداني لا تجدي نفعا تلك المقالات التي نكتبها أسبوعيا لنشرح وجهات نظرنا عن مواضيع مختلفة تبرز على الساحة السياسية والاجتماعية في بلد صغير بحجمه كبير بمشاكله وأحداثه! ولكني أرى المقالات التي نكتبها أنا وزملائي نوعا من التنفيس عما يجول في نفوسنا من كبت وقهر وحسرة على بلد مثل الكويت، ولكن استرعاني مشهد أخير من مشاهد الفوضى التي نعيشها، وهو مصير– مشروع الحرير- هذا المشروع الذي عرفته عن كثب وأعرف أهميته التي وجد من أجلها، إن البحث الآن عن مصير الحرير لا بد ألا ينفصل عن البحث عن أهميته في بلد أحادي الاقتصاد والمورد المالي، والذي يشهد العالم أجمع بمختصيه وخبرائه أن هذا النمط لم ولن يكون ذا نفع أو جدوى في غضون السنوات القليلة القادمة، إنَّ مشروع الحرير هو نقلة نوعية في حالة التوحد الاقتصادي التي تعيشها الكويت والتي من أجلها سنبدأ مرحلة جديدة في اقتصاد متنوع منفتح على العالم لا يعتمد على مورد واحد للمال، بعيد كل البعد عن النظام الرعوي الذي تدار به البلاد منذ سنوات طويلة.

إنَّ الأحداث الأخيرة جعلتني أقف لأبحث عن إجابة لسؤال مهم: هل هناك مشاريع تتبناها الدولة بعيدا عن علاقة هذه المشاريع بالأفراد؟ وهل هناك فعلا استمرارية للمشاريع التي يتبناها الأفراد تحت ظل الدولة ورؤيتها، إن كان للدولة رؤية في الأساس؟ هذه الأسئلة تجعلنا نتفكر ونتفحص سويا سلوك الدولة والحكومة تجاه المشروعات الكبرى وفصلها بين المشروع والشخص القائم عليه؛ لننتقل إلى مصير هذه المشاريع وأهمها مشروع الحرير، فهل بخروج الشيخ ناصر سيقف المشروع ليراوح مكانه الذي اعتاد الوقوف فيه لسنوات طويلة؟ وهل سيسمع أحفادنا عن مشروع الحرير كما سمعنا نحن عنه منذ سنوات الثمانينيات والتسعينيات؟ أعتقد أن سلوك الحكومة لم يتغير تجاه هذا النمط من فصل العلاقة بين مشروعات الدولة والأفراد، وأنَّ المشروعات تتخذ قوتها من خلال قوة الأفراد المشرفين عليها، وهذا ما جعلنا نراوح مكاننا في مشاريع مختلفة مثل مشروع المترو، ومشروع المدن الذكية، ومشروع القطار، وغيرها من مشاريع انتهت بانتهاء الأفراد الذين تولوا مسؤولية هذه المشاريع.

الصراع المحتدم بين أطراف النزاع المستمرة طوال سنوات وسنوات خلَّف لنا هذه العقلية في إدارة الدولة وانعكاسها على مصير البلد الذي سيتضرر منه من لا يملك إلا الكويت فقط موطنا بعيدا عن شقق لندن وفلل تركيا وقصور لوس أنجلوس! لا أعتقد أنَّ من يدير المشهد يولي أهمية كبرى للمستقبل، ولكني على يقين أن اللعبة لعبة صراع نفوذ الأقوى هو من يصمد في السلطة أطول فترة ممكنة ضاربا بالشعب والدولة والتاريخ عرض الحائط، فلا أهمية للحرير ولا القطارات ولا تطوير التعليم أو الصحة، فكل هذه الأمور هي لمن لا يتقنون سوى التذمر واختيار أشخاص غير مسؤولين وغير مؤتمنين على مصالح الشعب وأمواله، ولا يذودون إلا عن مصالحهم ومصالح عوائلهم وقبائلهم وطوائفهم.

خارج النص:

الشعب بالنسبة إلى الحكومة دائما خارج النص.

back to top