ما هي محكمة الوزراء؟

نشر في 19-11-2019
آخر تحديث 19-11-2019 | 00:29
 د. فاطمة خالد المحسن يتم تداول موضوع «محكمة الوزراء» بشكل لافت في الآونة الأخيرة، وتصلني الكثير من الاستفسارات بشأنها، ولذلك ارتأيت - من باب نشر الثقافة القانونية - أن أسلط الضوء عليها.

إن أول ما يجب التنويه إليه أن القانون رقم 88 لسنة 1995 بشأن محاكمة الوزراء صدر امتثالا لأمر المشرع الدستوري، الذي نص في المادة 132 من الدستور على أن «يحدد قانون خاص الجرائم التي تقع من الوزراء في تأدية أعمال وظائفهم، ويبين إجراءات اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة، وذلك دون إخلال بتطبيق القوانين الأخرى بشأن ما يقع منهم من أفعال أو جرائم عادية وما يترتب على أعمالهم من مسئولية مدنية».

وكان أول ما استهل به هذا القانون بأن ذكر أن أحكامه تسري على كل وزير «عضو في مجلس الوزراء»، وذلك لكي يستبعد هؤلاء المعينين على درجة وزير من انطباق أحكامه عليهم، كما بين القانون الجرائم التي يحاكم بشأنها الوزير في محكمة الوزراء، وهي جرائم تم تنظيمها بموجب قوانين جزائية أخرى تتعلق في مجملها بالمال العام وأمن الدولة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب والفساد.

أما إجراءات محاكمة الوزراء - كما بينها القانون - فهي ما سألخصه على النحو التالي:

يبدأ الموضوع بتقديم بلاغ إلى النائب العام، الذي يقوم بدوره بإحالته خلال يومين على الأكثر إلى لجنة تحقيق مشكلة من ثلاثة مستشارين كويتيين من محكمة الاستئناف، وتتولى هذه اللجنة فحص مدى جدية البلاغ بصفة سرية، فإذا قررت اللجنة جدية البلاغ قامت (بنفسها) بالتحقيق دونا عن النيابة العامة المعنية أصلا بالتحقيق في الجنايات.

ويجوز لهذه اللجنة الأمر بأي إجراء تحفظي في مواجهة الوزير المتهم، كالقبض عليه أو حبسه احتياطيا أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو منعه من السفر، بشرط أن يصدر الأمر بذلك بإجماع أعضاء اللجنة المذكورة أعلاه. وهذا طبعا بعد رفع الحصانة النيابية عنه وفقا للإجراءات الخاصة بذلك.

ثم تقوم اللجنة - ما لم تقرر حفظ التحقيق - بإعداد قرار الاتهام وإحالة القضية إلى محكمة خاصة تشكل من خمسة من المستشارين الكويتيين بمحكمة الاستئناف، بشرط ألا يكون عضوا فيها من سبق له أن كان عضوا في اللجنة المذكورة أعلاه. وقد نص القانون على أن يعتبر الوزير في إجازة حتمية بمرتب كامل إلى صيرورة الحكم الصادر في الدعوى باتا أو بحفظ الدعوى.

وتكون الأحكام الصادرة من محكمة الوزراء غير قابلة للطعن عليها إلا بطريق التمييز، بعكس الأحكام الجنائية الأخرى التي يطعن فيها على درجتين، أما عن العقوبات التي توقع على الوزير في حال إدانته بإحدى الجنايات فهي ذات العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجنائية المشار إليها في مطلع المقال، أي أن القانون لا يختص الوزير بعقوبات تختلف عن تلك التي توقع على الأفراد العاديين فيما لو وقعت منهم نفس الأفعال، ولكنه اختصهم بإجراءات تقاض مختلفة عن تلك المعتادة.

أختم هذا المقال بالقول بأن هذا الموضوع يعتبر حقلا قانونيا خصبا لإجراء الدراسات القانونية التي تحصر عدد الوزراء الذين أحيلوا إلى هذه المحكمة منذ نشأتها، والوقوف على الأحكام التي أصدرتها، ومقارنة إجراءات التقاضي أمامها بتلك المعمول بها بالنسبة لذات الجنايات لو ارتكبت من غير الوزراء، لتقييم مدى جدوى القانون 88/95 في تحقيق الغرض منه.

back to top