لبنان: اقتراح حكومي يوازن بين «السياسيّة» ورغبة الشارع

• مبادرة فرنسية وموسكو تستبعد «التكنوقراط»
• عون يطلب دعم الدول العربية
• بري يرفع السرية عن حساباته... و«لبن عصفور» و«ريجيم سياسي» بينه وبين الحريري

نشر في 13-11-2019
آخر تحديث 13-11-2019 | 00:05
إحراق إطارات خلال تظاهرة مناهضة للحكومة اللبنانية في مدينة طرابلس الشمالية أمس (رويترز)
إحراق إطارات خلال تظاهرة مناهضة للحكومة اللبنانية في مدينة طرابلس الشمالية أمس (رويترز)
مع استمرار الحراك الشعبي اللبناني المطالب بالتغيير، لا تزال القوى السياسية الأساسية في السلطة تحاول التوصل إلى صيغة حكومية لا تخرجها من المعادلة وترضي في الوقت نفسه الشارع، وسط بوادر تدويل للأزمة.
عاش لبنان أمس، إضراباً عاماً شاركت فيه قطاعات اقتصادية وطلابية واسعة، مما أعطى دفعة جديدة من الزخم للحراك الشعبي المستمر منذ 27 يوماً.

وغداة كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله التي ترك فيها الباب مفتوحاً أمام كل سيناريوهات حكومية متعددة، قالت مصادر متابعة، أمس، إن "البحث يجري الآن بصيغة حكومية تنال ثقة وقبول مجلس النواب ومكوناته السياسية، والحراك الشعبي في الشارع، والهيئات والمنظمات الدولية المالية والاقتصادية، والدول أصدقاء لبنان والدول المانحة".

وأشارت المصادر إلى أن "هكذا صيغة حكومية يفترض أن تكون قادرة على الحديث مع كل هذه الأطراف، لذلك تأخذ المشاورات الجارية وقتها في استطلاع توجهات كل الأطراف"، كاشفة أنه "في اليومين الماضيين جرت مروحة كبيرة من المشاورات جزء كبير منها كان بعيداً من الأضواء وذلك بهدف إحداث خرق يؤدي إلى حكومة تثق فيها كل الأطراف".

موفد ماكرون

في غضون ذلك، بدأ مبعوث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كريستوف فارنو لقاءاته في بيروت، مساء أمس، في إطار جولة ميدانية على التطورات اللبنانية.

وقالت مصادر سياسية متابعة، إن المسؤول الفرنسي يحمل مبادرة على شكل نصيحة للمسؤولين "بتشكيل حكومة تلبي أولاً مطالب الحراك فتنال ثقته، يرأسها من يملك من المقومات ما يؤهله لإنقاذ البلاد في ظرف بالغ الصعوبة، مع فريق عمل على قدر المسؤولية، على أن تتكفل من خلال اتصالاتها الخارجية بتبديد قلق حزب الله إزاء فقدان قدرة التحكم بسياسة هذه الحكومة من خلال الثلث المعطّل".

وأشارت إلى أن "باريس ومن خلال اتصالاتها الدولية تبدو وفّرت هذه الضمانة للحزب، على الأقل في الفترة الانتقالية إذ لا مساحة كافية للحكومة الإنقاذية لبحث مصير السلاح خارج الشرعية فما ستواجهه من تحديات اقتصادية ومالية واجتماعية يكاد لا يكفي لعمرها المفترض أنه مرتبط بالمهمة التي ستشكل لأجلها".

وتابعت: "ثمة ضمانة أخرى من جانب رئيس الحكومة تتمثل بالتزام سياسة النأي بالنفس قولاً وفعلاً، خصوصاً في المحافل العربية وعدم الانخراط تحت أي عنوان في المحاور والصراعات الإقليمية، علماً أن هذه السياسة شكلت شرطاً من الدول المانحة لتقديم المساعدات في مؤتمر (سيدر)".

وفي موقف يشير إلى أن الأزمة في لبنان قد بدأت تقترب من التدويل، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، تأييد موسكو لمحاولات رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تشكيل الحكومة، لكنه استبعد تشكيل حكومة تكنوقراط معتبراً أن "هذه الفكرة هي أمر غير واقعي في لبنان".

واستقبل رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش مع السفراء الذين يمثلون أعضاء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان. ودعا كوبيش "القيادة اللبنانية إلى تكليف رئيس مجلس الوزراء بصورة عاجلة والبدء بعملية الاستشارات النيابية الملزمة والإسراع إلى أقصى حد في عملية تشكيل حكومة جديدة من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وتحظى بثقة الناس".

وأضاف أن "مصلحة لبنان الوطنية ووحدته يجب أن تكون فوق كل اعتبار. كما أن الحماية المستمرة للمدنيين الذين يتظاهرون سلمياً من قبل القوى الأمنية وأيضاً ضد المحرضين والحفاظ على القانون والنظام وعمل الدولة واقتصادها دون استخدام القوة والعنف هي المسؤولية الرئيسية لقيادة لبنان وقواته الأمنية والوسيلة الوحيدة لضمان السلم الأهلي والوحدة الوطنية".

وشرح عون للوفد وجهة نظره من الظروف التي يمر بها لبنان وموقفه من التطورات السياسية والأمنية والملابسات التي رافقت استقالة الحكومة والاتصالات الجارية لتشكيل حكومة جديدة تعمل على تحقيق الورقة الإصلاحية التي تبنتها الحكومة المستقيلة.

ودعا عون الدول العربية الى مساعدة لبنان للنهوض بالاقتصاد مجددا. وقالت رئاسة الجمهورية اللبنانية، في بيان، إن الرئيس عون أطلع السفراء العرب المقيمين في لبنان على تطورات الأوضاع منذ 17 أكتوبر الماضي.

وشارك في الاجتماع عميد السلك الدبلوماسي العربي السفير الكويتي عبدالعال القناعي وسفراء مصر والسعودية وقطر والإمارات والمغرب وعمان والسودان وسورية وفلسطين والجزائر والأردن والعراق وجامعة الدول العربية.

بعد الكلام المنسوب لرئيس مجلس النواب نبيه بري في صحيفة "النهار"، أمس، أنه سيكون "على عداء مع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إلى ‏الأبد إذا رفض تشكيل الحكومة"، نقل أحد زوار بيت الوسط عن الأخير أمس، أن "الرئيس بري أخ كبير، وقلبو الكبير ما بيتحمل يكون على عداء ‏معي إلى الأبد. وأنا بشكرو فعلاً على لبن العصفور مع العلم أنني متوقف عن تناول الألبان ‏والأجبان، وحالة البلد بدها ريجيم سياسي"، مضيفاً: "صداقة الرئيس بري ومحبتو واحترامو بتتقدم عندي ‏على أي اعتبارات وما في شي بالدني بيحطنا بخانة العداوة".

وتأتي التطورات السياسية في وقت شل البلد أمس بسبب الإضراب العام. وتجمع عدد من المحتجين أمام قصر العدل في العاصمة بيروت مقفلين مداخله، "دعماً لاستقلالية القضاء والضغط على السلطة السياسية للبدء بالاستشارات النيابية". كما تجمع عدد من الطلاب أمام وزارة التربية في "اليونيسكو". كما بدأ موظفو الشركتين المشغلتين لقطاع الخليوي "ألفا" و"تاتش" إضرابهم المفتوح، وتوقفوا عن العمل في المراكز الرئيسية للشركتين، وفي المناطق. وحضر الموظفون إلى أماكن عملهم، لكنهم اعتصموا خارجها، رافعين شعارات مطلبية تدافع عن حقوقهم. تجمع المتظاهرون بساحة النور في مدينة طرابلس. وأعلنت المدارس والجامعات والمعاهد والمهنيات إقفال أبوابها أمام التلاميذ والطلاب. وفي الجنوب، أقفل المتظاهرون مؤسسة كهرباء لبنان في مدينة صيدا، ثم انتقلوا إلى مبنى "أوجيرو" حيث افترشوا الأرض. ويستمر إضراب قطاع البنوك اليوم مع إعلان رئيس اتحاد نقابات موظفي مصارف لبنان "الإضراب المفتوح" بعد تعثر المفاوضات مع "جمعية المصارف".

وكان لافتاً أمس، خبر إقدام الرئيس بري وزوجته رندة عاصي على رفع سريتهما المصرفية عن حساباتهما في الداخل والخارج.

back to top