هجرة الطواويش لحظة تاريخية فارقة في تاريخ الكويت الحديث (4/4)

في دراسة للباحث بدر الحتيتة المطيري تحكي قصة «هجرة طواويش الكويت 1910»

نشر في 31-10-2019
آخر تحديث 31-10-2019 | 00:03
يرصد الكتاب بداية بروز مجتمع مدني حديث في الكويت، فجاء في خمسة فصول وخمسة عشر ملحقا منوعا من مخطوطات ورسائل موجّهة بمناسبات متعددة من حاكم الكويت آنذاك الشيخ مبارك الصباح، وطواويش الكويت الكبار، والمعتمد السياسي البريطاني الكابتن شكسبير في الكويت، والوكيل السياسي البريطاني في البحرين.
استفاد الكاتب من مراجع متعددة لتوثيق رواياته عن تلك الفترة من تاريخ الكويت من مؤلفين كويتيين ووثائق أجنبية، فضلاً عن استناده إلى الشعر النبطي الذي تداوله الناس آنذاك، وما زال خالداً في ذاكرة كثير من الكويتيين، ليمنح الكتاب ميزة عن غيره من الكتب.
فلا يعد الكتاب في مجال السير الذاتية أو الأحداث التاريخية، بل هو، إضافة إلى ذلك، دراسة تحليلية اجتماعية، فضلا عن تتبّعه تاريخ طواويش الكويت الذين كانوا ذوي شأن عظيم في تلك الفترة.
كما يحفل الكتاب بصور لمخطوطات ووثائق مهمة صادرة عن حاكم الكويت أو عن الوكيل السياسي البريطاني، أو عن طواويش الكويت، وعلى رأسهم هلال فجحان المطيري، وما تركته هجرته للكويت من آثار على المجتمع وفيما يلي تفاصيل الحلقة الرابعة والأخيرة.
استقر هلال المطيري في البحرين في منطقة «القضيبية» التي منحه فيها الشيخ عيسى آل خليفة قطعة أرض، وكانت وقتها صحراء، وقام هلال ببناء مساكن واستعدادات لممارسة نشاطه التجاري في الطواشة وتجارة اللؤلؤ وما يتبعها، وبقي هلال المطيري فيها طوال فترة إقامته في البحرين بدءا من سبتمبر 1910 حتى سبتمبر 1911م.

وذكر الوكيل السياسي البريطاني في الكويت النقيب شكسبير في رسالة مؤرخة في 4 اكتوبر 1910م إلى نظيره في البحرين ما كينزي أنه سمع من إبراهيم بن مضف ان شملان بن علي بن سيف حمل رسالة من الشيخ مبارك الصباح الى هلال المطيري ورسالة اخرى الى الشيخ عيسى آل خليفة وتعهد الشيخ مبارك في كلتا الرسالتين بالأمان الكامل لهلال، إذا أراد العودة وقال: «أخبرني ابراهيم المضف الذي رأى الرسالة أن رسالة الشيخ مبارك كانت تصالحية بشكل استثنائي، وأن ابراهيم قد كتب بنفسه إلى هلال».

بعد أن حسمت الأمور، وعاد الى الكويت من عاد، بقي هلال المطيري مقيماً في البحرين، وقد أرسل الشيخ مبارك الصباح رسالة الى هلال المطيري يشرح فيها موقفه، ويطلب من هلال العودة لوطنه الكويت، وبعث هلال المطيري رسالة جوابية الى الشيخ مبارك الصباح صاغها على هيئة قصيدة شعرية سياسية تشرح وجهة نظره وتبين موقفه، ويبدو أن هلال قد اختار هذا الأسلوب الإعلامي الوحيد المتاح في ذلك الوقت لمخاطبة الرأي العام داخل الكويت وخارجها، ويشير ذلك الأسلوب من جانب آخر إلى عناية هلال بالشعر والشعراء كوسيلة وظيفتها الإعلام العام من جهة، وحرصه على الدفاع عن سمعته لدى الناس عموماً، وحساسيته الشديدة تجاه ما يمسها ويخدشها من جهة أخرى.

رد هلال على الشيخ مبارك

كتب هلال المطيري رسالة للشيخ جابر مبارك الصباح يعتب فيها على أبيه الشيخ مبارك وانخداعه بمدح أو ذم خدامه وإصغائه لما يقولون، فعرض الشيخ جابر الرسالة بدوره على والده الشيخ مبارك الذي ساءه ما جاء فيها، ولكنه لم يمنع عائلة هلال من السفر إليه في البحرين، بل سمح لهم بالسفر فانقطعت صلة هلال بالكويت ولكن الى حين.

بدأت في الكويت مساع لإيجاد مخرج لحل مسألة عودة هلال المطيري الى الكويت قبل بدء موسم الغوص القادم في ابريل- سبتمبر 1911م.

ومن هذه المساعي ما قام به شملان بن علي الرومي عندما راجع الشيخ مبارك الصباح متلطقا بتخطئته في عمله، وقال له: «إن وجود هلال في البحرين فيه ضرر عليك وعلى بلدك، فإن البلد تنتفع من ثروة هلال بما لا يقل عن خمسين ألفا من الروبيات يبذلها للفقراء والمحتاجين، زيادة على ذلك فبقاؤه هناك يكون مركزا لمن يريد الهجرة اليه من أهل الكويت فالرأي ألا تفرط فيه مهما كان الحال».

علم الشيخ مبارك أن وجهة نظر شملان صائبة فعزم على التساهل مع المهاجر وعلى أن يرجعه مهما حمله ذلك من تنازل فقال لشملان: «ما مضى قد فات وسأبحث فيما بعد في حال مرضية».

وتشاور الشيخ مبارك الصباح، في صيف 1911م، مع الشيخ خزعل بن جابر المرداو حاكم المحمرة وصديق الشيخ مبارك المقرب حول عزم الشيخ مبارك إرسال ابنه الشيخ جابر إلى البحرين للتصالح مع هلال المطيري، فقال له الشيخ خزعل: «إن الشيخ جابر أخو الشيخ سالم، ولو كان هلال يريد الرجوع لرجع معه، وأرى أن تذهب أنت بنفسك يا شيخ مبارك وإلا فالمسألة سوف تتضخم».

هلال يعود والشيخ مبارك يلبي رغباته

عاد هلال فجحان المطيري في نهاية سبتمبر 1911م إلى وطنه الكويت معززاً مكرماً بعد هجرة طوعية امتدت عاماً كاملاً، وأحاط الشيخ مبارك الصباح الطواش هلال المطيري بالاحترام والتقدير اللائقين، ومن باب التقدير لبى الشيخ مبارك رغبات هلال التي أبداها له وهي:

- إسقاط رسم الودي (المفروض على كل من يريد جلب بضاعة إلى الكويت من تمر وماشية ومنتجات البادية وقدره نصف روبية) عن جماعة هلال (قبيلة مطير) من خلال شهادة تثبت ذلك.

- عدم إرسال يوسف الدويري، ومن شاكله، مندوباً للشيخ مبارك إلى هلال المطيري، وعدم الاكتفاء بما ينقل إليه من رجاله عن هلال والطواويش، وسؤالهم مباشرة عن أي أمر يبلغه عنهم للتثبت وعدم التسرع.

- توزيع التكاليف المالية التي يحتاج إليها الشيخ مبارك لتجهيز بيرق الغزو بعدالة.

توجه الشيخ مبارك للبحرين

عزم الشيخ مبارك على السفر إلى البحرين لمقابلة هلال وإقناعه بالعودة إلى الكويت، وهناك استقبل شيخ البحرين ضيفه الشيخ مبارك بحفاوة كبيرة، وكان الغرض الفعلي للزيارة عودة هلال المطيري، أغنى تاجر لؤلؤ كويتي، فغادر الشيخ مبارك الكويت الى البحرين في 6 يوليو وعاد منها في 18 يوليو 1911م وضم الوفد المرافق له كلا من: شملان الرومي وإبراهيم بن مضف وناصر البدر وآخرين من أعيان الكويت.

ويروي حمد ناصر البراك، أحد مرافقي هلال المطيري في هجرته ومن المقربين منه وقتها في مقابلة مع تلفزيون الكويت، تفاصيل زيارة ولقاء الشيخ مبارك الصباح مع هلال المطيري في ديوان الشيخ عيسى آل خليفة حاكم البحرين: بعد وصول الشيخ مبارك الصباح الى البحرين قام بزيارة هلال المطيري في ديوانه بمنطقة القضيبية عصراً لتناول القهوة عنده دون ان يفتح موضوع عودته، وأقام الشيخ عيسى آل خليفة مساء اليوم نفسه حفل عشاء حافلا على شرف الشيخ مبارك الصباح ومرافقيه حضره أعيان البحرين والكويت، وكان هلال المطيري من ضمن المدعوين.

وبعد تناول العشاء، بادر الشيخ مبارك بتوجيه الكلام إلى هلال ودار حوار طويل وافق بعده هلال المطيري على العودة إلى الكويت بعد أن أخذ الامان.

أثر الهجرة في بروز مجتمع مدني

انتهت فصول حادثة هجرة الطواويش لتبدأ فعلها وتظهر آثارها في إعادة تشكيل الحياة العامة للمجتمع الكويتي، لا سيما على صعيد العلاقة بين الشيخ الحاكم والشعب، وكان أكبر أثر تركته الحادثة انخفاض منسوب الخوف والرهبة في نفوس الناس عموما وأعيان البلد ونخبها خصوصاً.

وتمثل حادثة هجرة الطواويش لحظة تاريخية فارقة وتطوّراً نوعياً في تاريخ الكويت المدني الحديث، تجسّدت فيه نواة مجتمع مدني ناشئ في الكويت، له كيانه المستقل وموقفه وقراره المعلن في قضية عامة تحسم مصيره.

لقد كان تأثير هجرة الطواويش على سلوك وقرارات السلطة متمثلة بالشيخ مبارك الصباح واضحا للعيان، وأحدثت الأثر المطلوب منها وهو إصلاح الإدارة العامة وعدم التفرد بالقرار في القضايا المصيرية التي تهم الكويت بأسرها شعباً ونظاماً؛ والحدّ من المغامرات العسكرية التي جلبت الويلات على البلد وأهله، وخسرت الكويت بسببها رصيداً استراتيجياً من المهابة والنفوذ في الخارج، من جراء الهزيمة في معركة الصريف، في عام ۱۹۰۱م والهزيمة في معركة هدية في عام 1910م.

كما أدت الهجرة إلى إزالة عوائق نفسية وسياسية ومادية أمام شرائح مهمة من المجتمع، بل فتحت الباب لمبادرات اجتماعية عامة متنوعة تعبر عن بروز مجتمع مدني ناشئ ومتحفز، يسعى بجهوده وإمكاناته ومبادراته نحو تنظيم شؤونه وتلبية احتياجاته بشكل حر.

موقف الشيخ مبارك بعد هجرة الطواويش

كانت السياسة التي انتهجها الشيخ مبارك الصباح وأسلوب حكمه في الإدارة السياسية والاقتصادية المحلية والأمنية الخارجية وقرارته بشأنها حتى شهر مايو 1910م سبباً في تأزيم الوضع وتعقد علاقته بالمجتمع عموماً والطواويش خصوصا، مما دفع بكبارهم إلى الهجرة، كما كان القرار الحكيم والشجاع للشيخ مبارك وسفره إلى البحرين لإقناع الطواش هلال المطيري بالعودة إلى الكويت سبباً في حلحلة الوضع، وإنهاء الأزمة السياسية الخطيرة التي كادت تعصف بمركز الكويت الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

وأكدت التقارير السنوية للوكالة السياسية البريطانية في الكويت الأوضاع الداخلية للأعوام من 1911 حتى 1915 أن الشيخ مبارك عدل كثيراً من سياسته في جباية الأموال من التجار والشعب، وخفف التكاليف والأعباء المالية غير النمطية التي كان يأخذها حتى نهاية فترة حكمه في عام 1915، وكان من ثمار هذا الوفر المالي النسبي الذي تحقق بدءاً من عام 1911، بسبب مزيج من انخفاض الأعباء الضريبية من جهة، وازدهار مواسم الغوص من جهة أخرى، تهيئة الظروف المادية للمبادرة بتنفيذ مشاريع اجتماعية عامة مستحقة مثل إنشاء تعليم نظامي حديث في البلد عبر تأسيس المدرسة المباركية وافتتاحها في ديسمبر 1911، وكان في صدارة المتبرعين لمشروع المدرسة الطواويش هلال المطيري وشملان بن علي الرومي وإبراهيم المضف أقطاب حادثة الهجرة.

كان العاملون في مهنة الغوص من طواويش أو تجار اللؤلؤ ونواخذة وبحرية من غواويص وسيوب وقلاليف ومن يعمل لخدمتهم ويستفيد منهم من التجار وغيرهم، هم المتضررون الأساسيون من قرارات الشيخ مبارك الصباح المتعلقة بمعركة هدية، لاسيما قرار منع الخروج للغوص في ذلك العام، والذي تم التراجع عنه لاحقا بسبب ظهور معارضة له.

الغوص وطواويشه المهاجرون

تعتبر مهنة الغوص على اللؤلؤ والاتجار به الصناعة الرئيسة التي يقوم عليها اقتصاد الكويت خلال الفترة الزمنية التي حدثت فيها هجرة الطواويش، وكان يعمل في الغوص حوالي نصف عدد سكان الكويت.

وقد رسم د. يعقوب الحجي صورة معبرة عن حالة الكويت وواقع المجتمع في موسم الغوص عندما قال: «إن أثر حرفة الغوص على السكان قد بلغ إلى حد أن الكويت كانت تخلو من شبابها وقوة العمل بها خلال موسم الغوص على اللؤلؤ الذي شغل معظم شهور الصيف (من شهر يونيو حتى شهر سبتمبر) نظرا لذهابهم في السفن للغوص في مياه الخليج، حتى أن البلد لا يكاد يبقى فيه أحد سوى النساء والأطفال وكبار السن من الرجال».

ويكمل د. الججي شرح واقع وأثر الغوص على اللؤلؤ على المجتمع حيث يشير إلى: «أن عوائد الغوص المالية تشكل ثلث حجم الناتج القومي للكويت، ويعتاش منه البحارة وملاك السفن وصناعها ويوفر فرصا للعمل والكسب لسكان البادية المحيطة بالكويت، وتستفيد منه الحكومة (الحاكم) عبر الرسوم التي تجنيها على سفن الغوص نظرا لحصولها على نصيب أو سهم غواص من كل سفينة تحصل على لؤلؤ (قلاطة الشيوخ) كما يوفر حاصل بيع اللؤلؤ مالا للتاجر حين يعرض عليه اللؤلؤ قبل غيره لشرائه بسعر أقل، وهذا بدوره يوفر فرصة للربح لتاجر اللؤلؤ أو الطواش الموجود في الأسواق العالمية، حيث يبيع ما اشتراه من لؤلؤ بأسعار عالية. كل هذا يوفره حاصل بيع اللؤلؤ، فلا عجب أن يضطر الشيخ مبارك الصباح إلى الذهاب الى البحرين بشخصه لاسترضاء التاجر (الطواش) هلال بن فجحان المطيري لكي يعود (هو وجماعته) الى الكويت ويشارك في حرفة الغوص فيها بدلا من البحرين.

ويخلص د.يعقوب الحجي في وصفه لطبيعة العمل في الغوص الى: «أن الغوص على اللؤلؤ كان جحيما للبحارة لا يدانيه جحيم ومع صعوبته ورذالته، وهذا حق لا جدال فيه، ومع ظهور تجاره ونواخذته بمظهر الظلام وقساة القلوب، ومع أن الممولين لسفن الغوص يحسبون على أموالهم فوائد معينة، ومع أن الكثير من تجار الكويت لم يتدخلوا في حرفة الغوص بل تركوها لأهلها، إلا أنه كان عملا لابد منه».

أبرز الطواويش والنواخذة المهاجرين

1- الطواش: هلال بن فجحان المطيري

2- الطواش: شملان بن علي بن سيف الرومي

3- الطواش: إبراهيم بن مضف

4- الطواش: راشد بورسلي

5- الطواش: أحمد المناعي وإخوانه

6- الطواش: سعد الناهض السهلي

7- الطواش: صالح المسباح

8- الطواش: جاسم العصفور

9- الطواش: عيسى العصفور

10- النوخذة: أحمد بن دبوس

11- النوخذة: ناصر النجدي

هلال المطيري أغنى تاجر لؤلؤ في الخليج العربي

برز الطواش هلال المطيري من بين قادة حادثة الهجرة، إن لم يكن القائد فعلا لها، لعدة عوامل، لعل أهمها سيره في شوط الهجرة إلى منتهاه، حتى قيام الشيخ مبارك الصباح بالسفر إلى البحرين لاسترضائه وإقناعه بالعودة.

وقد قدمت زهرة فريث- ابنة الوكيل السياسي البريطاني في الكويت- خلال الفترة من عام 1929م حتى عام 1936م، هارولد دكسن، المشهور محليا بكنيته «أبو سعود»، تعريفا مختصراً عنه صاغته بأسلوب ممتع، فذكرت أنه «ينتمي إلى أسرة بدوية فقيرة تنحدر من فخذ الدياحين من قبيلة مطير «وقد هاجر معها وهو صغير من منطقة مهد الذهب بالقرب من المدينة المنورة في بادية الحجاز الواقعة على طريق قوافل الحج، حيث تبدأ منها ديار قبيلة مطير، مرورا بقرى نجد، وتمتد ديار مطير لتصل إلى حدود الكويت في أقصى شمال شرق الجزيرة العربية».

دخل هلال الغوص في الموسم الأول بالنسبة إليه، واختار أن يمارس غوص العزّال: أي الغوص لحسابه الخاص دون سلف من النوخذة والارتباط معه، إنما يدفع نسبة من محصوله لصاحب السفينة، واستطاع في نهاية السنة السادسة أو السابعة أن يجمع رأسمالاً مكنه من شراء سفينة صغيرة، فأصبح بعدها نوخذة يخرج إلى الغوص لحسابه بعدما كان غواصا فقط، وصار لديه طاقم من الموظفين وديوان مثل ما لدى (أمير الكويت) ويضم الطاقم مرافقين وأتباعاً مخلصين له».

وقدرت المصادر التاريخية حجم ثروته بمبلغ ثمانية ملايين روبية، فضلاً عن أنه يتميز بوزن اجتماعي ووطني خاص في الكويت بسبب مساهماته الطوعية المتنوعة التي اشتهر ببذلها من إخراج الزكاة لمستحقيها، وإكرام للضيف، وبر بالأقربين، ورعاية للمساجد والعاملين فيها، وتبرع لكل المشاريع الخيرية العامة، وغيرها كثير، والتي تكشف في مجموعها القيمة الاجتماعية المضافة التي يتمتع بها هلال المطيري مقارنة بكثير من أقرانه من التجار والمتنفذين، ولعل هذه الخصال الحميدة هي التي تجعل هلال محبوباً ومتبوعاً في الوقت نفسه.

رأي النجار والوقيان في الهجرة

أطلق د. غانم النجار مصطلح «المعارضة الانسحابية» على حادثة هجرة الطواويش، وقال إنها «تمثل أحد أشكال الاحتجاج القديمة في العملية السياسية، وكانت أشهر تجلياتها هجرة تجارة اللؤلؤ إبان حكم الشيخ مبارك الصباح في أوائل القرن الماضي، احتجاجاً على سلوكيات الحاكم».

وأورد د. خليفة الوقيان توصيفاً وتحليلاً مماثلاً، عندما كتب عن الأداء السياسي العام في عهد الشيخ مبارك الصباح، تحت عنوان «الاتجاه الديمقراطي»، حيث تحدث عن تفرد الشيخ مبارك في انتهاج بعض السياسيات دون استشارة قومه، ومنها:

1- عقد اتفاقية الحماية مع بريطانيا في عام 1899م.

2- زيادة الضرائب على الكويتيين.

3- منع الكويتيين من الذهاب إلى الغوص في أحد المواسم (عام 1910م).

4- الدخول في بعض المعارك غير الدفاعية (الصريف في عام 1901 وهدية في عام 1910م التي دفع الكويتيون فيها الكثر من الضحايا بسبب طموحاته الكبيرة بوصفه أحد كبار قادة المنطقة.

5- طلبه تجنيد الكويتيين لمساعدة الشيخ خزعل (بن جابر المرداو، حاكم عربستان) حين اشتعلت الثورة ضده لمساعدته أعداء الدولة العثمانية.

قرار الشيخ مبارك الحكيم بالسفر إلى البحرين لإقناع هلال المطيري بالعودة إلى الكويت كان سبباً في إنهاء الأزمة السياسية الخطيرة

أكبر أثر تركته حادثة الهجرة انخفاض منسوب الخوف والرهبة في نفوس الناس عموماً... وأعيان البلد ونخبها خصوصاً

الهجرة أحدثت أثرها المطلوب وهو إصلاح الإدارة العامة وعدم التفرد بالقرار في القضايا المصيرية

هجرة الطواويش فتحت الباب لمبادرات مجتمع مدني يسعى نحو تنظيم شؤونه وتلبية احتياجاته بشكل حر
back to top