«القضاء»: لا سند دستورياً لـقيام «الأحزاب» بالكويت

في رده على الاقتراح بقانون بتنظيم الهيئات السياسية بناء على طلب «التشريعية»

نشر في 17-10-2019
آخر تحديث 17-10-2019 | 00:05
No Image Caption
أكد المجلس الأعلى للقضاء أن الاقتراح بقانون بشأن تنظيم الهيئات السياسية المقدم من النواب محمد الدلال، وأسامة الشاهين، وعبدالله فهاد، وعادل الدمخي، وشاركهم في تقديمه أيضاً النائب الذي أسقطت المحكمة الدستورية عضويته جمعان الحربش يفتقد السند الصحيح والتبرير السائغ.

جاء ذلك في كتاب أرسله «القضاء» إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية التي تنظر الاقتراح بقانون المشار إليه بناء على طلب اللجنة رأيه به، وحصلت «الجريدة» على نسخة منه.

واستعرض المجلس الأعلى للقضاء، في بداية رده، الاقتراح بقانون المشار إليه، حسب ما ورد في نصه ومذكرته الإيضاحية، إذ يهدف إلى «إصدار قانون جديد بشأن تنظيم الهيئات السياسية يتكون من ستة أبواب خصص الباب الأول منها للأحكام التمهيدية، في حين عُني الثاني بلجنة شؤون الهيئات السياسية، وتمحور الثالث حول إنشاء واندماج وحل الهيئات السياسية، فيما خصص الباب الرابع للنظام الأساسي والداخلي للهيئة السياسية ومواردها المالية والتصرف فيها، والباب الخامس للاختصاص والعقوبات، بينما خصص الباب السادس والأخير للأحكام الختامية».

وتابع «القضاء»: جاء في المذكرة الإيضاحية للاقتراح بقانون أن الدستور الكويتي نصّ على الشورى والعمل الديمقراطي، وجاءت نصوص المذكرة التفسيرية له تأكيداً لأهمية مشاركة جميع فئات الشعب الكويتي في إطار العمل المشترك والاختيار والمشاورة العامة بما فيها اختيار أعلى المناصب القيادية في الدولة وأبرزها منصب رئيس مجلس الوزراء.

وجاء في المذكرة التفسيرية للدستور بشأن المادة 56 منه أن المشاورات التقليدية، التي يجريها سمو الأمير تشمل ممثلي الجماعات السياسية، التي توازي الهيئات السياسية والأحزاب بمفهومها العام، وبما أن الديمقراطية التي ينشدها المشروع الدستوري تستوجب لاستكمالها وجود الهيئات السياسية التي هي قائمة بأمر الواقع وليس قانوناً، وتمارس أدواراً مختلفة في الحراك السياسي العام مما يتطلب معها أن يأتي قانون يساهم في التنظيم لها، ويكفل ترشيد العمل السياسي وتطويره وتنظيمه وتقنينه وفقاً للقواعد والمبادئ الدستورية، وهو ما دفع إلى التقدم بهذا الاقتراح بقانون بشأن تنظيم الهيئات السياسية». هنا انتهى شرح المذكرة اليضاحية للاقتراح بقانون.

وبالنسبة لرأيه، قال القضاء إنه: من حيث أنه لما كان بين مما سلف أن الاقتراح بقانون يستمد فكرته وسنده من نص المادة 56 من الدستور في فقرتها الأولى على أن «يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه... وما جاء بالمذكرة التفسيرية للدستور من هذه الفقرة من أن عبارة «المشاورات التقليدية» الواردة بها هي المشاورات التي تسبق تعيين رئيس مجلس الوزراء والتي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها، رئيس مجلس الأمة ورؤساء الجماعات السياسية ورؤساء الوزارات السابقون الذين يرى رئيس الدولة، والمقصود بعبارة رؤساء الجماعات السياسية المذكورة هي الهيئات السياسية والأحزاب بمفهومها العام».

وأضاف: لما كان ذلك، وكان الواضح من نصوص الدستور الكويتي وحسبما يبين من مذكرته التفسيرية أن الدستور يركز على أصل جوهري يعد بمنزلة العمود الفقري لهذا الدستور، وهو الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره فلقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون بروح الأسرة تربط بينهم كافة، حكاماً ومحكومين، ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة ومراسم شكلية باعدت بين حكام ومحكوم.

وحدة الوطن

وقال «القضاء»: ومن هنا اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم أن يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي، الذي تبناه طريقاً وسطاً بين النظام البرلماني والرئاسي، مع انعطاف أكبر نحو أولهما كان أريد بهذا الانعطاف ألا يفقد الحكم طابعه الشعبي في الرقابة البرلمانية أو يجافي تراثنا التقليدي في الشورى وفي التعقيب السريع على أسلوب الحكم وتصرفات الحاكمين، ولم ينس الدستور عيوب النظام البرلماني، التي كشفت عنها التجارب الدستورية، ولم تحجب عن نظرة ميزة الاستقرار، التي يعتز بها النظام الرئاسي، لذلك فقد عمل الدستور على تحقيق التوفيق بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بأسلوب مزدوج يحقق سلامة الحكم الديمقراطي في البلاد والحفاظ على وحدة الوطن واستقراره.

واستطرد «القضاء» قائلاً: وفي هذا المضمار حرص الدستور على عدم النص على حق تكوين الأحزاب والهيئات السياسية، لما يترتب على ذلك من خطر على سلامة الحكم الديمقراطي ووحدة الوطن واستقراره، وهو ما عبرت عنه المذكرة التفسيرية للدستور- في مقام الحديث عن المسؤولية الوزارية التضامنية أمام البرلمان بقولها، فهذه المسؤولية هي التي يخشى أن تجعل من الحكم هدفاً لمعركة لا هوادة فيها بين الأحزاب، بل وتجعل من هذا الهدف سبباً رئيسياً للانتماء إلى هذا الحزب أو ذاك، وليس أخطر على سلامة الحكم الديمقراطي من أن يكون هذا الانحراف أساسياً لبناء الأحزاب السياسية في الدولة بدلاً من البرامج والمبادئ، وأن يكون الحكم غاية لا مجرد وسيلة لتحقيق حكم أسلم وحياة أفضل، وإذا آل أمر الحكم الديمقراطي إلى مثل ذلك ضيعت الحقوق والحريات باسم حمايتها وحرف العمل السياسي عن موضعه ليصبح تجارة باسم الوطنية ومن ثم ينفرط عقد التضامن الوزاري على صخرة المصالح الشخصية الخفية كما تتشقق الكتلة الشعبية داخل البرلمان وخارجه مما يفقد المجالس النيابية قوتها والشعب وحدته».

ويشير المجلس الأعلى للقضاء إلى أن ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة رقم 56 من الدستور من أن يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه أو ما جاء بالمذكرة التفسيرية عن هذه الفقرة من أن المشاورات التقليدية هي المشاورات التي يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر الشخصيات السياسية صاحبة الرأي في البلاد وفي مقدمتها رئيس مجلس الأمة ورؤساء الوزراء السابقون الذين يرى رئيس الدولة من المفيد أن يستطلع آراءهم ومن إليهم من أصحاب الرأي السياسي لا يعني حتمية القول، إن الدستور الكويتي يدعو إلى المسارعة لوجود الهيئات والأحزاب السياسية أو يكفي بذاته سنداً لقيامها، هذا إلى أن ما درج عليه الأمر في شأن المشاورات التقليدية التي تتم بشأن تعيين رئيس مجلس الوزراء أن يستطلع بموجبها رئيس الدولة وجهة نظر رئيس مجلس الأمة ورؤساء الوزراء السابقين، ولما كان مما تقدم فإن المجلس الأعلى للقضاء يرى أن الاقتراح بقانون بشأن تنظيم الهيئات السياسية يفتقد إلى السند الصحيح والتبرير السائغ.

الناس امتازت بهذا البلد عبر قرون بروح الأسرة حكاماً ومحكومين

الدستور حرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم واتخذ طريقاً وسطاً بين النظامين البرلماني والرئاسي
back to top