خاص

الأنبا أنطونيوس لـ الجريدة•: الأقباط بالكويت يمارسون طقوسهم بمنتهى الحرية والأمان

«نصلي من أجل سلامة الأمير ونتمنى عودة سموه معافى... سريعاً»

نشر في 08-10-2019
آخر تحديث 08-10-2019 | 00:06
أكد مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى الأنبا أنطونيوس أن الكنيسة تصلي من أجل الكويت، ومن أجل سلامة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وتدعو العلي القدير أن يرجع سموه إلى وطنه وشعبه سالما معافى في القريب العاجل، لقيادة البلاد نحو مزيد من التقدم والرخاء والسلام والاستقرار.

وأضاف الأنبا أنطونيوس، في حوار مع «الجريدة» بمناسبة زيارته الحالية للكويت, أن حكمة سموه في إدارة البلاد وسياسته الحكيمة انعكستا على سياسة الكويت التي لا تفرق بين الطوائف والأعراق، مؤكداً أن الحريات الدينية في الكويت مكفولة بدليل وجود كاتدرائية مار مرقس للأقباط الأرثوذوكس في حولي، وهي واحدة من أجمل الكاتدرائيات على الإطلاق، فضلاً عن الريادة الكويتية في مجال حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن الكنيسة القبطية في الكويت تشارك المجتمع الكويتي مناسباته المختلفة، مبيناً أن الشعب الكويتي مضياف وودود.

وذكر أن الكنيسة تبحث عن السلام، وتصلي باستمرار من أجل إحلاله في العالم أجمع، موضحاً أن الحروب والصراعات والاضطرابات تحرم الشعوب العمل والإبداع والابتكار والإنجاز. وأكد أن إسرائيل تعمل جاهدة على طمس الهوية المصرية والعربية والقبطية في دير السلطان التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالقدس، ونزع ملكيته منها، مشدداً على أن هذا الدير مملوك للأقباط منذ القرن السابع الميلادي، ونملك وثائق تُثبت ذلك، أقدمها يرجع إلى عام 1680 م، وآخرها إلى 1961م.

وفيما يلي نص الحوار:

* بداية ما الهدف من زيارتك للكويت؟

- كما هو معروف لنا شعب قبطي في الكويت، وقد ائتمنني الله على هذه الرعية، ومن وقت إلى آخر يكون لي زيارات للاطمئنان على الرعية والشعب ومعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم. ويقيم في الكويت عدد من الآباء القمامصة والقساوسة الموجودين هنا بشكل دائم لخدمة الشعب القبطي، لكنني أزور الكويت من حين لآخر، حيث إنها من البلدان التي أتولى رعايتها دينيا، وهي إلى جانب الكويت، سورية ولبنان والعراق والقدس والأردن.

* صف لنا مشاعركم تجاه الكويت وأميرها وشعبها؟

- نصلي باستمرار من أجل الكويت ومسؤوليها وإدارتها، وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من الشخصيات المتميزة عالميا وعربيا، ومعروف عن سموه حكمته في إدارة البلاد، وقد انعكست سياسته الحكيمة على سياسة الكويت التي لا تفرق بين طائفة وأخرى وبين عرق وآخر.

وأرى أن المصريين الذين يقيمون في الكويت يشعرون بأنهم في وطنهم وعلى أرضهم وفي بلدهم الثاني، ولا يشعرون أنهم غرباء، وهو ما يدل على رحابة صدر الشعب الكويتي ومسؤوليه وعلى رأسهم صاحب السمو، ونصلي جميعا من أجل سلامة سموه ونتمنى له العودة السريعة السالمة إلى وطنه وعمله في قيادة البلاد نحو مزيد من التقدم والرخاء والسلام والاستقرار.

غبقة رمضان

*في شهر رمضان الماضي شاركتم في غبقة المحبة التي تنظمها كاتدرائية مارمرقس في الكويت سنويا، وكان لكم كلمة بالمناسبة، كيف رأيتم المشاركة المجتمعية وهذا التنوع اللافت في الغبقة؟

- يتميز شعب الكويت بأنه ودود ومحب للضيوف، ويتعامل معهم بود وطيبة شديدة ويعطيهم شعورا بأنهم أصحاب مكان لا ضيوف. وقد لمست خلال تلك الغبقة محبة غامرة تسود الجميع، وعمق العلاقات بين الكويت ومصر، فقد كنا في قاعة واحدة وطوائف متعددة ولم نشعر للحظة بأننا ضيوف في الكويت، ولكننا شعرنا أننا وسط أسرتنا وأهلنا وهذا ما يعطيه الشعب الكويتي للغريب.

ونحن ككنيسة قبطية نندمج في أي مجتمع ولا نعيش كمجموعة منغلقة على ذاتها، ولكن نتشارك في المجتمع الذي نعيش فيه ونشاركه أفراحه وأحزانه ومناسباته المختلفة.

وهذه الأجواء الودية التي نعيشها في الكويت هي ذاتها التي نعيشها في مصر، خصوصا خلال المناسبات الدينية مثل موائد الوحدة الوطنية في شهر رمضان المبارك وتبادل التهاني بين البابا وشيخ الأزهر. وهذه اللقاءات تزيد من الأجواء الأخوية والودية بين طوائف المجتمع المختلفة.

حقوق الإنسان

*كيف تنظرون إلى تجربة الكويت في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وفي مجال الحريات الدينية بشكل خاص على المستويين الرسمي والشعبي؟

- لست متعمقا في السياسة الكويتية، ولكن من خلال متابعتي البسيطة أرى أن الكويت رائدة في مجال حقوق الإنسان، وكل إنسان فيها يحصل على حقوقه التي يكفلها له الدستور والقانون. فكل إنسان له ما له من حقوق وعليه ما عليه من واجبات، كما تنص القوانين.

وقد تجد في دول أخرى أنك تفعل ما يجب عليك القيام بفعله، ولا تحصل على حقوقك، ولكن في الكويت كل إنسان يحصل على حقوقه وهي سمة من سمات المجتمعات المتطورة، التي تكفل للإنسان حياة كريمة.

أما الحريات الدينية فهي مكفولة في الكويت، وخير دليل على ذلك وجود كاتدرائية مارمرقس للأقباط بحولي، وهي كنيسة جميلة وتتسع لعدد كبير من الشعب يمارسون فيها طقوسهم الدينية بحرية تامة.

وفي هذا الإطار أود أن أتوجه بالشكر العميق لرجال الشرطة على كل ما يقومون به من مجهود لحماية الأقباط من مرتادي الكنيسة في مختلف المناسبات، كما أنهم يسهرون على راحة الكنيسة والمصلين، ما يشعرنا براحة وطمأنينة شديدة لأننا نمارس طقوسنا بكل حرية وأمان وسلام، كما نمارسها في وطننا الأصلي، وهو ما يعبر عن أصالة وكرم الشعب الكويتي وحكومته.

أحداث المنطقة

* تمر المنطقة بأحداث غاية في الدقة، كيف تنظر الكنيسة لهذه الأحداث وما رسالتكم للعالم من أجل السلام والاستقرار في العالم؟

- الكنيسة دائما تبحث عن السلام، وتصلي باستمرار من أجل إحلاله في العالم أجمع، ولكنها تترك الأمور السياسية لأهلها والمتخصصين فيها، ولكن حينما يكون العالم مضطربا نصلي أكثر من أجل سلام العالم، فالاضطرابات تحرم الشعوب من العمل والإبداع والابتكار والانجاز، وهذا هو الفارق بين منطقتنا وبين الغرب. وبعض المناطق التي ألقت السلاح جانبا وتفرغت للعمل والإنجاز والابتكار، أصبحت دولا متطورة وتسعى إلى مزيد من التطور والتقدم في الابتكارات والبحث العلمي لخدمة الإنسانية.

وإذا لم نتفرغ للعمل والابتكار والإنجاز سوف نظل قابعين في مؤخرة الركب، ونظل نستورد الثقافة والعلم والحضارة من الخارج. وحينما نبتعد عن الحروب سوف نتفرغ للبحث العلمي وتصدير العلم إلى الخارج، فهناك عقول عربية مبدعة وتساهم في الابتكارات التي تخدم البشرية في الغرب، وهو ما يدل على أننا مبدعون، ولكن بشرط توافر المناخ الملائم للإبداع والابتكار والإنجاز، فكثير من الاخترعات والابتكارات التي غيرت مجرى التاريخ كانت لعلماء عرب يعيشون في الغرب، ومثال على ذلك ما قام به العالم العربي المصري الراحل د. أحمد زويل الذي اخترع "الفيمتوثانية" لخدمة البشرية كلها.

الصراعات والاضطرابات تستنفد الشعوب والطاقات، ومشكلتنا أن منطقتنا تعيش صراعات بشكل مستمر. وهناك دول خارجية هدفها عدم استثمار الطاقات العربية داخل الوطن العربي، وتخاف من ذلك، وهدفها إشغال المنطقة وإرباكها في الحروب والصراعات واستنزاف طاقات شبابها في الحروب والصراعات ماديا وفكريا لكي لا تنهض دولنا.

دير السلطان

* كيف تتعاملون مع الاعتداءات الإسرائيلية على دير السلطان بالقدس القديمة، وأبرزها الاعتداء على رهبان الدير خلال وقفتهم الاحتجاجية العام الماضي؟ وهل هناك جهود تبذل لترميم الدير وحمايته باعتباره تراثا إنسانيا ومعلما دينيا مهما؟

- إسرائيل تعمل جاهدة على طمس الهوية المصرية والعربية والقبطية في دير السلطان التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصرية بالقدس، ونزع ملكيته من الكنيسة القبطية المصرية، فدير السلطان مملوك للأقباط منذ القرن السابع الميلادي، ونملك وثائق تُثبت ذلك أقدمها ترجع إلى عام 1680 ميلادياً، وآخرها 1961 ميلادياً.

القوات الإسرائيلية لا تبحث عن حقوق، لكنها تبحث عن منافع شخصية. بالوثائق والمستندات، وبحكم المحكمة الإسرائيلية العليا، فإن دير السلطان مملوك للأقباط وللكنيسة المصرية، لكن في وقت من الأوقات كان هناك خلاف بين مصر وإسرائيل، ووقفت الكنيسة المصرية إلى جانب وطنها وحكومتها، وكان العقاب بانتزاع ملكية هذا الدير وإعطائه للكنيسة الإثيوبية، في مقابل منافع شخصية، ولا أقول كلاما مرسلا، فهناك كتب يهودية موجودة في الولايات المتحدة الأميركية وأطلعت على 5 كتب مختلفة منها من ضمنها كتاب لمساعد رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤكد فيه أنه تم انتزاع هذا الدير من الأقباط وإعطائه للإثيوبيين في مقابل منافع مختلفة.

إسرائيل تريد انتزاع الدير بالكامل، والآن لا يوجد للكنيسة المصرية سوى راهب واحد في الدير مقابل أكثر من 20 راهبا من الكنيسة الإثيوبية، كما أن هناك كنيستين في الدير ليس لنا الحق في الصلاة فيهما، ويصلى فيها الإثيوبيون فقط.

ليس لنا سوى حق المرور في الدير كأي شخص آخر، وفي مناسبات معيّنة فقط. وأنا شخصيا منعوني من صلاة عيد القيامة الماضي، وبتعليمات من الشرطة الإسرائيلية تكتّل الإثيوبيون أمام باب الدير ومنعوني من المرور.

إسرائيل تحاول طمس الهوية العربية والقبطية في الدير وكنيسة القيامة، ونسف كل وجود عربي داخل كنيسة القيامة، وهي قضية سياسية لا دينية، وتحاول جاهدة أيضا تهميش الكنيسة القبطية وتقليص حقوقها.

الإثيوبيون يمثلون الحكومة الإسرائيلية، وهم في الأساس ليسوا يهودا، لكنهم مسيحيون، والدولة الإسرائيلية أتت بهم فيما يعرف بيهود الفلاشا لحجز أراض بهم وعمل مستوطنات جديدة من خلالهم، وبنفس التقليد يعملون ذلك داخل كنيسة القيامة.

دير السلطان يعادل نصف كنيسة القيامة، وهو الدور الأعلى من كنيسة القيامة ذاتها، والإسرائيليون يحاولون نسف أي وجود عربي داخل كنيسة القيامة، ومن هنا كانت وقفتنا الاحتجاجية، ورفضا ترميم الدير، حيث إن الترميم يهدف إلى طمس الهوية القبطية والعربية عن الدير.

لكن في ظل الوضع القائم حاولنا التفاوض مع الحكومة الإسرائيلية، وأدخلنا السفارىة المصرية في إسرائيل، التي بذلت مجهودا كبيرا وعطلت أعمال الترميم مدة سنة كاملة.

وإزاء تعنّت الحكومة الإسرائيلية زارني وزير الأديان الإسرائيلي، وقالي لي "أنا هنا لأبلغك قرار رئيس الوزراء ترميم الدير، بغضّ النظر عن الاعتراضات والالتماسات".

وقد حاولنا التفاوض في هذه القضية، لكن أحدا لم يرد على مطالبنا، لذلك قررنا القيام بوقفة احتجاجية أمام الدير، وقامت قوات الشرطة الإسرائيلية بالهجوم علينا وسحلنا أمام أعين الجميع، وقد تعرّض عدد من آباء وشمامسة كنيسة دير السُلطان التابعة للسحل والتنكيل من جانب قوات الشرطة الإسرائيلية.

* تتمتع الكنيسة المصرية في الكويت بعلاقات رائعة مع الدوائر الرسمية والشعبية في البلاد، ولها حضور مجتمعي ممتاز... كيف ترون مشاهد المحبة والألفة السائدة؟

- العلاقة بين الكويت ومصر والكنيسة المصرية القبطية متميزة جدا. وعلاقتنا قوية مع الدولة والمسؤولين، وهذا تجلى في زيارة قداسة البابا تواضروس الثاني قبل نحو سنتين، وهي زيارة تاريخية بكل المقاييس وتخللها استقبال حافل لقداسته. وكما قلت سابقا، فإن الكنيسة القبطية في الكويت منفتحة على الدولة والمجتمع الكويتي، وقد ساعدنا في ذلك أن الكويت تفتح أحضانها لتنمية العلاقات.

زيارة البابا

* في عام 2017 شهدت الكويت زيارة تاريخية لقداسة البابا تواضروس الثاني هي الأولى لبطريرك قبطي منذ قديم الأزل، رغم أن أول كنيسة كانت للأقباط خارج مصر وجدت في الكويت منذ عام 1961... كيف وجدتم انطباع البابا تواضروس عن تلك الزيارة؟

- البابا تواضروس الثاني أبدى سعادة غامرة وفرحة كبيرة بزيارته إلى الكويت، خصوصا أن صاحب السمو الأمير والمسؤولين والشعب الكويتي غمروه بمحبة كبيرة واستقبال رائع.

وقد استقبل صاحب السمو البابا خلال زيارته مرتين الأولى كانت بوجود الرئيس الفلسطيني محمود عباس والثانية بمفرده. وكانت زيارة تاريخية ومتميزة وودية بكل المقاييس.

ولا أعلم لماذا لم يزر أحد الباباوات السابقين الكويت، ولكن ما رأيته خلال زيارة البابا تواضروس الثاني إلى الكويت في أبريل من عام 2017 من حفاوة وحسن استقبال وكرم كبير من المسؤولين والشعب الكويتي يعطينا انطباعا بكرم الشعب الكويتي، وعلى رأسهم سمو الأمير، وهو ما أسعدنا جدا وأسعد البابا أيضا، ونحن ممتنون لذلك كثيرا.

* وهل تتكرر هذه الزيارة مستقبلا؟

- بكل تأكيد. وقد طلب من البابا تكرار الزيارة، ووعد بتلبية ذلك متى ما سمح الوقت لذلك.

*كلمة أخيرة؟

-أقول لكل مصري يعيش على أرض الكويت: كن سفيرا لبلدك وللإنسانية في الكويت، على قدر ما أعطتك الكويت من كرم وحفاوة وحقوق أعطها من مجهود وفكر وعمل، وكل ما تملك من إمكانات، ولا تبخل بأي مجهود على وطن استقبلك وفتح لك بابه وأحضانه، وأعطاك كل ما يملك.

الأمير شخصية متميزة عربياً وعالمياً... والكويت رائدة في حقوق الإنسان

أقول لكل مصري بالكويت: لا تبخل بأي مجهود على وطن أعطاك كل ما يملك

نشكر الشرطة الكويتية على جهودها في حماية الكنيسة والمسيحيين في المناسبات

إسرائيل تعمل على طمس الهوية العربية والقبطية في دير السلطان بالقدس

نملك وثائق تؤكد امتلاكنا لدير السلطان بعضها يعود إلى سنة 1680

الكنيسة تصلي من أجل السلام ونترك الأمور السياسية لأهلها

البابا تواضروس أبدى سعادة غامرة بزيارته الكويت عام 2017
back to top