اللهم احفظ الكويت من كل مكروه

نشر في 24-09-2019
آخر تحديث 24-09-2019 | 00:07
أميركا لن تدخل أي حرب مباشرة، وإسرائيل لن تتعدى حدود فلسطين، فهي الأخرى لن تجد أفضل من حروب الوكالة التي تدار بحرفية ولؤم كبير، وبذلك تلتقي مصالح إسرائيل وأميركا عند نقطة واحدة، فمن جانب المزيد من الضعف للدول العربية، ومن جانب آخر استمرار تدفق المليارات على الخزينة الأميركية.
 أ. د. فيصل الشريفي شهدت الحدود العراقية الإيرانية في عام 1980 بعض المناوشات المتقطعة على الجانبين، والتي اعتبرتها حكومة بغداد حينها بداية إعلان حرب شاملة استمرت ثماني سنوات، راح ضحيتها مليون قتيل، وضعف هذا العدد من الجرحى، وتشريد الملايين مخلفا دمارا كبيرا للبنى والممتلكات العامة والخاصة في كلا البلدين، وتدهورا اقتصاديا وديونا مازال الشعبان يعانيان منها حتى يومنا هذا.

هذه لم يستوعبها طاغية العصر، فكان الاجتياح العراقي لدولة الكويت، ثم انفرطت السبحة، وجاء الربيع العربي بلا طعم وحروب أهلية شهدها الوطن العربي، أقل ما يقال عنها عبث لم يجن منها المواطن العربي غير المزيد من الآلام، وعلى ما يبدو هناك من يريد لهذا الوضع الاستمرار، فالحروب هذه تدر المليارات على تجار السلاح، وهذا الأمر لم يعد سرّاً، فالرئيس الأميركي لم يترك مناسبة إلا وصرح بها.

أميركا لن تدخل أي حرب مباشرة، وإسرائيل لن تتعدى حدود فلسطين، فهي الأخرى لن تجد أفضل من حروب الوكالة التي تدار بحرفية ولؤم كبير، وبذلك تلتقي مصالح إسرائيل وأميركا عند نقطة واحدة، فمن جانب المزيد من الضعف للدول العربية، ومن جانب آخر استمرار تدفق المليارات على الخزينة الأميركية.

من يتخيل وجود حرب ناعمة أو خاطفة لا يفقه في العلوم العسكرية أو أنه مغفل، فالحروب الآن تدار بعقلية مختلفة عن السابق، بعد أن تغيرت المعطيات والأساليب، وبعد أن أصبحت الفروق هامشية بين القوي والضعيف، والولد الصغير لم يعد صغيرا، ومن تتصوره لقمة سائغة اشتد عضده وصار طعمه مراً كالعلقم، لذلك أميركا لن تدخل أي حرب مباشرة لا مع إيران ولا غيرها، وستكتفي بإدارة حروب الوكالة لمن يقدم نفسه قرباناً لها.

الجلوس إلى طاولة المفاوضات وإيجاد الحلول أسلوب العظماء، والغلبة لمن يجيد فن التفاوض، ففي عالم السياسة ليس هناك عدو دائم، ولا صديق دائم، والقائد الحكيم من يقتنص الفرص، ويذود عن مصالح بلده، فالتاريخ يعيد نفسه، وها هو العراق دخل حرباً مع إيران استمرت ثماني سنين، ثم رضي بما كان في متناول يده قبل الحرب.

نعود إلى من مازال يراهن على دخول أميركا مع إيران في حرب، ويعتقد حتى اللحظة أن هذه الفرضية قائمة، نقول له ارجع إلى تصاريح الرئيس الأميركي وإلى مجلسي الشيوخ والنواب لتعرف أن هذه الفرضية مستبعدة تماماً من قواميسهم، لكنهم يعملون ليل نهار على تخويف المنطقة والعالم من الخطر الإيراني، وفي الوقت نفسه يطلبون من الإيرانيين القبول بالمفاوضات، ويحرمون ذلك على غيرهم.

في الختام نسأل الله عز وجل أن يحفظ الخليج من كل شر، وأن يسدد قادتنا إلى الخير، وأن يمنّ على سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح بالصحة والعافية، ويرجعه إلى وطنه سالماً غانماً، إنه مجيب الدعاء.

ودمتم سالمين.

back to top