ساعدوا المتقاعدين وأمِّنوا «التأمينات»

نشر في 16-09-2019
آخر تحديث 16-09-2019 | 00:15
No Image Caption
منذ فترة ليست بالقصيرة يدور في الكويت جدل موسع بشأن أنظمة التأمينات الاجتماعية وقوانينها، وآخرها ما يتعلق باستبدال الراتب بالنسبة للمتقاعدين، وكيفية خفض الكلفة المالية عنهم من أجل حماية شبكة الأمان الاجتماعي التي تظللهم، لاسيما أن هناك قوانين عديدة سابقة ضيقت على كثير منهم أحوالهم المالية، بعدما أغرتهم بالتقاعد المبكر، لتنخفض رواتبهم في مرحلة سِنية يصبحون خلالها أحوج إلى التضامن والمساعدة اللذين يستحقونهما عرفاناً بما قدموه من خدمات طوال سنوات عملهم، فضلاً عن عوامل أخرى تتعلق بالتضخم والغلاء المعيشي.

ورغم أهمية هذا الملف ودقته، فإن نظام التأمينات، بما نراه من تراخٍ حكومي إزاءه، أضحى جسداً هامداً لمباضع التجريب والعبث من نوابٍ، الهدف الأول لأغلبهم حصد الأصوات الانتخابية، دون أن يضعوا أي اعتبار لما أمامهم من أرقام قد لا يفهمون مدلولاتها، في مقابل وزراء يخضعون للضغط السياسي، ويضحون بالمال العام من أجل الحفاظ على مقاعدهم الوزارية والاستمرار في المناصب.

وليس هناك أدل على ما نقول من قانون التقاعد المبكر، الذي أقره مجلس الأمة في دور الانعقاد الماضي، والذي افتقد الفحص الفني السليم، مما أخرجه في صورة مهترئة، ملتبساً غامضاً إلى حد ما، من جهة جواز أو عدم جواز إحالة الموظف قسرياً إلى التقاعد، مما أدى به إلى أن يخلق الضرر من حيث أراد المنفعة!

واليوم يتكرر المشهد مرة أخرى، بما يمارسه النواب من عبث بأنظمة التأمينات من خلال نظام الاستبدال، عبر مقترحات ذات تكاليف فادحة على المشتركين في النظام التأميني من موظفين ومتقاعدين، تتجاوز المليار دينار.

ولعل من المفيد هنا أن نؤكد أن ملف التأمينات يعتبر واحداً من أعقد الأنظمة، من الناحية الاقتصادية، ويتضمن تشعبات وتفاصيل وتشابكات؛ لذا من الأجدر بنا اليوم أن نُخضع موضوع الاستبدال لفحص فني بعيداً عن الحسابات السياسية، لاسيما في السنة الأخيرة من عمر المجلس الحالي، بحيث يكون أي تعديل لـ «الاستبدال» محققاً لأقصى فائدة ممكنة للمتقاعدين ومؤسسة التأمينات والاقتصاد الوطني معاً.

ومن المقترحات الجديرة بالدراسة في هذا الصدد أن يؤول ملف الاستبدال إلى القطاع المصرفي، بحيث يغدو على شكل قروض بنكية مضمونة من مؤسسة التأمينات، وهنا تتحقق الفائدة لأكبر عدد من الأطراف، وأولها المتقاعد الذي سيحصل على التمويل اللازم بفائدة مقررة من بنك الكويت المركزي، فضلاً عن حقه في اختيار شكل الاستبدال بين التقليدي والإسلامي، لتجاوز معضلة تغيير نظام الاستبدال وفق الشريعة.

أما المؤسسة فستستفيد من هذا الاقتراح عبر احتفاظها بالأموال المتوقع تجاوزها مليار دينار، ومن غير أي ضغط سياسي يؤثر على هيكل أصولها أو استثمارها، كما ستمتد الفائدة إلى القطاع المصرفي المتخم بالسيولة ليوظف أمواله في قنوات تمويلية مضمونة.

هذه الفكرة جديرة بالدراسة والفحص، والأفضل أن تُطرح نموذجاً لحل يوفر احتياجات المتقاعد المالية دون أن يمس بأموال «التأمينات»، ويمكن أن يصوغه مختصون في المؤسسة إلى جانب بنك الكويت المركزي واتحاد المصارف، وحتى مؤسسات المجتمع المدني، على أن تتم مناقشته وإقراره بعيداً عن أي حسابات انتخابية أو تحسبات حكومية، إذا كان هناك من يريد أن يخرج بحل ذكي خارج صندوق الانتخابات.

الجريدة

back to top