«الوطني»: تزايد حالة الارتباك بشأن السياسة المالية لأميركا

تراجع الدولار في ظل غياب التوجيهات وتصاعد وتيرة الحرب التجارية

نشر في 26-08-2019
آخر تحديث 26-08-2019 | 00:03
ترامب وباول
ترامب وباول
تراكم العديد من القضايا التي تواجه رئيس الاحتياطي الفدرالي، ومن ضمنها تعدد وجهات النظر حول خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي، إضافة إلى تزايد حالة الارتباك وعدم اليقين بشأن السياسة المالية للولايات المتحدة بعد أن ألغى ترامب فكرة تخفيضات ضريبية جديدة لتحفيز الاقتصاد، وذلك بعد يوم واحد فقط من تأكيد وضعها على جدول أعمال الحكومة.
أصدر الاحتياطي الفدرالي محضر اجتماع لجنة تحديد أسعار الفائدة الأخير، الذي انتهى في 31 يوليو. وأظهرت وقائع هذا الاجتماع انحياز أغلبية المسؤولين إلى رؤية أن خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس هو «إعادة ضبط لموقف السياسة النقدية، أو عملية إعادة تكييف خلال منتصف الدورة الاقتصادية كاستجابة لتطور آفاق النمو».

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي، الصادر عن بنك الكويت الوطني، واجه رئيس مجلس الإدارة جيروم باول، خلال الاجتماع، انقساماً بين مسؤولي البنك المركزي الأميركي حول خفض سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس فقط الشهر الماضي. حيث أشار المحضر إلى أنه ضمن الإجماع العام، اتجه عدد قليل من الأعضاء إلى تفضيل خفض فوري بواقع 50 نقطة أساس، لافتين إلى الحاجة إلى اتخاذ «إجراء أقوى ضد مستويات التضخم المنخفضة بشدة».

من جهة أخرى، جادل بعض المسؤولين بأن «الاقتصاد الحقيقي لا يزال في وضع جيد»، مفضلين الحفاظ على ثبات أسعار الفائدة. حيث صوت عضوان هما إستير جورج وإريك روزنغرن، رئيسا بنك الاحتياطي الفدرالي في كانساس سيتي وبوسطن، ضد قرار اللجنة.

وتراكَم العديد من القضايا التي تواجه رئيس الاحتياطي الفدرالي، ومن ضمنها تعدد وجهات النظر حول خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي، إضافة إلى تزايد حالة الارتباك وعدم اليقين بشأن السياسة المالية للولايات المتحدة بعد أن ألغى الرئيس دونالد ترامب فكرة تخفيضات ضريبية جديدة لتحفيز الاقتصاد وذلك بعد يوم واحد فقط من تأكيد وضعها على جدول أعمال الحكومة.

ويتوقع المستثمرون تحركاً جديداً من جانب البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة في اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة القادم في سبتمبر لحماية الاقتصاد الأميركي من تأثير التوترات التجارية والتباطؤ العالمي.

وكان محضر اجتماع الاحتياطي الفدرالي مصحوباً بتصريحات متشددة من جانب عضوي المجلس جورج وهاركر اللذين صرحا بأنهما لا يريان أي مبررات لخفض أسعار الفائدة مجدداً بعد خفضها بواقع ربع نقطة مؤية في شهر يوليو، بما أدى إلى انعكاس منحنى العائد على السندات يوم الخميس للمرة الثالثة خلال الشهر الحالي. وذلك عندما قفز العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين متخطياً عائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات خلال جلسة التداول. هذا إضافة إلى جزء آخر من منحنى العائد الذي يعكس الفرق بين عوائد السندات المستحقة بعد ثلاثة أشهر وتلك المستحقة بعد 10 سنوات، وسجل ذلك المنحنى تراجعاً أعمق داخل المنطقة السلبية أثناء جلسة التداول إلا انه استعاد توازنه منهياً تداولات اليوم دون تغير.

تصاعد وتيرة الحرب التجارية

وعلى صعيد الجبهة التجارية وفي رد فعل للحرب التجارية التي شنها الرئيس ترامب ضد الصين، أعلنت بكين تطبيقها رسوماً جمركية إضافية تتراوح ما بين 5 و10 في المئة على واردات أميركية بقيمة 75 مليار دولار ابتداءً من سبتمبر. ودفعت تلك الأخبار بسعر مزيج خام برنت إلى التراجع بأكثر من 2 في المئة ليصل إلى 58.52 دولارا للبرميل في ظل مخاوف بشأن تأثر الطلب على النفط من جراء زيادة الرسوم الجمركية مما قد ينجم عنه من تباطؤ في التجارة العالمية.

ووعد الرئيس دونالد ترامب بالرد على الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية التي فرضتها بكين وأمر الشركات الأميركية بأن تبدأ فوراً البحث عن بديل للصين. كما واصلت الأسهم الأميركية تراجعها في حين تحسن أداء سندات الخزانة يوم الجمعة بعد تصريحات ترامب حيث وعد بالرد على التعرفة الصينية «ظهر نفس اليوم». وأعلن ترامب في وقت لاحق من اليوم رفع الرسوم الجمركية الحالية على الواردات الصينية بقيمة 250 مليار دولار من 25 إلى 30 في المئة في 1 أكتوبر، ورفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية بقيمة 300 مليار دولار المقرر أن تبدأ في 1 سبتمبر، من 10 إلى 15 في المئة.

ولم يكن تأثير تلك الأنباء إيجابياً على الأسواق، حيث تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 1.6 في المئة، في حين انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 1.7 في المئة. كما تراجع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بواقع 7.3 نقاط أساس إلى 1.535 في المئة، في حين تراجع العائد على نظيرتها المستحقة بعد عامين بمعدل 8.7 نقاط أساس إلى 1.5209 في المئة. كما أدت ردة فعل ترامب أيضاً إلى ارتفاع أسعار الذهب ليواصل الصعود الذي بدأه قبل ذلك على خلفية إعلان الرسوم الجمركية الصينية، وبلغ سعر المعدن الأصفر 1.526.10 دولار.

جاكسون هول

وألقى جيروم باول خطابه المرتقب في قاعة جاكسون هول يوم الجمعة الماضي، وهو الحدث الذي يترقبه المستثمرون عن كثب نظراً لأهميته في تحديد الخطط المستقبلية للاحتياطي الفدرالي كما جرت العادة. ولم يقم باول بإعطاء أية إشارات حول التوقعات الخاصة بأسعار الفائدة، حيث كرر تصريحاته السابقة التي أصدرها منذ يونيو بأنه سوف يتم التصرف «بالشكل المناسب للحفاظ على التوسع».

أما في إطار تعليقه على الأوضاع التجارية، ذكر باول أن الفدرالي الأميركي يواجه موقفاً غير مسبوق، وأنه «في حين أن السياسة النقدية تعد أداة قوية في تعزيز إنفاق المستهلكين والاستثمار التجاري والثقة بصفة عامة، فإنه لا يوجد «كتاب قواعد» عن التجارة العالمية. حيث ترك باول الأمر بين يدي الكونغرس والإدارة الأميركية، قائلاً إن مهمة الاحتياطي الفدرالي تتمثل في استخدام السياسة النقدية لتعزيز أهدافه النظامية.

وفي ضوء الأوضاع الاقتصادية الحالية، أشار باول إلى أن التوقعات الاقتصادية العالمية آخذة في التدهور، وتحديداً في ألمانيا والصين، كما أشار إلى إمكانية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق، هذا إضافة إلى حل الحكومة الإيطالية. وأنهى بيانه الاقتصادي مذكراً بأن اقتصاد الولايات المتحدة واصل أداءه الجيد بصفة عامة بدعم من إنفاق المستهلكين. كما أشار باول إلى أن التضخم كان «مستقراً جداً» خلال فترة التوسع الاقتصادي في الولايات المتحدة، لكنه كان «أقل قليلاً» من الحد المستهدف من قبل الاحتياطي الفدرالي للعام الحالي بنسبة 2 في المئة.

ورد دونالد ترامب على خطاب باول وكتب: «كالمعتاد، لم يفعل الاحتياطي الفدرالي شيئًا!». كما أجرى مقارنة غير مألوفة بين رئيس الاحتياطي الفدرالي والرئيس الصيني متسائلاً: «سؤالي الوحيد هو من يكون عدونا الأكبر، باول أو الرئيس شي؟». بالإضافة إلى ذلك، انتقد ترامب الفدرالي الأميركي لعدم التشاور معه.

وساهم التصعيد المفاجئ للحرب التجارية وعدم توافر مسار واضح للمضي قدماً من جانب الاحتياطي الفدرالي في الضغط على الدولار الأميركي، إذ انخفض بنسبة 0.82% يوم الجمعة وأغلق عند مستوى 97.639. واستفاد كل من الين الياباني والفرنك السويسري من وضعهما كملاذ آمن مقابل الدولار، وانخفض زوج الدولار الأميركي مقابل الين الياباني بنسبة 1.21% ليغلق عند مستوى 105.39، بينما فقد الدولار الأميركي مقابل الفرنك السويسري نسبة 1.34% من قيمته، مغلقاً عند مستوى 0.9745.

ضيق الوقت أمام انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي

في المملكة المتحدة، أدى تسريب بعض الوثائق الرسمية إلى الكشف عن بعض الاضطرابات المحتملة، التي قد لا تتمكن الحكومة البريطانية من الحد من وقعها في حالة الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق. وأشارت الوثيقة إلى عدة قضايا من شأنها التأثير على العديد من العوامل، بما في ذلك حدوث نقص في الغذاء والدواء والبنزين. وكشفت أيضاً عن اضطرابات محتملة في القنوات التجارية، حيث تتوقع أن تفرض فرنسا ضوابط على السلع اعتباراً من أول يوم للانفصال دون اتفاقية. كما قد تؤدي عمليات فحص شؤون الهجرة المتزايدة إلى تأخير المسافرين في النقاط الرئيسية التي تصل بين المملكة المتحدة وفرنسا. وتتوقع الحكومة حدوث بعض الاحتجاجات بما قد يصعد من الاضطرابات العامة. أما فيما يتعلق بقضية إيرلندا الشمالية، فلا تتوقع الحكومة أن تعود الحدود القاسية فور انفصال المملكة عن الاتحاد الأوروبي، إلا ان الرسوم الجمركية والتعريفات التنظيمية ستطبق بين ليلة وضحاها على أنشطة التبادل التجاري مع أيرلندا.

والتقى بوريس جونسون بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في أعقاب ظهور تلك الوثائق، وعلّق بعد ذلك قائلاً إن هذا الاجتماع «شجعه بشدة»، في حين أعربت ميركل عن أملها في أن تجد المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حلاً لقضية الحدود الأيرلندية خلال الثلاثين يوماً القادمة. ويطالب جونسون بإصلاح شامل لاتفاقية الانسحاب التي تم التوصل إليها بين الاتحاد الأوروبي وسلفه تيريزا ماي، بما يشمل إزالة بند الدعم لأيرلندا تماماً. وفي اليوم التالي لاجتماع جونسون وميركل، شكك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في آمال جونسون في إجراء تغييرات كبيرة على اتفاقية الانسحاب الحالية، قائلاً إن الدعم يعتبر جزءاً «لا يتجزأ» من الاتفاق.

وأكد ماكرون أن كلا الجانبين يجب أن يكونا قادرين على التوصل إلى «حل ذكي»، إلا ان ذلك يتوافر فقط ما لم تؤثر التغييرات على مطالب الاتحاد الأوروبي الأساسية المتعلقة بأيرلندا والسوق الأوروبية الموحدة. وفي وقت لاحق من ذات اليوم، قدمت ميركل بعض التوضيحات حول الالتزام بالتوصل إلى حل خلال 30 يوماً، قائلة إنها لم تمنح جونسون 30 يوماً لإيجاد حل للبند العالق بخصوص الحدود مع إيرلندا، بل أرادت فقط تسليط الضوء على مقدار الوقت المتبقي.

واتجه الجنيه الإسترليني نحو الصعود استجابة لتلك التصريحات، في ظل التحديات التي يقابلها لحل معضلة انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي. واعتبر المتداولون تلك المحادثات بارقة أمل بما دفع الجنيه الإسترليني إلى الارتفاع بنسبة 1.63%، مقابل أدنى مستوياته المسجلة خلال الأسبوع الماضي مدعوما بانخفاض الدولار وأغلق عند مستوى 1.2277.

البنك الاحتياطي الأسترالي

أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي على أسعار الفائدة عند مستوى قياسي منخفض عند 1% في اجتماع أغسطس، مع ترك المجال مفتوحاً لمزيد من الاجراءات التيسيرية. وكشف الاحتياطي الأسترالي، في محضر اجتماعه الذي صدر هذا الأسبوع، عن رغبته في رؤية تراجع معدل البطالة وارتفاع الأجور لتجنب تطبيق المزيد من الإجراءات التيسيرية على الجبهة الداخلية، إلا ان تلك الإجراءات التي تتخذها البنوك المركزية الأخرى (ولا سيما الاحتياطي الفدرالي) ستؤثر أيضاً على توقيت تغير السياسات، وذلك لتجنب التخلف عن ركب نظيراتها في سباق تخفيض أسعار الفائدة.

«المركزي» الأوروبي يلمح إلى تيسير السياسات النقدية

أظهر البنك المركزي الأوروبي في محضر اجتماع السياسة النقدية لشهر يوليو إشارات قوية تدعم اعداد صانعي السياسات لحزمة تحفيز جديدة، وأشار البنك المركزي الأوروبي إلى استمرار ضعف النمو، إلا انه لم يكن مستعدًا للإشارة إلى تدهور توقعات النمو مقارنة بتوقعات يونيو. أما فيما يتعلق بتوقعات التضخم على المدى الطويل، فقد اجمع الأعضاء على أن التراجعات الأخيرة كانت مصدراً للقلق بما يستدعي مراقبة دقيقة. وعلى صعيد التصدي لتراجع معدلات النمو، كشف محضر الاجتماع عن إمكانية اعداد «حزمة» سياسات تتضمن عدد من الأدوات المختلفة مثل خفض أسعار الفائدة وشراء الأصول. كما تساهم الإشارة إلى تلك الحزمة في مواجهة المخاوف المنتشرة بين الأطراف المختلفة في السوق بخصوص افتقار المجلس إلى «الذخيرة» لتعزيز الحد المستهدف للتضخم. وسوف تترقب الأسواق الآن اجتماع السياسات المقبل المقرر عقده في سبتمبر لمعرفة إذا ما كان أي من أدوات «الحزمة» قد تم تطبيقها.

بنك الشعب الصيني

كشف بنك الشعب الصيني، أمس الأول، عن اجراء تعديلات جوهرية على أسعار الفائدة، بحيث تهدف الإصلاحات إلى المساعدة في خفض تكاليف الاقتراض للشركات ودعم الاقتصاد المتباطئ الذي تضرر من الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وقالت الهيئة التنظيمية إنها ستقوم ابتداء من الشهر الحالي بتحسين الآلية المستخدمة لإصدار سعر استرشادي جديد للقروض المصرفية، في خطوة تهدف إلى خفض أسعار الفائدة الحقيقية للشركات كجزء من المساعي الحكومية لتطبيق إصلاحات السوق على نطاق أوسع.

محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة يكشف عن اختلاف آراء أعضائها
back to top