سدانيات: على عرش المُرشد!

نشر في 09-08-2019
آخر تحديث 09-08-2019 | 00:06
 محمد السداني كنا في السابق عندما نسمع عن إغلاق مضيق هرمز كان الأمر أشبه بنكتة غبية لا كوميديا بين طياتها، وكانت وكالات الأنباء تأخذ ذلك من قبيل الجعجعة التي لا طحن فيها، ومرت هذه السنوات والجمهورية الإسلامية الإيرانية تنمو شيئاً فشيئاً لتبدأ توسعها في عواصم عربية عدة باسطة نفوذها على مرأى ومسمع من يلعنونها ليل نهار على كل منبر، وأصبح مضيق هرمز تحت رحمة الأسد الفارسي الذي أثبت للعالم أجمع أنه متمكن من المناورة عسكرياً وسياسياً دون خوف أو خنوع أو تردد.

إنَّ إيران التي كنا نعرفها سابقاً لم تعد كما كانت، فالظروف القاسية التي مرت بها جعلتها تعرف كيف تبني دولة من لا شيء، فرغم الفقر وقلة الموارد وغيرها من الأمور، فإنها الأقوى في المنطقة وتنافس أعتى الكيانات السياسية في منطقة الشرق الأوسط دون تردد أو خجل، والذكي فقط هو من يصافحها، « نحن يجب ألا نعادي إيران» جملة سمعتها منذ سنوات، ولكنني لم أعرف معناها إلا في هذه الأيام! لماذا نحاول دائماً أن «نشيطن» كل المشاريع التي تقوم على أيديولوجيات تخالف توجهاتنا وأنظمتنا؟ ألهذه الدرجة نعيش في أنظمة هشة من الممكن أن تتأثر بكل شاردة وواردة؟ هذا إذا كنا فعلاً نعرف معنى كلمة نظام!

إن الأنظمة السياسية التي تملك مشاريع توسعية لا يمكن أن تجابَه بالقوة، فكل قوة تستخدم ضدها هي مصدر تقوية لها لا عليها، وكلما ضربت بيد من حديد لإضعاف هذا الفكر رأيت الضربة ترتد سريعاً لتقوض ما حاولت حمايته، إن المشاريع السياسية لا تجابه بثقافة الثور الهائج ولكنها تجابه بذكاء وفطنة يحتمان ألا تعادي كل العداء وألا تصادق كل الصداقة، وأن تتدافع المشاريع إنجازاً وعطاء وتطوراً بما ينعكس على الشعوب إيجاباً، وهذا ما يسمى في علم التاريخ «حضارة»، فالحضارات ليست نتاج هيئات الترفيه ولبس المجتمع رداء ليس رداءه، الحضارة تقوم على الحريات التي تجعل كلمة الحق نقداً بناء يبني المجتمع ويقومه ويدفعه إلى الأمام بما يصب في مصلحة الجميع، ومتى ما وعينا مفهوم المصلحة العامة فسنعرف جيدا أن هناك من يريد أن يبني وطناً، ومن يريد أن يبني نفسه من خلال الوطن.

خارج النص:

- طبول الحرب لا يقرعها سوى من لا يستطيع القتال، أما الفرسان فآخر حلولهم المبارزة والمواجهة، قد تملك قوة الثور، لكنك في كثير من الأحيان تحتاج إلى رشاقة الغزال لتجاوز بعض الحواجز.

back to top