علاج أمراض المناعة الذاتية يتخذ منحى جديداً

نشر في 04-08-2019
آخر تحديث 04-08-2019 | 00:00
No Image Caption
في أمراض المناعة الذاتية، مثل داء السكري من النمط الأول والتصلب المتعدد، يهاجم جهاز الجسم المناعي بالخطأ الخلايا السليمة، معتقداً أنها عوامل مضرة. وأجرى علماء أخيراً بحثاً جديداً بهدف تصميم إستراتيجية مبتكرة لعلاج هذه الحالات.
تعتمد العلاجات الراهنة لحالات المناعة الذاتية على تعطيل خلايا المناعة التي تستهدف خطأ أنسجة الجسم السليمة وتهاجمها.

لكن من التأثيرات السلبية الأبرز التي تترتب على العلاجات المعتمدة أنها لا تؤدي في نهاية المطاف إلى تعطيل أنواع الخلايا المناعية التي تسبب الضرر فحسب، بل أيضاً خلايا مناعية أخرى تعمل بشكل طبيعي. يؤدي هذا إلى تعريض الجسم لشتى الأمراض والأخماج.

بدأ فريق بحث من جامعة يوتاه للصحة في مدينة سولت لايك بدراسة سبل إلى تعطيل مجموعات محددة فحسب من الخلايا المناعية تسبب المشاكل في أمراض المناعة الذاتية، مع الحفاظ في الوقت عينه على الخلايا المناعية السليمة كي تواصل تأدية عملها.

ويركز البحث الجديد، الذي أُجري على نماذج من الفئران، على خلايا بروتين موت الخلايا المبرمج (PD-1) وPD-1 نوع من البروتينات على سطح بعض الخلايا يؤدي دوراً في ضبط ردود الفعل المناعية.

تشير اكتشافات هذه الدراسة، التي نُشرت أخيراً في مجلة Nature Biomedical Engineering، إلى أن الإستراتيجية الجديدة قد تشكّل مقاربة أكثر فاعلية في علاج حالات المناعة الذاتية.

يقول د. منغنان تشن، باحث أشرف على تقرير الدراسة: "نأخذ حقاً علاج أمراض المناعة الذاتية في اتجاه جديد. فهذه أول مرة يدرس باحثون خلايا [PD-1] كهدف لتطوير علاجات لأمراض المناعة الذاتية".

ثلاثة عناصر مهمة

يوضح الباحثون أن نوعين من الخلايا المتخصصة، الخلايا اللمفية البائية والتائية، يعبّران في جهاز المناعة السليم عن PD-1، وأنهما يتضمان آلية تضبط نشاط الخلايا المناعية بغية منعها من مهاجمة الخلايا السليمة.

في حالة مَن يعانون أمراض المناعة الذاتية، تتعطل هذه الآلية، قتنقلب الخلايا المناعية خطأ على الجسم.

يشير د. بنغ زاو، باحث أشرف على تقرير الدراسة الحالية، إلى أن الفريق "أراد استهداف الخلايا التي تعبّر عن PD-1" بغية "تفادي نقص المناعة الطويل الأمد الناجم عن علاجات أمراض المناعة الذاتية الشائعة".

لذلك بدأ الباحثون العمل على تصميم جزيء بروتين يؤدي إلى استنفاد مخزون جهاز المناعة من الخلايا المعبّرة عن PD-1.

يحمل هذا الجزيء الجديد، وفق الفريق، ثلاثة مكونات رئيسة: جزء جسم مضاد مضاد لـPD-1، ذيفان الزائفة الخارجي، وبروتيناً يُدعى نطاقاً يرتبط بالزلال.

يؤدي كل من هذه المكونات الرئيسة دوراً محدداً: يرتبط جزء الجسم المضاد بالخلايا المعبّرة عن PD-1، ثم يقتل الذيفان هذه الخلايا، وأخيراً يسمح النطاق الذي يرتبط بالزلال للجزيء بمواصلة التنقل في الدم في مختلف أنحاء الجسم.

مقاربة جديدة

بعدما ابتكر العلماء هذا الجزيء، اختبروا فاعليته في نموذجين مختلفين من الفئران: أولاً في نموذج يحاكي الداء السكري من النمط الأول ومن ثم في نموذج يحاكي التصلب المتعدد.

في حالة الفئران التي تعاني ما يماثل الداء السكري من النمط الأول، أخّر العلاج المطوّر حديثاً ظهور المرض. تظهر عوارض الداء السكري عادةً بعد 19 أسبوعاً في حالة الفئران. ولكن في حالة القوارض التي تلقت العلاج الجديد، لم تبدأ العوارض بالظهور حتى الأسبوع التاسع والعشرين.

عندما اختبر الباحثون بعد ذلك الجزيء الجديد على الفئران التي تعاني نموذج التصلب المتعدد، لاحظوا نتائج أكثر تشجيعاً بعد: أوقف العلاج تقدّم الشلل في ست من الفئران المعنية. علاوة على ذلك، استعادت هذه القوارض القدرة على المشي.

واصل الباحثون مراقبة هذه الفئران طوال 25 يوماً عقب العلاج واكتشفوا أنه استمر في الحد من انتشار الشلل.

صحيح أن العلماء متحمسون جداً لأن هذه المقاربة الجديدة تبدو واعدة، إلا أنهم يحذرون من أن الجزيء الذي طوروه لا يمكن استعماله إلا في حالة الفئران.

يوضح تشن: "بغية تطوير علاجات مماثلة للبشر، علينا التوصل إلى الجسم المضاد البشري المضاد لـPD-1 الشبيه بالجسم المضاد المضاد

لـPD-1 في حالة الفئران".

رغم ذلك، عبّر هذا الباحث عن أمله بأن هذا هدفٌ يمكن تحقيقه وأنه قد يحسّن فرص مَن يعيشون مع أمراض المناعة الذاتية.

يختم تشن: "إذا استطعنا تطوير نسخة بشرية من هذا العلاج، أعتقد أننا سننجح في تحقيق تقدم كبير في علاج أمراض المناعة الذاتية".

العمل على تصميم جزيء بروتين يؤدي إلى استنفاد مخزون جهاز المناعة من الخلايا المعبّرة عن PD-1

الاستراتيجية الجديدة تشكّل مقاربة أكثر فاعلية في علاج حالات المناعة الذاتية

في حالة الفئران التي تعاني ما يماثل الداء السكري من النمط الأول أخّر العلاج المطوّر حديثاً ظهور المرض
back to top