قوة الفرد

نشر في 09-07-2019
آخر تحديث 09-07-2019 | 00:05
 حمود الشايجي (1)

مع بدايات دخول وسائل التواصل الاجتماعي في المشهد الإعلامي، أخذ الفرد مكانة مغايرة عمَّا كان عليه، لقد تحوَّل من مجرد متلقٍ إلى مؤسسة إعلامية موازية، فباتت لهذا الفرد القدرة على أن ينشئ مادته الخاصة، إن كانت إخبارية أو توثيقية أو فنية وغيرها.

وإن كان يُرى أن الإعلام ما هو إلا «التشارك بالأخبار والأفكار والآراء بين مرسل ومستقبل، وردود الفعل لخلق توجه أو توجهات مستقبلية»، فما أحدثته التكنولوجيا الفردية وما أنشأته من سلوك إنساني جديد خلق ما يسمى «الإعلام المستقل»، فتحول الإعلام من صُوَرِه السابقة، التي تأخذ في أغلبها صورة التوجيه، إلى صور جديدة، تعتمد على كونها نشاطاً إنسانياً بجانبها المادي والنفسي وحتى الروحي، فبات التشارك بالفكر والمشاعر والأنشطة المختلفة طقساً يومياً لا يمكن الهروب منه.

(2)

حملت علاقة الفرد مع الإعلام في طياتها تطوراً كاملاً، فلم يكن هذا التطور مجرد ترف، بل أصبح حراكاً قائماً على حاجة الإنسان في التعبير وإبداء وجهة نظره، وهذا ما جعل منصات التواصل الاجتماعي من أهم وأقوى وسائل الإعلام الحالية، القائمة على مفهوم اللاتقليدية والسرعة، مكونة نظرة جديدة لمفهوم الخبر والحدث، معتمدة على مبدأ التفاعلية الدائمة، ما خلق ظمأ لدى الجماهير للوصول إلى مصادر المعلومات ووسائل الترفيه والمشاركة فيها.

خلال محاضرته قبل أشهر قليلة بالملتقى العالمي للمعلوماتية أشار محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل إلى أن «أقصى سرعة للاتصال في الإنترنت قبل عشرين عاما كانت تصل إلى 56 كيلوبت/ث، وبمثل هذه السرعة كان تحميل صورة حجمها 10 ميغابايت في أقل من 25 دقيقة ضرباً من المحال، أما اليوم فلا يستغرق ذلك سوى ثوان أو أقل».

ولأنه لم يعد أحد يقبل اتصالا في عالمه الافتراضي الذي ينطلق به إلى عالم لانهائي بمثل البطء الذي كان منذ قبل عشرين سنة أو حتى قبل أشهر قليلة. ولأن الثواني أصبحت أبطأ مما كانت عليه، صار العالم يتسابق نحو تطوير شبكات الـ«جي 5»، الجيل الخامس من شبكات الاتصال فائق السرعة، والتي ستأتي خلفاً لشبكات الجيل الثالث والرابع الحالية.

هذه السرعات الحادة والثورية خلقت أنماطا جديدة من العلاقات الإنسانية، سهَّلت فيها إجراء الأبحاث والتسوق ودفع الأموال، بلمسات قليلة وقريبة جداً، فمن على شاشات الهاتف يستطاع الوصول إلى العالم والتواصل معه، بحيث يمكننا أن «نَسمع أخباره ونُسمعه أخبارنا»، حتى صَعُب على الجميع التفكير، مجرد التفكير في عالم يخلو من هواتفه الذكية، أو من الإنترنت، أو من شبكات التواصل الاجتماعي أو حتى من تطبيقات توصيل الطعام. لكن السؤال المهم: «ما الذي يحدث؟». (يتبع الأسبوع المقبل).

back to top