«صفقة القبر»

نشر في 30-06-2019
آخر تحديث 30-06-2019 | 00:08
 مصطفى البرغوثي لم يعد هناك حاجة لانتظار ما سيعلنه فريق ترامب من تفاصيل "صفقة القرن" التي اقترح أحد الأصدقاء إعادة تسميتها بـ"صفقة القبر"، فمعالمها صارت واضحة وضوح الشمس، بما طبق منها عمليا، وبما صدر من تصريحات رسمية عن فريقها، كوشنر وغرينبلات وفريدمان.

وحتى لا نطيل على القُراء سنلخص معالمها:

1- دفن فكرة الدولة الفلسطينية وما يسمى "حل الدولتين".

2- تشريع الاستيطان الاستعماري، وتسريعه، وتوسيعه. وهذا ما عناه غرينبلات عندما طالب الفلسطينيين بأن يغيروا اسم المستوطنات إلى "أحياء ومدن".

3- تشريع ضم إسرائيل للضفة الغربية بدءاً بمناطق المستعمرات وانتهاء بكامل أجزائها. 4- تشريع ضم وتهويد القدس والجولان.

5- إلغاء حق العودة وكل حقوق اللاجئين وتدمير وكالة الغوث الدولية، ومحاولة توطينهم في الأردن ولبنان ومصر.

6- إخضاع الفلسطينيين لنظام احتلال إسرائيلي وأبارتهايد عنصري دائم، وتقطيع أوصال وطنهم. 7- فصل غزة عن باقي فلسطين وتحويلها إلى مشكلة مصرية.

8- فرض التطبيع المجاني بين الدول العربية وإسرائيل دون إنهاء الاحتلال، ودون إقامة دولة فلسطين وإلغاء ما سمي "المبادرة العربية".

هذه هي "صفقة القرن"، أما ورشة المنامة الاقتصادية فلم تكن سوى مسرحية خداع سخيفة لإعادة تدوير ما يأتي للفلسطينيين من مساعدات وجعلها مشروطة بالتنازل عن حقوقهم الوطنية، وعن أرضهم فلسطين، وعن عاصمتهم القدس، وعن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية. أما هدفها الثاني فكان فتح الباب للتطبيع العربي مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

أما رقم الخمسين مليار دولار فاتضح أنه مجرد خداع، ومحاولة لنشر الأوهام للتغطية على الخطة السياسية التي هدفها تصفية القضية والحقوق الفلسطينية.

ولإيضاح الأمر، بالأرقام فقد تبين:

أولا: أن أكثر من نصف الخمسين ملياراً أي أكثر من 25 مليار دولار هي قروض بفوائد، ستؤدي إلى إغراق الشعب الفلسطيني والأردن ومصر ولبنان بديون جديدة فوق ديونها، لتمويل مشاريع تخدم مصالح إسرائيل ومخططاتها العنصرية.

ثانيا: أن 11 مليار دولار يجب أن تأتي من القطاع الخاص، ولن تأتي أبداً، لأن القطاع الخاص يريد الربح لا القيام بأعمال خيرية.

ثالثا: ما يتبقى هو 13.8 مليارا ستوزع بنسبة 44% على مصر والأردن ولبنان والباقي لفلسطين على مدار عشر سنوات أي بمعدل 1380 مليون دولار سنويا، لجميع الأطراف.

رابعا: الأموال المخصصة للأردن ولبنان ومصر لها 3 أهداف خطيرة:

ا- توطين اللاجئين وتصفية حقهم في العودة.

ب- تغيير طابع الأردن تمهيدا لتطبيق فكرة الليكود الخبيثة بأن الأردن هو فلسطين على أمل تهجير مزيد من الفلسطينين إليه.

ج- فصل غزة عن فلسطين وإلحاقها بسيناء عبر مشاريع تطويرية هناك للتخلص من مليوني فلسطيني وجعلهم مشكلة مصرية، بدل أن يكونوا شوكة في حلق إسرائيل.

خامسا: ما يتبقى لن يزيد على 800 مليون دولار للفلسطينين سنويا، وهو المعدل نفسه الذي تتلقاه فلسطين من مساعدات عربية ودولية، ولكن خطة كوشنر هي السيطرة على هذه المساعدات ووضعها في صندوق تحت إشراف الولايات المتحدة وإسرائيل واشتراط صرفها بتنازل الفلسطينين عن حقوقهم الوطنية.

سادسا: تدمير وكالة الغوث والاستيلاء على ما يأتي لها من مساعدات لوضعها في الصندوق نفسه لإعادة توجيهها للتوطين.

أي أن خدعة البحرين ليست سوى الاستيلاء على ما يأتي أصلا من مساعدات دولية للفلسطينيين ووكالة الغوث، وإعادة توجيهها لتنفيذ مطالب إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية. وهذا ما كشفه نتنياهو في تعليقه على خطة كوشنر عندما زل لسانه وقال "إن الهدف استبدال المساعدات التي تأتي للفلسطينيين بما سماه التطوير ومعناه الحقيقي التصفية". هذه المهزلة لا يمكن أن تنجح ليس بسبب إصرار الشعب الفلسطيني وقواه الحية على مقاومتها فقط، بل أيضا لسخافتها وانعدام واقعيتها وعداء شعوب المنطقة.

أما جهالة وجهل بعض المشاركين في المنامة فقد تجلت في مطالبتهم الفلسطينيين أن يتنازلوا لإسرائيل عن حقوقهم، وقد غاب عن وعيهم أن الفلسطينين كانوا وما زالوا، خط الدفاع الأول، وحائط الصد العنيد، في وجه مخططات الصهيونية، الطامعة ليس بفلسطين فقط بكل بكل بلدان العرب، ويا ليتهم يفهمون.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية.

back to top