غريد الشاطئ أحد الأصوات الرائدة في مسيرة الأغنية الكويتية الحديثة (1 - 2)

شارك في حفلات مع عمالقة الطرب منتصف الستينيات

نشر في 28-05-2019
آخر تحديث 28-05-2019 | 00:00
ينتمي الفنان الراحل غريد الشاطئ إلى مدرسة غنائية مستقلة أرسى قواعدها عبر عقود عدد من نجوم الأغنية العربية، لذلك سار الراحل على الدرب نفسه، ليؤسس لنفسه لوناً غنائياً مستقلاً، استطاع من خلاله أن يقدم العديد من الروائع التي مازالت عالقة في الأذهان وراسخة في قلوب محبي الطرب الأصيل.
عيسى خورشيد عوض من مواليد عام 1942 منطقة شرق، تعاون مع عدد من الشعراء؛ منهم منصور الخرقاوي، وجمعته حفلات شارك فيها مع عمالقة الطرب منتصف ستينيات القرن الماضي، كالراحلة أم كلثوم وفريد الأطرش ووديع الصافي وعبدالحليم حافظ وفايزة أحمد.
وقدّم الراحل، خلال مشواره الفني، ألواناً من الغناء الشعبي كالعرضة والسامري والأغاني العاطفية والموشحات، وعبر مسيرته، التي امتدت نحو 45 عاماً، قدّم عشرات الألحان؛ مثل "جودي، ومسموح، ويا بنت روحي، وعلى عيني تدلل، ويا شوق، وسلموا لي، ويا حلوة يا، وقمرية، وعجيبة، وسراب"، وعشرات من الأعمال الوطنية والرياضية، إلى جانب إسهاماته في عدد من الأوبريتات مع عدد من الفنانين والرياضيين، كما اشتهر بأغانيه الوطنية التي تزامنت مع العصر الذهبي للكرة الكويتية.
يعد الفنان الراحل غريد الشاطئ واحدا من أبرز الفنانين الذين كرّسوا مسيرتهم الغنائية في خدمة الحركة الفنية والموسيقية الكويتية منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، وقد أسهم، بشكل واضح، في تطوير أشكال الغناء المرتبط بالتراث، ومنها: الصوت الكويتي والسامري وأغاني العرضة، بعد إجراء تحويرات أساسية على جُملها اللحنية ولغتها، مع الحفاظ على إيقاعاتها وأسلوب أدائها.

قدّم غريد الشاطئ مئات من الأغاني العاطفية والوطنية والدينية، ويعتبر أحد الأصوات الغنائية الرائدة في مسيرة الأغنية الكويتية الحديثة، وقد ساعده في ذلك صوته القوي المتمكّن من أدواته، والذي جعله يتحمّل المسؤولية مع نجوم الأغنية في الستينيات والسبعينيات، من خلال المشاركة الفعلية في تطوير الأغنية الكويتية وانتشارها خارج نطاقها المحلي، فكانت البداية إلى دول الخليج العربي، ومن ثم إلى العالم العربي من خلال أغانيه الجميلة التي ما زالت تذاع حتى اليوم، وجمعته حفلات شارك فيها مع عمالقة الطرب منتصف الستينيات، كالراحلة أم كلثوم وفريد الأطرش ووديع الصافي وعبدالحليم حافظ وفايزة أحمد.

اسمه الحقيقي عيسى خورشيد عوض، من مواليد الكويت عام 1942، لديه 4 بنات وثلاثة أبناء.

بدأت قصة غريد الشاطئ مع الغناء منذ طفولته، فكان مولعاً به، ولم يتجاوز الثامنة من عمره، وكانت أسرته تسكن في منطقة الشرق.

درس في المدرسة الشرقية، وكانت هوايته المفضّلة آنذاك سماع الراديو ومشاهدة الأفلام، خصوصا أفلام الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي كان الطفل عيسى مغرما بصوته وأفلامه التي كانت تعرض في السينما الشرقية، وقد دفعه عشقه للموسيقار إلى شراء كتيّب يحتوي على كلمات أغانيه، وراح يحفظها ويغنيها بينه وبين نفسه ومع أصدقائه.

في المدرسة، مارس الطفل عيسى هوايته في الغناء بالحفلات المدرسية في مناسبات عدة، ومع الأصدقاء في طلعات البر أيام الربيع، وفي ليالي السمر ضمن فريق الكشافة المدرسية الذي انخرط فيه مدة طويلة، بعد ذلك أخذ يغني في الحفلات العامة والمناسبات الخاصة مع الأهل والأصدقاء.

المسرح الشعبي

كان للشاب عيسى صديق يدعى يعقوب العمر يدرس الموسيقى ضمن نشاط «فرقة المسرح الشعبي» آنذاك، فطلب منه مرافقته إلى مقرّ الفرقة، حيث قدمه إلى الفنانين إبراهيم الصلال ويوسف قاسم من البحرين، محمد التتان وصالح النافع، فأدى عيسى في تلك الليلة بعض الأغاني ونال إعجاب الفنانين الذين شجّعوه على الاستمرار في الغناء.

بعدما تردّد إلى مقر «المسرح الشعبي» مرات عدة، قدّمه القيمون عليه إلى مدير المسرح آنذاك، الفنان الراحل محمد النشمي، وكان يستعد لتقديم مسرحية جديدة بعنوان «تقاليد»، من تأليف الراحل صقر الرشود وتعتبر أول نص مسرحي كويتي مكتوب، وقد فصلت بين مرحلة المسرح المرتجل في الكويت والمسرح الحديث الذي يعتمد النصوص المكتوبة.

تضمّنت «تقاليد» مشهد زفاف، فطلب المخرج محمد النشمي من عيسى أن يغني في هذا المشهد، وشرح له المشهد وكيفية دخوله المسرح، فغنى أغنيتين هما: «أحب حبيبي» و"حبيبي راح»، وهذه الأخيرة من أوائل الأغنيات التي لحّنها شادي الخليج. وعرضت هذه المسرحية على خشبة مسرح مدرسة الصديق.

ومن الذين شجعوا الشاب عيسى في بداية حياته الفنية: عبدالرزاق العدساني، ومساعد بورسلي، وعبدالكريم مراد، ليشارك في حفلة غنائية لدائرة الصحة العامة (1959)، بمناسبة عودة سمو أمير الكويت الأسبق الراحل الشيخ عبدالله السالم. وكان يترأسها آنذاك الشيخ صباح السالم، فأدى فيها أغنية للفنان شادي الخليج.

مركز الفنون الشعبية

بعد هذه البداية، التقى الشاب عيسى زميله الفنان المطرب غازي العطار، وكان في بداية حياته الفنية، فاقترح هذا الأخير عليه أن يرافقه لزيارة «مركز الفنون الشعبية» التابع لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل (وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل) راهنا، كان يضمّ فنانين من بينهم: الفنان القدير حمد الرجيب رئيس المركز، وأحمد العدواني، وأحمد الزنجباري، وسعود الراشد، وأحمد البشر الرومي، وشادي الخليج، ومحمد التتان، وعبدالحميد السيّد.

بعدما قدّم عيسى خورشيد نفسه إليهم، فطلبوا منه أن يغني أغنية كويتية بحتة، فغنى لهم صوت «يا من هواه»، الذي غناه الفنان الكبير عوض دوخي، وقد رافقه في العزف الفنانون حمد الرجيب على آلة القانون، والراحل سعود الراشد على آلة العود، ومحمد التتان وعبدالحميد السيد على آلة الكمان، والمرحوم أحمد الزنجباري وصالح النافع على الإيقاع، فأعجب الحضور من الفنانين بغنائه، وعبّروا عن إعجابهم بصوته وإمكاناته، وشجعوه على الاستمرار في الغناء والتمرين الدائم على أصوله.

تردّد عيسى على «مركز الفنون الشعبية» سنة كاملة، إلى أن عرض عليه الفنان القدير أحمد باقر، وكان مشرفاً على المركز آنذاك، أغنية من تأليف ابن الصحراء وتلحينه بعنوان «يا مرحبا بالعيد... يا محلا أيامه» بمناسبة عيد الفطر السعيد، فسجّلها الشاب عيسى بين عامي 1961 و1962، يقول مطلعها:

يا مرحبــا بالعيـــد

يا محـلا أيامــــــــــه

عسى علينا يعيـــد

ونحمـل أعــلامــــــه

«جودي لا تهجريني»

بحثت لجنة إذاعية ضمت حمد الرجيب، ومصطفى أبو غريبة، ومحمد الصوان مسؤول قسم الموسيقى آنذاك، حول الاسم الفني للمطرب عيسى خورشيد الذي ستذاع الأغنية باسمه في إذاعة الكويت، وقد طرحت أسماء عدة من بينها: بلبل الشاطئ وسمير... لكن الراحل حمد الرجيب أصرّ على تسميته غريد الشاطئ، فاستمر معه الاسم.

في العام نفسه، سجّل المطرب غريد الشاطئ أغنية «جودي لا تهجريني» من تأليف الشاعر منصور الخرقاوي وألحان حمد الرجيب، ويعتبر غريد الشاطئ هذه الأغنية الأحبّ إلى نفسه، لأنها حققت انطلاقته الفنية وعرّفت الجمهور به كمطرب. يقول مطلع الأغنية:

جــــــودي لا تهجــرينـــــــي

ولو بالطيــــف زورينـــــــي

صبــــرت وشابــت عيونــــي أشـوف الهــم يطـوينـــــي

طربت من شجـــــــا روحــي خضبـــت من دم جــروحي

«يا ساحل الفنطاس»

كذلك، غنى غريد الشاطئ من ألحان الفنان القدير حمد الرجيب أغنية «يا ساحل الفنطاس» من تأليف أحمد العدواني، وقد حققت هذه الأغنية نجاحاً جماهيرياً، وكانت تذاع بشكل يومي، وحققت حضوراً مميزاً للفنان على الساحة الغنائية مدة طويلة، وتقول كلمات المقدّمة:

يا ساحـــل الفنطــــــــاس

يا ملعـــــب الغــــــــزلان

يا متعــة الجــــــــــــلّاس

يا سامـــر الخـــــــــــــلان

رمــالـك النشــــــــــــوى

والبحــــر ساقيــهـــــــــا

فرع«أيا معشر العشاق»ي

قدمت أغنية «أيا معشر العشاق» في ألحان عدة منها بصوت الفنان البحريني المعروف عبدالله أحمد بإيقاع يماني، ومنها بلحن صوت عربي سداسي غناه غريد الشاطئ من ألحان المرحوم محمد التتان، وتعتبر هذه الأغنية الثالثة أو الرابعة في مسيرة غريد الشاطئ الفنية، أما بالنسبة إلى المرحوم الفنان محمد التتان فيعتبر هذا اللحن الثاني في حياته الفنية. يقول مطلع الأغنية:

أيـــــــا معشـــــــر العشـاق بالله خبــــروا

إذا حـــــل عشــق بالفتى كيف يصنـــــع

يــــــــــداري هــــــواه ثـــــم يكتــــم ســـره

ويخشــع في كل الأمــــور ويخضـــــــــع

وكيــــــــــف يـداري والهـــوى قاتل الفتـى

وفــي كـــــــل يـــوم قلبـــــــــــــه يتقطّـــــع

إحدى أبرز الأغنيات التي قدّمها غريد الشاطئ في بداياته أيضاً: «ليالي الوفا» من ألحان الفنان الكبير الراحل أحمد الزنجباري، وتعتبر هذه الأغنية أحد الأعمال الخالدة التي قدّمها الزنجباري للنهوض بالموسيقى الكويتية وتطويرها، وهو أول من استعمل آلات غربية في كثير من ألحانه. وفي هذه الأغنية استخدم للمرّة الأولى البيانو، يقول مطلعها:

يــاهـــلا ياللــــي لفـــانــــي مــرحبــاً باللــــي لفــــــــا

بعــد ما صـــد وجفـانـــــــي عــادنــي بعــد الجفــــــــــا

كبار الملحّنين

في بداية مسيرته الفنية، تعاون غريد الشاطئ مع إبراهيم الصولة ومحمد التتان، ثم مع خالد الزايد، وغنام الديكان، وعبدالرزاق العدساني، وأحمد الزنجباري، وحمد الرجيب، وابن الصحراء، وأحمد عبدالكريم، وعبدالرحمن البعيجان، ويوسف المهنا، وعبدالله بوغيث، ومصطفى العوضي، وسليمان الملا، وفتى الصحراء، ابن الكويت... ومن أبرز ما غناه من ألحان ابراهيم الصولة ومن كلمات الشاعر عبدالمحسن الرفاعي، أغنية «ريم المطبه» ويقول فيها:

والـورد في وجنتيه أصنـــاف

ياليتني كنت قطافـــــــه

ليـت المحبـة تصير أنصـــاف

بين المحبين نصافــــــــه

صاحب حنجرة قويّة

يصفه زملاؤه من الفنانين بصاحب الحنجرة القوية، وقد أثرى غريد الشاطئ المكتبة الغنائية الكويتية بألوان من الفنون الشعبية الأصيلة في الأغاني التي قدّمها، عبر تعاونه مع غالبية الملحنين والمؤلفين الكويتيين، من هؤلاء: الملحن إبراهيم الصولة الذي غنى له أغنيات ناجحة، وكان أول لقاء فني بينهما في أغنية «سلموا لي على اللي سم حالي فراقه» (1961)، من شعر المرحوم فهد بورسلي.

في عام 1965، غنى سامرية بعنوان «يوم الخميس اللي مضى مريت» من ألحان ابراهيم الصولة وكلمات عبدالمحسن الخراز، يقول مطلعها:

يوم الخميس اللي مضى مريت

صوب الحبيب اللي على بالي

يوم شفت زوله قلت أنا ياليت

أقضى العمر وياك يا الغالي

ياليتني لصبحت أو مسيـــــت

أشوف ولفي قاعد أقبالـــي

حمل على عاتقه مسؤولية تطوير الأغنية مع رفاق الدرب خلال الستينيات والسبعينيات

حمد الرجيب أصرّ على تسميته غريد الشاطئ ليستمر معه الاسم حتى الآن

قدم «أحب حبيبي» و«حبيبي راح» في مسرحية «تقاليد»

درس في المدرسة الشرقية وكانت هوايته المفضّلة آنذاك سماع الراديو ومشاهدة الأفلام
back to top