خلل سكاني وفساد منظم

نشر في 22-05-2019
آخر تحديث 22-05-2019 | 00:18
 محمد المقاطع قضيتان ملحتان في الكويت، لا يمكن إغفال النظر عنهما، أو التساهل بشأنهما، للدرجة السيئة التي وصلتا إليها، ففي الكويت صار الفساد "بعبعاً" يلتهم أموال الدولة ومكتسباتها ومؤسساتها، ويؤرق كل مواطن، لما بلغه من مراحل صار ملموساً ومدركاً ومنظماً تدل عليه ممارسات، وتبرره أحداث ومجريات، وله زعاماته ورموزه السياسية والنيابية والحكومية، وجهات رقابته معطلة!

ماذا ننتظر؟... وإلى متى سنتفرج ويتم التعامل مع الموضوع بتجاهل غريب بل بمشاركة من كل الأطراف؟! فها هي الكويت تحتل مراكز متدنية بمؤشرات مدركات الفساد، حسب تقييم المنظمة العالمية لمكافحة الفساد، وجاءت متراجعة عن مركزها السابق 20 مركزاً، بل في ذيل القائمة بين دول الخليج، ما يعني أنها الأكثر فساداً خليجياً، حسب تلك المؤشرات، وتتمثل مظاهر الفساد التي رصدتها المنظمة المذكورة في ما يلي:

– انتشار الرشوة.

– استخدام المال السياسي.

– استغلال السلطة العامة لمصالح شخصية ‏- وغيرها.

– وليس لدينا شك في أن الجهود المبذولة رسمياً وبرلمانياً للتصدي للفساد متواضعة وغير مجدية، وهو ما أدى إلى وصول الكويت إلى مراتب الفساد، ما يعني أن كلاً من الحكومة ومجلس الأمة يتحملان المسؤولية.

إن حالة الفساد وما بلغته من درجة تستدعي جهوداً متكاملة وحقيقية، وتغييراً لا يمكن أن يكون عادياً، ولكن هل يمكن الاعتماد على الحكومة والبرلمان في النهوض بذلك؟

إن الإرادة الشعبية لم تُمنح الفرصة والرقابة الجادة ومؤسساتها في سبات عميق، وهو ما يخشى معه بلوغ مرحلة اللاعودة، فهل نرتجي جهوداً مخلصة تنقذ البلد قبل فوات الأوان من المجتمع المدني ومؤسساته؟

– أما التركيبة السكانية فهي مسألة مستقبل بلد، وتحتاج إلى حلول متكاملة، وقرارات وتشريعات لمنع ضياع البلد وسيادته، بعد أن صار أهله أقلية أدنى من ٢٥ في المئة‏ من السكان، وهناك جنسيتان (من العمالة المتوسطة والهامشية) تشكلان مع بعضهما عدداً يفوق أهل البلد، ما ينذر بكوارث وأزمات متفاقمة ما لم يتم التصدي للأمر بصورة جادة وعملية، خصوصاً أن بيد هاتين الجنسيتين التحكم في شؤون التعليم والصحة، والمراكز الحساسة، والمهن الحرفية والفنية في الدولة قبل القطاع الخاص، وحديث الحكومة عن ارتفاع الباب الأول، وهو المرتبات، قول صحيح، لكنه ناقص بأن ٥٠ في المئة‏ منه تذهب لغير المواطنين، رغم وجود بطالة مقنعة بينهم لعدم الحاجة إليهم.

إن الخدمات العامة الصحية، والطرق والمحروقات، ودعم السلع والتعليم يستفيد منها غير الكويتي، ولا يقدم مقابلاً كافياً نظير ذلك، إذ ليس لدينا ضريبة دخل، ولا ضريبة القيمة المُضافة، ولا رسوم خدمات فعلية عليهم، بل إن معظم دخلهم بالكويت يحول إلى بلدانهم، ولا يدخل الدورة الاقتصادية للبلد، فلا أقل من فرض ضريبة دخل على التحويلات.

إن وجود تركيبة سكانية مختلة صار مصدراً لقلق مستمر للدولة اجتماعياً، ومالياً وثقافياً، وقيمياً وأخلاقياً، بل إنه صار مصدراً للمتاجرة بقوت بعض هذه الفئات المغلوبة على أمرها من قبل مجرمي تجار الإقامة والخدم، وزادت مظاهر وأشكال الجريمة، حتى ان بعضهم احتل مواقع ومراكز صارت تمثل انتقاصاً أكيداً لسيادة الدولة مثل القضاء، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة جادة عملية لا خطب إنشائية أو جلسة مجلس أمة للتنفيس، فالمشكلة معروفة، ومخاطرها مدركة، وحلولها كثيرة، فهلا أصلحنا البلد قبل الغرق.

back to top