صراع متفاقم على حصص النفط في العراق

استهداف 6.2 ملايين برميل يومياً في 2020 و9 ملايين في 2023

نشر في 17-05-2019
آخر تحديث 17-05-2019 | 00:04
No Image Caption
يمارس الكرملين ضغطاً سياسياً كبيراً على شركات النفط الروسية من أجل المحافظة على حصصها بل وربما توسيع حضورها في مختلف أرجاء العراق، وخصوصاً بعد أن قامت شركات أميركية في الآونة الأخيرة بمحاولات لإعادة تعزيز وجودها عبر البلاد.
ينظر العراق إلى رفض الولايات المتحدة تمديد الإعفاءات لدول تستورد النفط من إيران باعتباره موافقة ضمنية على قيامه بضخ نفطه بأقصى طاقة إنتاج ممكنة، وهذا يتوافق مع هدف وزارة النفط العراقية الذي كشفت عنه مصادر ذات صلة بالوزارة الأسبوع الماضي لنشرة «أويل برايس» وهو زيادة قدرة البلاد على إنتاج الخام إلى 6.2 ملايين برميل يومياً على الأقل مع نهاية عام 2020 وإلى 9 ملايين برميل يومياً على الأقل مع نهاية عام 2023.

وتزامناً مع ذلك، أعلنت وزارة النفط العراقية اتفاقها مع شركتي إكسون- موبيل ExxonMobil وبيترو تشاينا PetroChina على الشروط المبدئية المتعلقة بتنفيذ المشروع المتكامل للمنطقة الجنوبية وهو مشروع مهم لتطوير البنية التحتية للحقول من المنتظر أن تترتب عليه زيادة الإنتاج من الجنوب، وهذا الاتفاق غير مؤكد إلى حد كبير حتى الآن بحسب مصدر عراقي وهو لا يشمل بالضرورة عقداً لمد المشروع بمياه البحر.

مشروع مياه الخليج

ويشمل المشروع الأخير سحب ومعالجة مياه الخليج العربي ومن ثم إيصالها إلى منشآت الإنتاج النفطية بغية ضخها إلى المكامن من أجل تعزيز قوة الضغط في الحقول الرئيسية الأربعة في جنوب العراق وهي الرميلة ومجنون والزبير وغرب القرنة ويعتبر هذا المشروع من وجهة نظر التجار والمحللين والسياسيين المدخل الرئيسي لإطلاق طاقة العراق النفطية الضخمة الكامنة التي يقدر سيناريو وكالة الطاقة الدولية قدرتها بما لا يقل عن 12 مليون برميل يومياً.

من جانبها، تسيطر روسيا على صناعة الغاز في شمال العراق من خلال اتفاق أبرم في شهر نوفمبر 2017 مع حكومة كردستان وهي تتطلع أيضاً إلى تعزيز مركزها في الجنوب.

والأسبوع الماضي طلبت من ذراعها الرئيسي في المنطقة أي شركة لوك أويل Lukoil أن تزيد بصورة جذرية وتيرة تطويرها لحقل غرب القرنة 2 النفطي الذي تستحوذ على حصة الأسد منه البالغة 75 في المئة، بينما تملك النسبة المتبقية شركة نفط الشمال المملوكة كلياً للدولة العراقية.

ويمارس الكرملين ضغطاً سياسياً كبيراً على شركات النفط الروسية من أجل المحافظة على حصصها بل وربما توسيع حضورها في مختلف أرجاء العراق، وخصوصاً بعد أن قامت شركات أميركية في الآونة الأخيرة بمحاولات لإعادة تعزيز وجودها عبر البلاد بحسب قول مصدر عراقي إلى «أويل برايس» في الأسبوع الماضي.

وقال المصدر، إن روسيا تعتبر الخطوات التي تقوم بها الشركات الأميركية في العراق مشابهة للطريقة التي كانت بريطانيا قد استخدمتها في زمن مضى من أجل إحكام قبضتها الاقتصادية والسياسية على الهند من خلال دعمها لشركة الهند الشرقية.

وكان هذا الضغط قد تزايد بعد اجتماع عقد أخيراً بين مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف ورئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، وحضره ممثلون عن رجل الدين مقتدى الصدر الذي يمثل قوة سياسية فاعلة في العراق.

وبحسب مصدر عراقي، تقوم سياسة الصدر على استقطاب مختلف الأطراف، فقد وافق أخيراً على مشاركة إيران في مشروع الجنوب المتكامل، لكنه سمح أيضاً بمشاركة إكسون – موبيل في هذا المشروع، كما شجع روسيا على زيادة حضورها في حقول النفط.

ويضيف المصدر أن الصدر يعتقد أن حصيلة هذه السياسة ستكون أفضل للجميع، وتحقق في الوقت ذاته وعده الانتخابي بألا يصبح العراق من جديد تحت هيمنة دولة أخرى.

غرب القرنة 2

وتماشياً مع هذا أعلنت لوك أويل Lukoil في الآونة الأخيرة أنها سوف تزيد الإنتاج من حقل غرب القرنة 2 إلى 480 ألف برميل يومياً بحلول عام 2020 ثم إلى 800 ألف برميل يومياً في 2025، وفي ضوء الإنتاج الحالي من الحقل الذي يبلغ 400 ألف برميل يومياً وهو يمثل نحو 9 في المئة من إجمالي إنتاج نفط العراق، وقد يبدو الرقم الأخير عالياً، والحقيقة هي أنه مختلف جداً عما سبقه.

وكان هدف الإنتاج في المرحلة الأولى من حقل غرب القرنة 2 الذي يقع على بعد 65 كيلومتراً إلى الشمال من ميناء البصرة، ويضم احتياطي يقدر بنحو 14 مليار برميل هو إنتاج 120 ألف برميل يومياً، وكان هدف المرحلة الثانية هو 480 ألف برميل يومياً.

أما المرحلة الثالثة فتركز على تشكيل اليمامة الأعمق من أجل إضافة 650 ألف برميل يومي أخرى إلى المزيج وصولاً إلى 1.8 مليون برميل يومياً.

وحتى الآن كان تقدم لوك أويل Lukoil متبايناً، واستغرق الأمر أكثر مما توقعته الحكومة لبلوغ هدف المرحلة الأولى، وخصوصاً في ضوء الجيولوجيا السهلة نسبياً للحقل. وبشكل خاص وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإن التكلفة التشغيلية لكل برميل في غرب القرنة 2 هي دولاران للبرميل ويشمل هذا كل النفقات التي يتكبدها المشغل خلال عمليات الإنتاج اليومية لكنه يستثني الضرائب المفروضة من الحكومة وكذلك التعويضات الأخرى للمشغل.

وتعتبر تكلفة رأس المال لتطوير غرب القرنة 2 متدنية بصورة نسبية وتقدر بأنها ستكون ما بين 7 إلى 12 دولاراً للبرميل.

وفي ضوء هذه التكلفة المتدنية جداً، فإن أرقام لوك أويل Lukoil عند 1.15 دولار تبدو مبررة وعلى أي حال فإن المعدل آثار اختلافات بين الحكومة في بغداد و لوك أويل Lukoil لأن تلك التكلفة كانت الأدنى لتطوير أي حقل.

وكان الحد الأدنى التالي قد تمثل في اتفاقية شل Shell لتطوير حقل مجنون عند 1.39 دولار للبرميل وهي الاتفاقية التي انسحبت منها، وبالمقارنة فإن كلفة البرميل في عقد إكسون الأصلي لتطوير حقل القرنة 1 كانت 1.90 دولار.

وحدث الخلاف الأخير في العام الماضي وبحسب ما قاله مصدر لنشرة «أويل برايس» فإن وزراة النفط العراقية قد اكتشفت أن روسيا لم تصل لإنتاج 650 ألف برميل يومياً خلال فترات متعددة في الشهرين الماضيين مع أنها تستطيع تحمل هذا الحجم من الإنتاج لكنها اختارت عدم القيام بذلك بسبب المعدلات المنخفضة لتعويض البرميل.

وعند تلك النقطة وفي ضوء نقص عدد شركات النفط الدولية الأخرى التي تريد المشاركة في ظل هذا المعدل المتدني فقد وافقت وزارة النفط على تمديد الإطار الزمني للاستثمار إلى 25 – 30 سنة مخفضة بذلك وبشكل فعلي التكلفة الرأسمالية اليومية للبرميل المستخرج، كما سمحت أيضاً لشركة لوك أويل Lukoil بخيار زيادة حصتها من المستوى الحالي البالغ 75 في المئة إلى 80 في المئة، بحسب ما ذكره المصدر، الذي أضاف أن لوك أويل Lukoil وافقت في ضوء ذلك على استثمار 1.4 إضافية في الأجل القصير ثم 3.6 مليارات دولار أخرى لكن ذلك مرهون بنظام حصص الإنتاج في «أوبك»، ومستويات تصدير إيران للنفط وتطور طاقة التصدير في الجنوب.

وفي ضوء هذا لن يكون تحقيق 635 ألف برميل يومياً مسألة ممكنة، بل ان لوك أويل Lukoil تعتقد بحسب «أويل برايس» أنها تستطيع بلوغ 700 ألف برميل يومياً بحلول نهاية العام المقبل وليس 480 ألفاً يومياً و800 ألف برميل يومياً في نهاية عام 2021 وليس 2025.

وبحسب متعاقدين صينيين، فإن العراق وروسيا وبغية تسريع عمليات الحفر وافقتا لشركة بوهاي Bohai الصينية الهندسية في وقت سابق من هذه السنة على عقد اتفاق مع شركة النفط تحفر بموجبها 28 حقل إنتاج نفطي جديد في غرب القرنة 2 بحلول نهاية 2020.

ويتمثل الحافز الإضافي لشركة لوك أويل لاختيار غرب القرنة 2 في أن وزارة النفط العراقية غير مرتاحة لنتائج إكسون - موبيل ExxonMobil في غرب القرنة 1 وهي تدرس دفع الشركة لترك الحقل.

ويتوقف ذلك على موافقة اكسون - موبيل ExxonMobil على الشروط النهائية لمشروع الجنوب SIP. وكان من المتوقع أن يحتوي غرب القرنة 1 على احتياطيات قابلة للاستخراج بأكثر من 20 مليار برميل بحسب آيتوشو Itochu اليابانية التي اشترت حصة شل Shell في العام الماضي لقاء 406 ملايين دولار عن طريق شركة فرعية هي سيكو المحدودة لغرب القرنة كورنا لمتد CIECO West Qurna Limited.

ومن جديد وبغية تشجيع شركة اكسون - موبيل على زيادة تطويرها للحقل بعد مغادرة شل عرض عليها تاريخ بدء رسمي لعقد غرب القرنة 1 بعد عامين من التاريخ الفعلي ولكن من دون زيادة في الاستثمار.

وكان هذا يعني أن إكسون - موبيل سوف تحصل على مزيد من الوقت لجمع المال وتحقيق المزيد من الأرباح بمرور الوقت. وبرغم هذا لم يتحقق أي تقدم لبعض الوقت في الحقل الذي لا يزال ينتج حوالي 400 ألف برميل يومياً مع عدم وجود مؤشرات تقدم في الأفق، وكان إنجاز إنتاج 2.82 مليون برميل في اليوم في غرب القرنة 1 و1.8 مليون برميل في اليوم من غرب القرنة 2 حيوياً بالنسبة إلى خطط العراق الطويلة الأجل للتفوق على إنتاج السعودية المنتج الأكبر للنفط في العالم وذلك بحسب مصدر»أويل برايس» الذي أضاف أنه إذا لم تحقق إكسون - موبيل تقدماً حقيقياً في وقت قريب، فإن وزارة النفط سوف تعرض الحقل على شركة أخرى وربما تكون لوك أويل إذا حققت تقدماً جيداً في غرب القرنة 2 وسوف يشكل هذا تقدماً رئيسياً في سياسة روسيا الرامية إلى تعزيز حضورها في المنطقة التي تمتد من سورية في الشمال وصولا إلى العراق ثم إيران واليمن جنوباً.

* سيمون واتكينز – أويل برايس

back to top