«ضبطوا اللائحة»

نشر في 29-11-2018
آخر تحديث 29-11-2018 | 00:09
 علي محمود خاجه هو رأي كتبته سابقا وما زالت مطالبتي قائمة، وأعتقد أنه من الضروري بل الضروري جداً معالجة النقص الواضح في معالجة أداة من أهم أدوات المجلس رقابيا للابتعاد عن أي اجتهادات أو تناقضات مستقبلا، لم أعلم بأمانة أسباب عدم المعالجة إلى اليوم أو حتى طرح فكرة المعالجة من قبل المجلس، لذلك أعيد بعض ما كتبت في السابق لعل وعسى أن يجد آذانا صاغية.

فما زالت أداة الاستجواب تشغل الرأي العام مهما زاد أو قل الاهتمام بمتابعة مجلس الأمة، فثقافة أن يكون الاستجواب بمثابة مقصلة قد تُسقط المستجوب أو المستجوب بفتح أو كسر الواو ما زالت سائدة للأسف والأسباب كثيرة، أهمها عدم موضوعية النواب في التقييم، وعدم قدرة معظم الوزراء وأغلبهم من أبناء الأسرة على الرد، إما لضعف الحجة أو عدم القدرة على قول جملة مفيدة أو الاثنين معا.

عموما حديثي ليس عن كيفية تحويل الاستجواب إلى مساءلة طبيعية خاضعة للموضوعية والتجرد والردود المنطقية لأنها لن تحدث ما دامت ثقافة المجتمع ثابتة على التعاطي مع المجلس والحكومة أو أجزاء منها مبنية على طائفة أو قبيلة أو أصل في الغالب كفرق يشجعونها بتعصب.

حديثي اليوم، وقد ذكرته بشكل مقتضب في مقال سابق، عن أن أداة الاستجواب بحد ذاتها يجب أن تدعم لائحيا بنصوص أكثر وضوحاً تمنع أي مجلس من الاجتهاد والتأويل كلٌ حسب أهواءه وما يشتهيه، فلو نظرنا للموضوع بتجرد تام دون أي حسابات فإن المجلس يتكون من طرفين، وهما النواب المنتخبون وأعضاء الحكومة، وكما ينص الدستور فإن للنواب المنتخبين حق الاستجواب، وقد رتبت اللائحة بعض التفاصيل المتعلقة بالعدد والزمن لأداة الاستجواب في حين أنه لا اللائحة ولا الدستور قدما للطرف الثاني من تركيبة المجلس، وأقصد هنا أعضاء الحكومة أي أداة عدا التأجيل، وبالطبع فإن هذا الأمر يعود لأن النصوص المكتوبة لم تفترض سوء النية أو عدم الموضوعية أو التعسف أو التجاهل من طرفي المجلس.

فعلى سبيل المثال ماذا لو قدم نائب اليوم استجوابا لوزير الصحة على خلفية شكل التعويضات المقدمة للمتضررين من الأمطار؟ ما الأدوات التي يمكن أن تحمي الوزير من هذا التصرف لائحياً لا عرفاً أو اجتهاداً أو تصويتاً.

وعلى سبيل المثال أيضا، ماذا لو قدم استجواب لرئيس الوزراء حول السياسة العامة للدولة، ورفض رئيس الوزراء صعود المنصة، بل طالب برفع الاستجواب بكامله أو وأده باللجان؟ ما الأدوات التي تتيح للنائب لائحياً ممارسة حقه، وأنا هنا لا أتحدث عن عرف جارٍ ولا عن تصويت نواب غير خاضع للموضوعية، بل ضمانة حقيقية ونص واضح لا تحكمه الأهواء.

أعتقد أن عدم تضمن لائحة المجلس أموراً أساسية متعلقة بواحدة من أكثر أداوت الرقابة أهمية هو أمر غير مفهوم وغير منطقي أبداً، وهو ما يفتح باب الاجتهاد السيئ في غالبه لعدم موضوعية معظم عناصر مجلس الأمة، وعليه لابد من إقرار نصوص تقدم ضمانة جيدة للمستجوِب والمستجوَب بشكل خاص وللرقابة وأدواتها بشكل عام، وتغنينا عن الدخول في دوامة ابتكار سبل متنوعة لحماية أي من الطرفين، فالمسألة تحتاج معالجة نصية واضحة تقدم كل الضمانات للطرفين لتفادي أي لغط لا داعي له مستقبلا.

back to top