إرغام روسيا على التراجع في الشرق الأوسط

نشر في 01-10-2018
آخر تحديث 01-10-2018 | 00:00
 نيويورك بوست تجد إسرائيل نفسها للمرة الأولى منذ عقود في الطرف الذي يواجه التهديدات الروسية، برز هذا التوتر عقب إسقاط قبل أيام طائرة عسكرية روسية من نوع إليوشن-ال 20 ومقتل أفراد طاقمها الخمسة عشر بسبب رد أنظمة الدفاع الجوية السورية على ضربات جوية إسرائيلية استهدفت شحنات أسلحة إيرانية في سورية، لا شك أن أزمة مماثلة تبدو بأمس الحاجة إلى الدبلوماسية الأميركية لإدارتها، لكننا لم نشهد حتى اليوم أي إشارات إلى دبلوماسية مماثلة. يسهّل أمران حملة إسرائيل ضد الأسلحة الإيرانية في سورية: المقاربة المحترفة الدقيقة التي يتبعها سلاح الجو الإسرائيلي، مركّزاً على أهدافه المحددة ومتفادياً الأضرار الجانبية، وإدارة إسرائيل الذكية لعلاقتها مع روسيا منذ انتشار الجيش الروسي في سورية في عام 2015. يتواصل بنيامين نتنياهو جيداً مع بوتين، ويحافظ سلاح جو كلا البلدين على قناة لتفادي التضارب بغية تجنب الحوادث، ولا شك أن القوات السورية، إما عن عدم كفاءة أو عن خبث، أسقطت الطائرة الروسية، مستخدمةً صواريخ زودتها بها روسيا، لكن هذا الحادث أدى إلى التنديد الروسي الأشد بالضربات الجوية الإسرائيلية مع التأكيد على حق روسيا بالرد. تفاعلت إسرائيل بسرعة مع التهم الروسية عن أنها استخدمت طائرة "L20" كغطاء لهجومها أو أخفقت في توجيه الإنذار المناسب. عبّرت إسرائيل عن أسفها لمقتل الروس، وأوضحت أن طائراتها عادت قبل انطلاق الصاروخ السوري، وأوفدت قائداً من سلاح الجو الإسرائيلي إلى موسكو ليقدّم تقريراً كاملاً.

تقلّب الخطاب الروسي بين طرفَي نقيض، فتحدث بوتين عن "سلسلة من الظروق العرضية المأساوية"، في حين أعلن وزير الدفاع أن إسرائيل "إما تفتقر إلى الاحتراف أو عملت بإهمال إجرامي".

لطالما تمتعت روسيا بالقدرة على الحد من حرية عمل إسرائيل في سورية، غير أنها قررت عدم القيام بذلك، ولكن اليوم مع رد الفعل الداخلي العنيف المحتمل جراء خسارة أرواح بشرية، وبحض من إيران وسورية، قد تتبدل هذه السياسة لتشكّل إشارة إلى الآخرين في المنطقة أن للدم الروسي ثمناً. من الممكن استخدام الأسطول الكبير من الطائرات والسفن الحربية الروسية المنتشرة حالياً في الشرق الأوسط للحد من المجال الجوي الذي تعمل فيه الطائرات الإسرائيلية، كذلك قد ترفض روسيا استعمال قناة تفادي التضارب، مع أنها لم تقم بذلك حتى اليوم.

وفي الحالات القصوى قد تواجه روسيا الطائرات الإسرائيلية مباشرةً، فقد أعلنت موسكو قبل أيام أنها ستزود سورية بأنظمة دفاع جوي متقدمة من طراز إس-300.

لن تعلّق إسرائيل بالتأكيد حملتها، لكن الخطوات الروسية قد تعرّض الطيارين الإسرائيليين للخطر لأنها تمنح الجهود الإيرانية زخماً أكبر، بخلاف تصريح من وزير الخارجية مايك بومبيو قدّم فيه التعازي بالروس القتلى وطالب بإنهاء تدفق الأسلحة الإيرانية إلى سورية، لم نسمع من الولايات المتحدة أي تعليق، وهذا غير كافٍ بالتأكيد.

انتُقد الرئيس ترامب بحق لتملقه الرئيس الروسي، ولكن إذا كان لتقرّبه من بوتين أي قيمة، فاليوم الوقت المناسب لتوظيفها في مسألة ذات فائدة، إذ يجب أن تتواصل الولايات المتحدة مباشرةً مع روسيا وتوضح في تصريحاتها العامة أنها تدعم حملة إسرائيل المشروعة في سورية، التي تهدف إلى منع إيران من نشر أسلحة لاستهداف إسرائيل، وأنها تعارض تزويد روسيا سورية بأنظمة إس-300، كذلك من الضروري أن يقوم مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى بزيارة تضامن إلى إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك يجب أن تشجّع الولايات المتحدة مجموعة من الدول الأخرى على الانضمام إليها في إدانة مغامرات إيران العسكرية في سورية، وتمثل جلسة مجلس الأمن في الأمم المتحدة، فرصة ممتازة، مع أن الخلافات المستمرة بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية قد تصعّب ذلك.

أقدم ترامب أخيراً على خطوة إيجابية تشير إلى تبدّل في موقفه الذي أصر فيه على ضرورة مغادرة الجنود الأميركيين شرق سورية قريباً، صحيح أن حملة محاربة "داعش" شارفت على نهايتها، إلا أن هؤلاء الجنود يساهمون رغم ذلك في منع إيران من بلوغ أجزاء من سورية قد تستخدمها في شحن الأسلحة ونشرها. فضلاً عن ذلك، إذا حدت روسيا من حرية إسرائيل، فقد تُضطر القوات الأميركية إلى تنفيذ المزيد من الخطوات العملية ضد الأسلحة الإيرانية.

أخيراً، ينبغي للإدارة الأميركية والكونغرس تسريع، من خلال اعتمادات إضافية، تمويل الخمسة مليارات دولار المخصصة للدفاع الجوي والتي تعهدنا في مذكرة التفاهم عام 2016 بتقديمها لإسرائيل خلال العقد التالي، فتضمن هذه الخطوة أن إسرائيل مجهزة للدفاع عن نفسها ضد الأسلحة الإيرانية الأكثر خطورة في سورية.

يشكّل الحادث الأخير تحذيراً من أن سورية قد تزداد سوءاً، لذلك على الولايات المتحدة العمل على احتواء الأضرار، والدفاع عن حليفنا، وكبح لجام ردود الفعل الروسي والطموحات الإيرانية.

* دانيال شابيرو

* «نيويورك بوست»

back to top