الحركات الإسلامية السُّنية والشيعية في الكويت (الحلقة التاسعة والأخيرة)

تطورها الفكري والتاريخي 1950-1981م...

نشر في 07-05-2018
آخر تحديث 07-05-2018 | 00:05
يرصد د. علي الزميع في هذا الكتاب الذي أنجزه باللغة الإنكليزية بين عامي 1985 و1988م وحصل به على الدكتوراه في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، مسيرة القيادات الإسلامية السنية والشيعية، وتطور حركاتهم على الساحة الكويتية بين عامي 1950 و1981م.

فهذه التيارات أدت، ومازالت، دوراً مؤثراً في حراك المجتمع الكويتي الاجتماعي والسياسي والثقافي، وذلك في حقبة تاريخية مثلت إحدى أهم حقب تكوين المجتمع الكويتي.

وهذا الكتاب ينشر بعد مرور ربع قرن على إنجازه، مما يعني أن هناك تساؤلات قد تواجه القارئ بشأن وجود تباين بين ما توصل إليه من نتائج وبين الواقع الراهن.

اقرأ أيضا

جاء الكتاب في 6 فصول، الثلاثة الأولى قدمت دراسة وصفية لمختلف الحركات وأغراضها ومؤسساتها وتفاعلها مع محيطها الاجتماعي، وردود أفعال النظام السياسي والقوى الفكرية السياسية الأخرى ومواقفها من تلك الحركات. وفي الفصل الرابع قدم خلفية للمجتمع الكويتي بين عامي (1963 و1981)، وفي «الخامس» استقصى الوجود السني وتفاعلاته من الفترة نفسها، وفي «السادس» تناول الوجود الشيعي في الفترة ذاتها، ممثلا بحزب الدعوة والشيرازية، واختتم البحث بعرض لمسيرة التفاعل الاجتماعي والسياسي للحركة الإسلامية في الكويت. وفيما يلي تفاصيل الحلقة التاسعة والأخيرة.

الشيعة بعد الثورة الإيرانية

استمر وضع الشيعة بالكويت هادئاً في سياق الظروف المحلية وردود الفعل حتى اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، التي لفتت انتباه المسلمين جميعاً في ذلك الوقت بكل أنحاء العالم، خصوصا الشيعة، فبدأت تغير ميزان القوى السياسية في المنطقة، وتسببت في إحداث صدمة فكرية وسياسية، وشكلت توجها إسلاميا شيعياً عاماً اكتسح كل الكيانات الشيعية، وزرع في وسطهم توجها يؤيد ويوالي إيران ونظامها الجديد، بكل ما يمثله من طموح مذهبي وسياسي، كان في الماضي مجرد حلم بعيد المنال، وصل آية الله الخميني وحوَّل هذا الحلم إلى حقيقة تجسَّدت في ثورة سعت إلى تحقيق الطموحات الدينية، عبر تأسيس دولة إسلامية شيعية تطبق الفكر والشرع الإسلامي، وتحمي الشيعة في أنحاء العالم، وقد حقق هذا طموح الشيعة السياسي.

كانت الكويت واحدة من أوائل البلدان في المنطقة التي تأثرت بالثورة، كان ذلك في مرحلة مبكرة عندما غادر الخميني العراق بأمر من النظام العراقي، وكانت الجهة البديلة بالنسبة له لم تحدد، فالكويت بحكم أنها أقرب دولة إلى إيران كانت الخيار الواضح، لأن العديد من أفرادها كان لهم علاقة طيبة معه، خصوصاً وكيله عباس المهري، الذي حاول الحصول على تأشيرة دخول له، وسافر الخميني عن طريق البر مع بعض أقاربه ومؤيديه من النجف حتى وصلوا إلى منفذ العبدلي على الحدود العراقية- الكويتية في أكتوبر 1978، وكان في انتظاره وفد ضخم على رأسه وكيله المهري، وعدد من العلماء الشيعة الكويتيين.

وفوجئ المستقبلون برفض الحكومة الكويتية السماح للخميني بدخول أراضيها، فبقي عدة ساعات على الحدود لا يعلم أين يذهب، ثم عاد إلى بغداد بمرافقة الشرطة العراقية، ومن هناك غادر إلى باريس، فغضب معظم الشيعة الكويتيين من موقف حكومتهم تجاه الخميني، واعتبروه موقفا سلبياً من الشيعة في الكويت وإيران، وأصدروا منشورا سياسيا وزع بشكل سري في أنحاء الكويت باسم «مناصرو الإمام الخميني»، وحمل عنوان: «الكويت: متى كانت محمية إيرانية»، وهاجموا النظام السياسي، واتهموه بإخضاع البلد لوصاية الشاه ونظامه، وإهانة الطائفة الشيعية في الكويت وإيران من خلال إهانتهم الإمام الخميني المرجع الأعلى للطائفة.

مثل البيان نهاية مرحلة الولاء والمسالمة المطلقة بين أغلبية الشيعة في الكويت والنظام الكويتي، وكان بداية المواجهة بينهما، حتى أصبح الشيعة القوة المعارضة الرئيسة على الساحة الكويتية، ولم تقف التطورات عند هذا الحد، بل تصاعدت وتطورت بوتيرة متوازية مع نمو الثورة في إيران، لدرجة أن كل الشيعة، خصوصاً الحركات الدينية كان شاغلها الوحيد متابعة تطور الثورة.

وفي هذه الأثناء ترقى عباس المهري وابنه أحمد إلى مواقع رفيعة، فحظوا بمواقع قيادية جماهيرية بارزة، بسبب صلتهم المباشرة مع الخميني، بحكم موقع المهري كوكيل له، وظهرت هذه القيادة الجديدة في الساحة الشيعية الكويتية، وتم تكريسها عندما وصل الخميني إلى طهران من باريس، وأعلن تأسيس الجمهورية الإسلامية، أظهر بعدها الكويتيون الشيعة سرورهم، ونظموا الاحتفالات، وبدأت صور الخميني بالظهور، وتم تعليقها في معظم محلات الشيعة ومنازلهم، كان شعورهم بالفرح ممزوجا بالتحدي والفخر، وبلغ ذلك مداه عندما خرجت مظاهرة ضخمة في فبراير 1979 انطلقت من بيت المهري يقودها ابنه أحمد، وتوجهت المظاهرة إلى السفارة الإيرانية، التي دخلها المتظاهرون، ومنها أرسلوا برقية تهنئة إلى الإمام الخميني في طهران.

لكن النظام الكويتي كان يراقب الوضع بأسلوب هادئ جدا، منتظرا حدوث نهاية لزخم هذه الثورة، لكي تعود الأمور إلى طبيعتها دون الحاجة إلى التدخل أو إظهار موقف محدد تجاه هذه الظاهرة على الساحة الشيعية الكويتية، أبرزت وسائل الإعلام برقيات التهنئة الرسمية التي أرسلت لقادة الثورة في إيران، بغرض التخفيف من الموقف السابق للنظام عندما منع الخميني من دخول البلد.

ولم يكن لذلك جدوى فاستمر الحماس إلى أقصاه.

وغذى هذا الحماس عباس المهري، وابنه أحمد، الذي بدأ ينظم التجمعات في مسجد شعبان، وطرح أفكار الثورة الإيرانية.

برز خلال هذه الفترة تجمعات لبعض شباب الشيعة، منهم: عبدالمحسن جمال، وعدنان عبدالصمد وخديجة المحميد، كما تمت عملية تسجيل نسخ الخطب الحماسية التي تُلقى في المسجد، وتوزيعها على الجمهور، وأخيراً تدخلت السلطات عندما خشيت أن يسوء الوضع ويفلت زمامه أمنيا وسياسياً، خصوصاً عندما نستذكر أن الكويت كانت تمر في هذه الفترة بوضع سياسي مضطرب متمثل بحل مجلس الأمة.

وزادت مخاوف الحكومة لصدور مطالبات من الحركة الوطنية بتنظيم مظاهرات بعد احتجاز قوات الأمن أحمد عباس المهري لاستجوابه، وأغلقت المسجد، ومنعت التجمعات، وقررت ترحيل عباس المهري مع ابنه وأفراد العائلة، وسحب الجنسية الكويتية، بحجة أن العائل اكتسب الجنسية بالتجنيس، وليس بالأصالة.

آثار الثورة الإيرانية

خلفت الثورة الإيرانية على الحركة الشيعية في الكويت آثارا تجاوزت الحقائق الأيديولوجية للوضع التنظيمي والسياسي بشكل مباشر، فظهرت أبعاد جديدة بين شيعة الكويت، تجلت في الالتزام السياسي للكثير من الشيعة الكويتيين بتوجهات خارجية، خصوصا الإيرانية، حيث غادر آية الله الشيرازي الكويت إلى قم عام 1981، فأسس هو ومحمد تقي الدين ومحمد منتظري «منظمة العمل الإسلامي»، وهي إحدى المنظمات الرئيسة المكونة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وكان هدفها الرئيس نشر الثورة الإسلامية في أنحاء المنطقة والعراق على وجه الخصوص، من خلال العمل السياسي والعسكري.

لكن جماعة الشيرازية بدأت تمر بمرحلة جديدة عندما بدأ شكلها التنظيمي والفكري بالتغير بعد انتقال الشيرازي من الكويت إلى إيران، فأضعف ذلك بناءها التنظيمي محليا، وأصبحت علاقة الشيرازي مع الأعضاء الكويتيين الباقين هادئة.

أما جمعية الثقافة، فتماسكت في البداية، حتى بدأت تظهر تيارات داخلية بين صفوفها، بسبب التزام بعض عناصرها بالقوى والتوجهات السياسية في إيران، والتأثير الذي أحدثته عليهم أفكارها الأيديولوجية والسياسية، وقد أدى ذلك إلى ظهور بعض التدهور في بنائهم التنظيمي، لعدم وجود من يمثلهم في إيران، مثلما كانت حال جماعة الشيرازي التي توجد هناك خلال قيادتها المركزية علميا وسياسيا.

المؤسسات والشعائر التقليدية للشيعة

ساعدت زيادة ونمو ثروات الشيعة، نتيجة لتحسن المستوى الاقتصادي العام، في زيادة عملية بناء المساجد والحسينيات، وبذلك رفعت من مستوى أداء الشعائر وإحياء المناسبات الدينية والمرافق المتوافرة لها، فلم يعد الجانب المادي يمثل عائقا أمامها، فعلى ضوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المواتية التي سادت في الكويت خلال هذه الفترة، حرصت كل جماعة شيعية على تطوير مؤسساتها، بغرض الحفاظ على نفسها، ودعم وجودها داخل الطائفة الشيعية، لكي تمنع ذوبان أفرادها في أي توجه وحركة أخرى.

فكانت جماعة الشيخية تتعرض للآثار نفسها، لكن بدرجة أقل، لأن لديها مرجعها الخاص، وهو آية الله ميرزا حسن الحائري الأحقاقي، الذي يعتبر مرجعا للشيخية في العالم، هو يحمل الجنسية الكويتية، ويقيم في الكويت، ما منح الطائفة نوعا من القوة والسند، كما أحسن الحائري التقدير لاجتناب الصدمات مع الجماعة الأصولية، معترفا بقوتها وتأثيرها، وحاول إبراز نقاط الالتقاء بين جماعته والأصولية، واختار الصمت حيال الخلافات، كما حاول تبني أنشطة ووسائل حديثة في عمله، لحماية الجماعة الشيخية، بغرض حشد أتباعه، لاسيما الأعضاء الشباب، واستيعابهم ضمن هذه الأنشطة.

المساجد والحسينيات

كان التوجه الأيديولوجي لكل مسجد يتحدد من خلال إمامه، وهكذا فإن الانتماء المذهبي للمساجد يتغير تبعا لتغير الإمام، فإذا لم يكن في المساجد إمام متفرغ، فإن المسجد يرجع إلى دوره التقليدي مكاناً للصلاة وللعبادة فقط، وينطبق هذا على الحسينيات التي تحدد ميولها الفقهية والمرتادين لهذه المؤسسات، ويعتمد هذا على مدى ترددهم عليها ونشاطهم فيها، وتبعا لذلك يصبح خطهم وفكرهم هو السائد داخل هذه المؤسسات، لا سيما في الحسينيات التي تخلو من أي مرجعية رسمية، بخلاف المساجد التي لها بعض الاتصال والارتباط مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد يكون هذا هو السبب في زيادة عدد الحسينيات.

وأدى تطوير وتوسع هذه المؤسسات دورا مهما في جعلها قواعد صلبة للحركات الشيعية على كل المستويات، فأصبحت منطلقا للأنشطة، من خلال مكتباتها العامة ودور النشر التي تصدر عنها مطويات وكتب دينية بالمجان.

كما تتميز الشعائر بواقع اشتراك جمع كبير من الناس في إحيائها في الحسينيات والمساجد، ففي هذه المناسبات يبلغ عدد المشاركين الآلاف الذين يتجمعون داخل الحسينية وخارجها، ما يوفر فرصة نادرة للتلقين والتوجيه العام لا تتوافر بأي وسيلة أخرى.

ونجح الشيعة في نشر الحسينيات، بسبب عدم الحاجة إلى الرجوع للسلطات الرسمية لأخذ تراخيص لتأسيسها، بخلاف انتشار المساجد الذي يتطلب ذلك، فلا توجد في الكويت أنظمة سارية تحدد وتعرف ماهية وطبيعة الحسينية، وشروط تأسيسها والترخيص لها والرقابة عليها، وما إذا كانت دور عبادة أم مؤسسات اجتماعية أم ثقافية، فأسس الشيعة الحسينيات كمبانٍ ملحقة بمنازلهم.

وساعد توافر العلماء والشيوخ الشيعة في إقامة شعائرهم، فبعضهم يأتي إلى الكويت للعيش فيها، وآخرون يحضرون للمناسبات، ومعظم هؤلاء العلماء من غير الكويتيين، وأغلبيتهم من الإيرانيين والعراقيين الذين يُستعان بهم بسبب خلفيتهم العلمية والثقافية، كما أن غياب أي حساسية أو حواجز دينية بين التوجهات الشيعية الثلاثة (الأصولية والشيخية والإخبارية)، عند ممارسة الشعائر الحسينية، جعل من السهل أمام المؤسسات الكويتية قبول إقامة هذه الشعائر.

الحركة الإسلامية الشيعية وآثارها الثقافية والاجتماعية والسياسية

الآثار الثقافية

شهدت الكويت في عقد الستينيات تغيرا نوعيا وتطورا في الفكر الإسلامي الشيعي على كل المستويات، موازياً لما حدث في المجتمع، إضافة إلى التواصل مع التيارات الأيديولوجية الشيعية في الخارج التي فعلها أولا الشيخ علي الكوراني، واستمر عليها العلماء الذين أقاموا في الكويت أو زاروها، وكان من بين سمات هذا التطور الانفتاح على المجتمع، وتبنيها مبدأ المشاركة الفاعلة والإيجابية، إضافة إلى محاولة عدم ربط نفسها بتوجهات تؤدي عادة إلى الطائفية.

لم يستمر هذا الخط طويلا، بسبب عوامل داخلية وخارجية، منها غياب أي تفاعل إيجابي من طرف السُنة والقوى الدينية التي مثلت الأغلبية، وكذلك ما أدته جماعة الشيرازية التقليدية كمدرسة أصولية متشددة من دور في الحد من هذا التوجه.

فالطرح الثقافي، وإن كان معظمه محصوراً وموجهاً لمن هم ضمان طائفة الشيعة، إلا أن آثاره نشرت توجهات سلبية في المجتمع ضد الشيعة، ويستثنى من ذلك المجموعة المتأثرة بفكر حزب الدعوة، التي قدمت مفاهيم عامة في العديد من المناسبات والقضايا، لاسيما في الفترة المبكرة من توليها زمام جمعية الثقافة.

الآثار الاجتماعية

تعايش شيعة الكويت، منذ البداية، اجتماعياً بروح من الألفة والتسامح مع المواطنين السُنة، رغم الخلافات الطائفية بينهما، والتمييز في الحقوق السياسية، فبعد الاستقلال وإقرار الدستور الذي أعطى الشيعة حقوقهم السياسية، ظهرت دعوات وحساسيات جديدة تمثلت بالتمييز القومي والعرقي، فالحركة القومية العربية المهيمنة جماهيرياً تشددت في ادعائها بأن معظم الشيعة كانوا مهاجرين أجانب، ويجب الحد من دورهم داخل المجتمع الكويتي، فكانت هناك حملات صحافية وشعبية ضدهم.

وحدثت تغيرات كثيرة على صعيد التركيبة الداخلية للكيان الشيعي بموازاة التغيرات في كامل المجتمع، فحتى عقد الستينيات، كان الشيعة ينقسمون إلى طبقتين؛ الأغنياء والفقراء، وبدأت طبقة وسطى بالنمو، بسبب انتشار التعليم والاستفادة من المكاسب الاقتصادية وسط الشريحة الفقيرة من الطائفة، بسبب سياسة توزيع الثروة التي أدت إلى حصولهم على مناصب مهمة في جهاز الخدمة المدنية، ونتج عن هذا أن الشريحة الفقيرة بين الشيعة انخفض عدد أفرادها.

كان الانقسام الطبقي بين الشيعة على أساس مادي، أما من حيث التركيبة العرقية، وعلاقتها بالحركة الدينية، فمن الملاحظ أن جمعية الثقافة كانت أكثر انتشارا واختراقا لمختلف المجموعات الشيعية الكويتية العرقية، بمن فيهم الإيرانيون والحساوية والبحارنة ومن ينحدرون من أصول أخرى.

وفي السنوات الأخيرة ظهرت موجة متواضعة من الرفض والتحول لدى بعض جماعات الشيعة، تدين التطرف والجمود الديني في أوساط عناصر الحركات الإسلامية التي حاولت التحكم في الحياة الاجتماعية، وقصرها على إطار وتعاليم دينية ضيقة، ومهاجمة كل من يثور عليهم.

الآثار السياسية

لدراسة أي حركة شيعية لابد أن نأخذ في الاعتبار فهم العلاقة الجوهرية بينها وبين السياسة، التي تعتبر جزءا ومكونا رئيسا في الفكر الشيعي، لهذا كان من غير المنطقي الفصل بين الدين والسياسة لفهم أي جدال شيعي، فحتى العلماء الشيعة الذين يرفضون الانغماس والمشاركة في السياسة في الكويت مثل: آية الله ميرزا حسن الحائري الاحقاقي، وعلي الموسوي وآخرين، فإنهم يفعلون ذلك وفقا لمفهوم ديني لدى الشيعة يرى تعليق العمل السياسي حتى ظهور الإمام المهدي المنتظر، ولتأييد هذا الرأي اعتمدوا على عدة نصوص دينية، مثل قول الإمام الصادق: «أي منا يظهر قبل ظهور إمامنا لرفع مظلمة أو إعادة حق، فستتخطفه المصائب، وسيكون ظهوره وبالا عليه وعلى طائفتنا».

وأبرز مجالات العمل السياسي التي انطلق فيها الشيعة كانت انتخابات مجلس الأمة والعمل التنظيمي والحركي الذي حققوه من خلال الجمعيات واتحادات العمل، ففي مجلس الأمة أمكنهم التطور عبر زيادة نسبة وجودهم فقط، فبعد أن كان لهم عضوان في المجلس التأسيسي، زاد العدد إلى خمسة أعضاء في الدور الأول لمجلس الأمة، ثم إلى عشرة أعضاء في انتخابات المجلس عام 1975.

ولانبهار معظم الكويتيين الشيعة بالثورة الشيعية الإيرانية، استشعروا بشكل مبالغ فيه بقوة حجمهم ودورهم السياسي، ما خلق مناخاً يعتبرهم رسمياً وشعبياً خطرا وتهديداً للوضع السياسي والطائفي لكل من جمهور السُنة والأنظمة في المنطقة، وقد أجبر ذلك الجماهير والنظام الكويتي على النظر بعين الريبة تجاه كل الطائفة الشيعية، والحركة الإسلامية الشيعية على وجه الخصوص، فتشككوا في ولائهم للبلد، واعتبروهم موالين للخارج، وتطورت هذه الرؤية حتى أصبحت لاحقا تهمة معلنة تذكر كل يوم في الصحافة واللقاءات اليومية، خصوصاً من جانب الدوائر الدينية السُنية والقومية.

يمكننا القول باختصار إن الساحة الشيعية في الكويت شهدت سلسلة من التغيرات الكبرى التي من المتوقع أن تحدث توجهات وتيارات أيديولوجية وتنظيمية جديدة داخل الحركة الإسلامية وخارجها، فالتغيرات والفرز الحادث داخل الحركة الإسلامية الشيعية خصوصاً مرتبطة بشكل رئيس بتطورات خارجية، لاسيما الثورة في إيران.

الجزء الثاني من الدراسة يغطي الفترة ما بين 1981 و2018 (ينشر لاحقاً)

الكويت كانت واحدة من أوائل البلدان في المنطقة التي تأثرت بالثورة الإيرانية وحدث ذلك في مرحلة مبكرة

الثورة الإيرانية تسببت في إحداث صدمة فكرية وسياسية وشكلت توجهاً إسلامياً شيعياً عاماً اكتسح كل الكيانات الشيعية

الحكومة سحبت الجنسية الكويتية من عباس المهري ورحَّلته مع عائلته بعد أحداث مسجد شعبان

حين توجه الخميني إلى الكويت أيام الثورة فوجئ برفض حكومتها السماح له بدخول أراضيها

معظم الشيعة الكويتيين غضبوا من موقف حكومتهم تجاه الخميني واعتبروه موقفاً سلبياً من الشيعة في الكويت وإيران

آية الله الشيرازي أسس هو ومحمد تقي الدين ومحمد منتظري منظمة العمل الإسلامي
back to top