وجهة نظر : التغير الحراري للأرض حقيقة أم أسطورة؟!

نشر في 30-01-2018
آخر تحديث 30-01-2018 | 00:25
 د. عبدالسميع بهبهاني إن الحديث عن الطاقة المتجددة لا يمكن عزله عن الأبعاد السياسية، في الوقت الذي يجب أن يكون مناخياً علمياً بحتاً، حيث إنها «أي الطاقة المتجددة» حل للتغير المناخي الذي يتعلق بزيادة حرارة الأرض، ثم جفافها وزيادة منسوب المياه نتيجة ذوبان الثلوج واختفاء الجزر.

ولتوضيح أبعاد موضوع التغير المناخي، الذي أثير من أصحاب نظرية «إن الإنسان هو المتسبب في التغير المناخي!»، فإن هناك 6 غازات وراء الانحباس الحراري وتحول الأرض إلى «دفيئة» (greenhouse)، وأهم هذه الغازات ثاني أكسيد الكربون المنبعث من ثلاثة مصادر احفورية: الفحم (30 في المئة) والنفط (33 في المئة) والغاز (24 في المئة)، وتنبعث من هذه المصادر ما مقداره 65 في المئة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث التي تشمل 60 في المئة من دول التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية والأميركية (الدول المتقدمة)، فإذا أضفنا إليها الدول ذات الاقتصادات الناشئة (الصين واليابان وروسيا والهند) فستصل النسبة إلى 70 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وانبعاثات سائر دول العالم «النامية» 30 في المئة، وهي نسبة مضخمة، لأن بعض هذه الدول ذات الغابات المكثفة تساهم بـ24 في المئة نتيجة قطع الأشجار التي تساهم في استهلاك الغاز (إحصائيات اللجنة الدولية للتغيرات الحرارية 2017 IPCC).

الإحصائيات السابقة تظهر أن الدول الصناعية المتقدمة هي المصدر الرئيسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإذا أضفنا إليه الغازات المنبعثة الأخرى كالميثان وأكسيد النيتروس وغيرها، فسنجد أن الدول المتقدمة، حيث المصانع، هي مصدر «دفيئة» الأرض لا الدول النامية، وبهذا الاستنتاج دعي إلى مؤتمر «كيوتو» في اليابان سنة 1997. أما في مؤتمر باريس 2015 شمل الاتفاق بالإضافة إلى الدول النامية، الدول المتقدمة ومن غير قبول شروط، نقل التكنولوجيا والتمويل ورفع القدرات البشرية، للوفاء بقبول اتفاقية باريس. فرض هذا القرار رغم كثرة وفود الدول النامية، لأنها وفود مجاملة وابتسامات، وليست وفود أبحاث وحجج. بل وقد بالغت بعض الوفود ذات الملاءه المالية! في إعداد خطط استراتيجية للطاقة المتجددة (نووية وشمسية وهواء!) وبمبالغ هائلة (تزيد على 200 مليار دولار)، وفي مدة وجيزة 2020!.

من الدراسة الإحصائية السابقة يتضح أن مؤتمر التغير المناخي يمكن أن يكون سياسياً اقتصادياً استراتيجياً، ولكن بالتأكيد ليس مناخياً! الغريب أن أعين الدول الأوروبية كانت على دول النفط التي تملك 60 في المئة من المخزون العالمي في الشرق الأوسط. ففرضت شروط رقابة تجاوب هذه الدول مع الطاقة المتجددة رغم أن انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون مجتمعة لا تتجاوز 1.5 في المئة من الانبعاث العالمي. فأي تخوف على المناخ من هذا؟! لنشكك في النتائج الإحصائية السابقة وللنظر إلى التغير المناخي من المنظور العلمي. لنغض الطرف أيضاً عما اتفق عليه اختصاصيو المناخ بأن هناك متغيرات مناخية طبيعية رصدت تحدث كل 200 سنة! وأيضاً أنه خلال العصور الجيولوجية تتغير حرارة الأرض، فتارة تتجمد، وأخرى تنصهر، ولا توجد حينها مصانع، ولا إضافات لغاز ثاني أكسيد الكربون. لننظر إلى الدراسة التي اعتمد عليها مؤتمر باريس للتغير المناخي وهي دراسة اللجنة الدولية للتغيرات الحرارية IPCC المنبثقة من الأمم المتحدة. شملت الدراسة مصادر لدرجات الحرارة بلغت 32 مصدراً منذ 1975 إلى 2010، ورسمت منه نماذج منحنيات بيانية مستقبلية للأرض من سطحها إلى عمق 25 ألف قدم.

وفي تطبيق نموذج الدراسة على الأرقام الواقعية بالنسبة للحرارة ومنسوب المياه وزيادة مساحات زراعة الحبوب عالمياً اتضح أنها تخالف الدراسة بفارق كبير. ومثال على ذلك، حسب النموذج المستقبلي للدراسة، فإن حرارة الأرض يفترض أنها قد ارتفعت منذ 1979 إلى 2015 بمقدار درجة واحدة ونصف مئوية (1.5 C°)، بينما الواقع أنها ارتفعت فقط 0.4 درجة مئوية حسب دراسة بروفسور جون كريستي من جامعة الاباما. ولعل هذا الذي جعل الإدارة الأميركية الحالية تنسحب من اتفاقية باريس، مما أربك الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا من مصير الاتفاقية ووصفها بالفشل (ديسمبر 2017).

إن كلفة أبحاث التغير المناخي والطاقة المتجددة قد جاوزت 500 مليار دولار منذ أن بدأت! والاستثمار في الطاقة المتجددة قد جاوز الترليون دولار، وهذا أنتج ألواحاً شمسية وسيارة كهربائية وفشل في إنتاج البطارية المخطط لها. وخلال عشر سنوات من الأبحاث مازالت النسبة التي ستسلبها من الوقود الاحفوري إلى سنة 2040 لا تتجاوز 4 في المئة. أما كان الأجدى صرف هذه المبالغ لبحوث معالجة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من المصانع والمراعي والمزارع وتقييد استهلاك الفحم؟!. هذا إن صحت أنها سبب نظرية «دفيئة» الأرض التي لا أعتقد بها بتاتا؟!

العتب الأخير ليس على فقدان بحوث التغير المناخي للدول النامية رغم ملاءتها المالية وكثرة عدد وفودها التي شاركت، ولكن العتب أننا نكرر ما يقوله أصحاب الرأي الواحد ذي الأغلبية رغم فساد علميته. والغالب أنها حرب على هذا الوقود الاحفوري الذي لا غنى عنه. ويبقى السؤال الأهم: هل ستصمد الطاقة المتجددة أمام أبحاث تطوير مشتقات الوقود الاحفوري.

* خبير واستشاري نفطي

الرئيس التنفيذي لشركة أسكا للاستشارات البترولية

back to top