«التربية» وإبر التسكين

نشر في 28-10-2017
آخر تحديث 28-10-2017 | 00:07
 حمدة فزاع العنزي بعد أن يعجز الأطباء عن معرفة سبب الآلام والأوجاع التي يعانيها المريض يضطرون إلى علاجه بالتسكين المؤقت، سواء عن طريق العلاج الفموي أو العلاج بالحقن، حتى يحكم الله بما هو حاكم لهذا المريض... وهذا ما لجأت إليه وزارة التربية الموقرة في حل مشاكلها والمشاكل التي تظهر إلى السطح بحلول مسكنة ومسكتة في الوقت ذاته، فكلما علت أصوات الاستجواب تم تسكيننا بحقن وقتية كما حدث في قضية الشهادات الوهمية، وعلاج هذا الملف الشائك الذي يخفي خلفه الكثير من الويلات، لكن ما يتم هو فتح صنبور المعالجات الوهمية فقط.

أسكتت "التربية" الأصوات بمعالجاتها السطحية لمشكلة الصيانة بالمدارس، كما تم تكميم الأفواه عن المناهج التي تحشو بها عقول أبنائنا دون فهم أو وعي، وكذلك مشاكل المعلمين والنقص الشديد في مناطق تعليمية في موازاة تكدسهم في مناطق تخضع لسلطة نواب مجلس الأمة ورغبات ناخبيهم، حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحة العملية التعليمية، حيث يوجد في هذه المناطق تكدس غير مسبوق في أعداد المعلمين، بحيث يكون للفصل الدراسي الواحد معلمتان، إحداهما أساسية والأخرى على دكة الاحتياط، ونجده معظم المعلمات في غياب متكرر مما يضر بسير التعليم وعمليته، وهذا ما نجده على وجه الخصوص في المناطق التي يتولاها نواب الفرعيات والتزكية المناطقية، حيث تهمهم أصوات المجلس أكثر من مصلحة التعليم.

"التربية" تسكّن المطالبات بحل مثل هذه المشاكل، إما بالوعود الوردية أو بالمضايقات الإدارية لمن يطرحها، فلم نجد قراراً حاسماً من الوزير أو قراراً يحقق العدالة في توزيع المعلمين حسب احتياجات المناطق، فإن كان السبب هو بعد المكان فلا أعتقد في صحة ذلك، وخصوصا مع وجود الجسور التي امتدت بين المناطق، فلا أظن أن هناك بعداً مكانياً بين معلمات منطقة الفروانية وبين مدارس منطقة حولي التعليمية، إلا أن تكون هناك أسباب إدارية وتعسف في التعامل من مديرات ورؤساء أقسام هذه المنطقة، مما أدى إلى هروب كبير من المعلمين وعدم رغبتهم في الانضمام إلى جموع معلمي هذه المنطقة.

إلى متى كل هذه التسكين والسكوت عن هذه الأزمات التي بانت آثارها على سير العملية التعليمية، وخصوصا على الطلبة في تأخر المناهج ومواجهة الضغط النفسي والجسدي الذي يتعرض له المعلم، حيث يقوم بتفريغ هذه الضغوطات في المتعلمين، مما يؤدي إلى رد فعل منهم تجاه المعلم والمدارس.

ونعرج إلى الكرتون من الشهادات التي غطت مساحات كبيرة من وزارت الدولة، حيث تم تسكين المطالبين بفضح ومعاقبة من يحمل مثل هذه الشهادات الكرتونية، لكن لا حياة لمن تنادي، حيث أخمدت الأنفاس بإعلان معاقبة ثمانية فقط من الوهميين لإسكات المطالبين بالعقوبات، والسكوت عن الآلاف منهم أيضاً لإسكات من يلوح بالاستجواب وأسئلته التي لربما أسقطت الوزير من برجه العاجي... نحتاج الشجاعة والقوة في اتخاذ قرارات يا وزارة التربية، لا نحتاج مسكنات تؤدي بنا إلى إدمان مفرط عليها مما يفقدنا مصداقيتنا في المطالبة بحقوق تعليمية كفلها القانون لأبنائنا.

back to top