«مِداد»... جولة في ميدان الخط العربيّ وأدواته

نشر في 17-04-2017
آخر تحديث 17-04-2017 | 00:03
يقام في «دار النمر للفن والثقافة» في بيروت معرض بعنوان «مداد» يتناول فن الخط العربي وأدواته في الحياة العامّة والخاصة، ويستمرّ إلى 12 أكتوبر المقبل.
تمّ امتلاك مجموعة النمر الفنية على مدى أكثر من أربعين عاماً. وما زالت تنمو، إذ تضاف إليها قطع جديدة بعد انتقائها وتمحيصها لما تحمله من قيمة جمالية وثقافية وتعليمية. وتغطي المجموعة بما تحتوي عليه من قطع فنية نحو العشرة قرون، وتأتي من مناطق تحمل إرث الثقافة الإسلامية أو تتفاعل معها، وتسلط الضوء على تطور التاريخ السياسي للمنطقة.

من أبرز القطع التي تضمنتها المجموعة مخطوطات، ونقود، وقطع خزفية، وتحف زجاجية، وأسلحة ودروع، وأقمشة، وأدوات معدنية، وتحف خشبية مطعّمة بالصدف، وأيقونات وصلبان مسيحية من القدس، وفخار أرمني أيضاً من القدس، وأعمال فنية فلسطينيّة حديثة ومعاصرة بالإضافة إلى لوحات ورسوم لمستشرقين.

نبذة عن صاحب المجموعة:

ولد رامي النمر في نابلس، فلسطين وبدأ شغفه بجمع الأعمال الفنية في سنّ مبكرة. وتضمّ مجموعته أعمالاً تعبّر عن هويّة متعدّدة الأوجه وراسخة في فلسطين. والأهم أنها تعيدنا بالذاكرة إلى زمن كانت فيه الحدود مفتوحة ومن دون عوائق، وكان مسار التبادل الثقافي للفنون والأفكار خالياً من العراقيل.

نمت مجموعة النمر لتصبح احتفالاً تذكارياً يروي قصّة البقاء والصمود في وجه محو الذاكرة وتشويه الهوية. ولم يكتفِ رامي النمر بزيادة مجموعته الخاصة، بل رغب أيضاً بمشاركة الآخرين بها، لذا أسّس «دار النمر للفنّ والثقافة» في العام 2015 للتشجيع على فتح نقاش سليم حول القطع التي تتضمّنها المجموعة، والتفكير في سرديّة جديدة للمنطقة العربيّة تكون أكثر تماسكاً وشاملة للجميع. كذلك أطلق المجموعة الفنية الخاصة بمصرف «فيرست ناشونال بنك» في العام 2009. وهو عضو في مجلس إدارة عددٍ من المؤسسات الثقافية، من بينها المتحف الفلسطيني في بيرزيت.

قطع مميزة:

«قرآن بيد أبويا سليمان ديالو»، وقد نسخه أيوب بن سليمان ديالو (1702 – 1773م) وهو من عائلة مسلمة من بلاد البند الواقعة في السنغال حالياً. عام 1730 م، أرسله والده لبيع اثنين من «العبيد» وشراء الورق بثمنهما. لكنه فشل في الاتفاق على سعر مناسب مع قائد إحدى السفن الإنكليزيّة فقرّر الذهاب إلى داخل البلاد لإيجاد شارٍ. وفي الطريق، أسرته قبيلة منافسة وباعته إلى قائد السفينة ذاته الذي تفاوض معه سابقاً.

بعد شهر، رست السفينة التي تحمل ديالو في أميركا حيث بيع لصاحب مزرعة تبغ. هرب عام 1731م، ولكن سرعان ما قبض عليه. فأخبر القاضي، وهو رجل إنكليزي يدعى «بْلويت»، عن تعاسته لعدم قدرته على ممارسة شعائره الدينيّة. فكان أن أعيد إلى المزرعة وسمح له بكتابة رسالة إلى والده يخبره فيها عمّا آل إليه وضعه. ولدى مرور الرسالة بإنكلترا في طريقها إلى أفريقيا، قرأها السياسي جايمس أو غلثورب، الذي قرّر شراء ديالو من صاحب السفينة.

في عام 1733م، وصل ديالو إلى إنكلترا حيث تمّ إعتاقه وأصبح مشهوراً نوعاً ما في الدوائر الأرستقراطية فجرى تعريفه إلى الملك جورج الثاني والملكة كاثرين التي قدّمت له ساعة ذهبية. وفي يوليو عام 1734م، عاد أخيراً إلى بلاده حيث أسّس علاقات تجاريّة متواصلة مع البريطانيين. نسخ ديالو هذا القرآن من الذاكرة خلال إقامته في إنكلترا.

ومن الأعمال الأخرى المعروضة «كتاب مواعظ مسيحيّة» لبطريرك القدس أثناسيوس الخامس مصدره الأراضي المقدّسة، سورية أو لبنان، يعود تاريخه إلى بداية فبراير 1663م، (القسم الثالث). تحتوي هذه المخطوطة على 66 موعظة. من المرجّح أنها كتبت أصلاً باللغة اليونانيّة، لكنّ الكنيسة الأرثوذوكسيّة اليونانية في فلسطين كانت من أوائل الكنائس التي تبنّت استخدام اللغة العربية بشكل واسع منذ القرن التاسع على الأقل، في نصوصها التعبّدية والدينيّة.

محاضرات متزامنة

تتزامن في إطار المعرض محاضرات في غاية الأهمية تمتدّ طوال فترة إقامته، وتتناول تاريخ الخط العربي وهندسة الحروف العربيّة كونها مقبساً للإرادة الإلهيّة وولادة الخطوط الطباعية من روح الخط العربي، وغيرها من موضوعات ساهم هذا الفن في صناعتها.

مجموعة النمر تروي قصّة الصمود في وجه محو الذاكرة وتشويه الهوية

إحدى القطع المميزة في المعرض «قرآن بيد أبويا سليمان ديالو»
back to top