ليبدأ نواب الأمة بإصلاح بيتهم الداخلي

نشر في 07-03-2017
آخر تحديث 07-03-2017 | 00:10
 السفير فيصل راشد الغيص أحسن وزير التجارة صنعاً بقراره إنهاء خدمات المستشارين الوافدين في وزارته، وإحلال اللازم منهم بكفاءات وطنية وما أكثرها، وليت مجلس الوزراء يعمم هذا المثل الحسن على أجهزة الدولة كافة، أو على الأقل أن يحتذي به وزراء ومسؤولون آخرون.

فكلنا نعلم أن فئة "مستشار" وفئة "حارس أمن" تم ابتداعهما لتسهيل توظيف وجلب الوافدين دون الخضوع لمتطلبات ديوان الخدمة المدنية من حيث توافر الدرجات والسن والراتب، وكلنا نعلم أن الغالبية العظمى من هؤلاء الذين يتم تعيينهم لدينا تحت مسمى "مستشار" لم يكونوا سوى موظفين عاديين في بلدانهم، ولم يكونوا خبراء أو مستشارين، وكثير منهم جاء إلى الكويت بعد أن بلغ سن التقاعد في بلده، بل إن بعضهم طاعنون في السن.

مع الأسف حينما فتحت الدولة هذا الباب أصبح بعض المسؤولين في الدولة ينظرون إلى وجود مستشارين لديهم كدليل على أهميتهم ورفعة مكانتهم، كما أصبح بعض المسؤولين يستخدم من يسمى "مستشاراً" للقيام بأعماله الوظيفية وكموظف عادي، بحيث إن المسؤول يفقد مع مرور الوقت احتكاكه ودرايته بدقائق عمله، ويتمرس فيه "المستشار" الوافد إلى أن يقع المسؤول نفسه تحت رحمته وسيطرته الناعمة.

فمن لا يعمل بيده لا يمكنه أن يجيد صنعته، ولم نسمع في العقود الماضية عن وجود هؤلاء "المستشارين"، حيث كان موظفو الدولة- صغرت أم علت مناصبهم- يؤدون أعمالهم بأنفسهم.

ولقد طالب بعض نواب مجلس الأمة الحريصين على سلامة التركيبة السكانية والأمن الوطني- ولا أتحدث عن النواب الذين تغيبوا عن الجلسة الخاصة بالتركيبة السكانية ليفقدوها النصاب ويفشلوها- بقية الوزراء بأن يحذوا حذو وزير التجارة.

أتفق مع هؤلاء النواب تماما، بل أتمنى أن يُتخذ قرار بذلك على مستوى مجلس الوزراء، لكنني أتعجب من سكوت النواب عن الوضع المماثل في مجلس الأمة نفسه، فمن يهمه الإصلاح فعليه أن يبدأ بإصلاح بيته الداخلي أولاً، فلجان المجلس هي مطبخ المناقشات والأفكار والمقترحات والقرارات. وأعجب كيف يمكن للجنة الشؤون الأمنية مثلاً أن تناقش أمورا تتعلق بالأمن الوطني أو اللجنة المعنية بالتركيبة السكانية إصلاح الوضع بوجود مستشارين أجانب دون أن يشعر النواب بالحرج والحساسية وبدون أن يضطروا للتحفظ في طرح آرائهم.

لقد مثلت الكويت في 16 بلداً كسفير مقيم أو محال، وقبل ذاك في بلدان أخرى كعضو بعثة، ولم أشاهد في أي منها أي أجنبي يعمل بصفة مستشار، أو غير ذلك في البرلمان، أو أي من أجهزة الدولة الحساسة، على الرغم من وجود عدد لا بأس به من الأجانب في بعض هذه البلدان، كألمانيا والنمسا والمملكة المتحدة، وذلك لتعلق الأمر بالسيادة والأمن الوطني.

إن هذا الموضوع قديم جديد سبق أن أثرته مع بعض الإخوة النواب الذين أعربوا عن الحرج الذي يصيبهم بالفعل، كما أثرته مع الأخ الكريم علي الراشد حين كان رئيسا للمجلس، كما كتبت حوله مقالة في جريدة "الجريدة" بتاريخ 31 مارس 2015 بعنوان "الاختراق الأمني" تمنيت فيها أن يضرب مجلس الأمة مثالاً في ذلك للحكومة، لكن وزير التجارة هو من بادر وضرب هذا المثل الرائع، فلماذا هذا الصمت يا مجلس الأمة؟!

back to top