قانون القضاء على النفع العام 2015

نشر في 26-12-2015
آخر تحديث 26-12-2015 | 00:01
 أحمد الهندال في خطوة متوقعة، قررت الحكومة تقديم مشروع قانون خاص ينظم في إطاره جمعيات النفع العام، في حين يكتنف مضمونه قتلٌ صريحٌ لتلك الجمعيات ودورها الاجتماعي، ويجب ألا يمر هذا القانون مرور الكرام  وألا يكون أداة لـ"جس النبض".

إذا بدأنا بالجانب الثقافي، فهذه الجمعيات هدفها العام الأول أساساً أن تكون بيئة عملية تخدم شأناً اجتماعياً أو ثقافياً أو مهنياً؛ للارتقاء به أو العاملين فيه، وهذه البيئة لا تتحقق إلا بعمل جماعي، لكن مشروع القانون آنف الذكر هدفه تفتيت العمل الجماعي، وجعله فردياً مشتتاً عبر تطبيق "الصوت الواحد وتحريم القوائم".

أما عن مثالبه القانونية، فهي عديدة تبدأ بحظر العمل السياسي على الجمعية، فهناك جمعيات مهنية لديها مطالب تعد بشكل وبآخر سياسية، أو هناك قرارات حكومية تضر بمصالح هذه الجمعيات، وأقصد مصالح المجموعة لا المصالح الذاتية الشخصية، فهل تَحرُم المطالبة بها ؟.

كذلك، لا يوجد مبرر لجعل الحد الأدنى لسن عضو الجمعية العمومية ثلاثين عاماً، خصوصاً أن تلك الجمعيات هي بمنزلة تأهيل للطاقات الشبابية والقيادية في الحياة العملية، فكيف يمكن العمل على تأهيل الفرد بعد سن الثلاثين؟.

إحدى كوارث هذا المشروع إعطاء الصلاحية للوزير أن يعين بمقدار ثلث أعضاء مجلس الإدارة، أي أن تكون الغلبة لقرارات الوزير، من خلال وجود كتلة واحدة معيّنة، مقابل أعضاء متفرقين، وباعتماد "الصوت الواحد". وقد أخذ هذا المشروع أن الرفض هو الأصل، والقبول هو الاستثناء، مخالفاً بذلك الأصل الدستوري في المادة 43 وهي حرية تكوين الجمعيات والنقابات، وواقع هذا المشروع أن تستحوذ وزارة الشؤون على جمعيات النفع العام وتقتل استقلاليتها، من خلال التدخل في اجتماعات ونشاطات الجمعية، وإلغاء قراراتها، مما يضع الجمعيات تحت وطأة التهديد الدائم من قبل الحكومة.

وأهم كوارث ومثالب المشروع، أن للوزير أن يعزل عضواً أو أكثر في حال مخالفته القانون، أي أن يمارس العضو نشاطاً سياسياً يمكن للوزير بموجب هذا النص الفضفاض عزله، ويعني ذلك أن تجعل الوزارة جهة اتهام وعقاب لأعضاء مجالس الإدارات على ارتكاب سلوك أو رأي.

أما الكارثة الثانية، فهي أن للوزير صلاحية دمج جمعيتين متشابهتين في الأهداف؛ بسبب توقف جمعية عن العمل، حيث لم يوضح المشروع مفهوم التوقف أو من أي نوع هو، إذ يمكن للوزارة أن تماطل في إيقاف الجمعية من أجل دمجها مع جمعيات أخرى.

في النهاية، نحن مع تنظيم الحقوق بما يتوافق مع أصلها، وليس جعلها جمعيات مهمشة غير قادرة على أداء دورها الثقافي والاجتماعي، كما جاء في هذا المشروع، الذي يقتل استقلاليتها، ويفتت الأهداف التي تسعى   المجتمعات المتقدمة إلى تحقيقها من خلال تلك الجمعيات.

back to top