لمن أراد الخلود!

نشر في 12-04-2014
آخر تحديث 12-04-2014 | 00:01
 د. نادية القناعي كل من على الأرض يبحث عن الخلود، على حسب ما يمليه عليه إطار أفكاره، فالخلود هو انتفاء الموت، وهذا مستحيل، فلذلك اتجه البعض بفكرته إلى الخلود بجمع المال وجعل يده مغلولة، فلا يحنو على ذلك الفقير، والبعض اتجه إلى الجبروت والكبر واستعباد البشر متخذاً من دراساته العليا برجاً عاجياً يخاطب به الناس بازدراء.

ومن أولئك من أصبح ساخطاً على مجتمعه، فلا يربأ بنفسه عن كل ما هو مسيء لإنسانيته، ففكرة الخلود بالنسبة إلى هؤلاء تتمثل في تنصيب أنفسهم في صورة حاكم ظالم اتخذ من ظلمه سحراً يخلب به عقول البشر، ظناً منه أن عجرفته هي التي ستجعله مهاباً، وفي ذات الوقت يعتقد أن اسمه سيخلد في سجل التاريخ الأبيض! أقول قولي هذا لمصادفتي إحدى النساء اللائي ارتقى بهن السلم الوظيفي، وصعدت بذلك السلم الأسطوري إلى منصة تنظر إلى الناس عبرها بفوقية لاعتقادها أنها الأفضل ولخيالها الجامح أن اسمها سيكتب ضمن أعظم نساء العالم!

هذا النموذج غيض من فيض، فهم منتشرون كانتشار النار في الهشيم، للأسف هم لا يعلمون أن الزمن سيكتب أسماءهم بصفحات مهترئة فلا يلبث أن يمزقهم.

الزمن لا يخلد إلا أصحاب القلوب التي تحاكي بصفائها وتواضعها السماء، حتى إن خلت منهم صفحات التاريخ، سيظل عبق إنسانيتهم مخلداً في طيب الذكريات وستظل سيرتهم لا تحمل إلا أجمل الكلمات ممن عاصرهم. أتذكر هنا ملحمة جلجامش الذي كان يهاب الموت، فلم يدخر جهداً للبحث عن الخلود... لكنه في النهاية توصل إلى أن الخلود يكمن في العطاء.

back to top