انتخابات ترسم معالم العالم في 2013!

نشر في 05-01-2013
آخر تحديث 05-01-2013 | 00:01
هل يمكن إيصال زعيم محافظ أكثر من نجاد إلى السلطة على أن يكون موالياً لخامنئي؟ نعم هذا ممكن، لكن سيتنامى السخط الشعبي وقد يفقد الإيرانيون العاديون في هذه المرحلة كل صبرهم من قادتهم الفاشلين الذين دمروا الاقتصاد وقد يبدؤون بتولي الأمور بأنفسهم.
 غلوب أند ميل   وسط الاضطرابات التي ستشهدها السنة المقبلة، ما الأحداث التي ستغير حياة الناس بشكل جذري؟ هل هي القوة المسلحة، أم الكوارث الطبيعية، أم الضغوط الاقتصادية، أم الخيارات الديمقراطية الشخصية؟

سيتحدد الخطاب الأساسي لعام 2013 رسمياً عبر سلسلة من الانتخابات الوطنية المهمة، لكن ما يجمع تلك الاستحقاقات الانتخابية هو التفكك العميق بين العالم الذي يتغير بوتيرة متسارعة والخيارات الانتخابية الجامدة.

يُفترض أن تكون هذه المرحلة مناسبة لتعزيز الديمقراطية، وفق منظمة «فريدوم هاوس"، يستطيع حوالي 65% من سكان العالم المؤلف من سبعة مليارات نسمة اختيار قادتهم اليوم (نصف النسبة المتبقية غير الديمقراطية موجود في الصين).

طوال السنة الماضية، رأينا المواطنين وهم يغيّرون حكوماتهم بأساليب مفاجئة وحماسية في المكسيك، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، وجورجيا، والسنغال. في ليبيا، صوّت معظم الناس لمصلحة الليبراليين غير الإسلاميين، لكن في مصر، اختار الناس الإسلاميين بفارق ضئيل في ظل نظام لا يزال يخضع لسلطة الجيش على الأرجح. قامت اليونان من جهتها بخيار أجّج مظاهر الفوضى بسبب أداء حزب حاكم لا يحظى بتأييد واسع. حافظت روسيا وفنزويلا على زعمائهما النافذين نتيجة انتخابات لا يمكن اعتبارها ديمقراطية بمعنى الكلمة. ثم فاجأ الأميركيون الكثيرين حين امتنعوا عن إحداث تغيير جذري في النظام الحاكم.

لكن ستتحدد معالم عام 2013 عبر سلسلة من الانتخابات التي ستغير التاريخ على الأرجح في عدد من أكثر الدول نفوذاً في العالم:

إسرائيل في 22 يناير:

نعلم أن بنيامين نتنياهو سيحتفظ بمنصب رئيس الوزراء حتماً، وهو احتمال مُحبِط بالنسبة إلى بلدٍ لم يعرف زعيماً قادراً على مواجهة أكبر التحديات بالشكل المناسب منذ عام 1995. يبدو أن الناخبين لا يشعرون بحماس شديد تجاه حزب «الليكود» الذي ينتمي إليه: تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيفوز بـ29% فقط من مقاعد الكنيست.

للحفاظ على السلطة، قد يضطر نتنياهو إلى تشكيل ائتلاف مع حزب «البيت اليهودي» الذي يُعتبر من أشرس الأحزاب المعادية للفلسطينيين وأكثرها تشدداً، وهو يحصد 11% من التأييد في استطلاعات الرأي. لكن يدرك الجميع الكره الذي يكنّه نتنياهو لزعيمه، المستشار السابق نافتالي بينيت. لا شك أن التحالف الإجباري بين هذين الحزبين سيسيء إلى السياسة الإسرائيلية ولن يحظى بتأييد واسع لأنه لا يعكس المواقف الإسرائيلية من السلام والاستيطان. هل سيؤدي هذا الاحتمال إلى العودة أخيراً إلى خيار الاعتدال عبر إنشاء تحالف بين حزبَي «العمل» و"الليكود» مثلاً؟ هذا أفضل ما يمكن أن نتمناه.

إيطاليا في 24 و25 فبراير:

بما أن سيلفيو برلسكوني يملك فرصة جيدة لإعادة انتخابه في منصب رئيس الوزراء للمرة الرابعة، يتّضح مدى تسمّم السياسة في جنوب أوروبا راهناً. برلسكوني هو الرجل الذي كان سيدخل السجن على الأرجح بِتهم خطيرة لو أنه لم يغير القوانين لحماية نفسه. لكن بدل ذلك، يطرح هذا الملياردير نفسه هذه المرة كمرشح شعبي مختلف، فهو يعارض تدابير التقشف الصارمة والضرائب الجديدة والمهمة التي تحمّلتها إيطاليا، وستكون عودته إلى معترك السياسة أمراً كارثياً ولن تعكس هذه النتيجة آراء الإيطاليين بأي شكل.

إيران في 14 يونيو:

الخبر الجيد هو أن محمود أحمدي نجاد لن يعود إلى الرئاسة، وبما أن الرئيس في إيران لا يستطيع تولي أكثر من ولايتين، سيبقى هذا الزعيم العدائي خارج الانتخابات الرئاسية المرتقبة. كذلك، تأذى حزبه المتشدد بسبب خلافه العلني والمهين مع قوة سياسية إيرانية أخرى تتمثل بالقائد الأعلى غير المنتخب، آية الله علي خامنئي. نظرياً، قد يمهد هذا الوضع لفتح المجال أمام الإصلاحيين الذين يريدون عقد السلام مع الغرب، لكن يجب ألا ننسى أن أحمدي نجاد يدين بولايته الرئاسية الراهنة للقائد الأعلى الذي أعلن فوزه بانتخابات عام 2008 المثيرة للجدل وأصدر أمراً بوضع كبار الإصلاحيين تحت الإقامة الجبرية.

هل يمكن إيصال زعيم محافظ أكثر من الرئيس الراهن إلى السلطة على أن يكون موالياً لآية الله خامنئي؟ نعم هذا ممكن، لكن سيتنامى السخط الشعبي وقد يفقد الإيرانيون العاديون في هذه المرحلة كل صبرهم من قادتهم الفاشلين الذين دمروا الاقتصاد وقد يبدؤون بتولي الأمور بأنفسهم.

ألمانيا في سبتمبر - أكتوبر:

لا بد من معاقبة المستشارة أنجيلا ميركل في الانتخابات لأنها فشلت في معالجة أزمة العملة التي اجتاحت القارة كلها خلال معظم فترات السنوات الأربع الماضية، فقد استغلت الاكتفاء الذاتي السائد في ألمانيا وانعدام الثقة باليونان لتحويل حالة الركود إلى كارثة فعلية. لكنها لن تُعاقب مطلقاً لأن مؤيدي حزب الديمقراطيين المسيحيين الذي تنتمي إليه ميركل سيحرصون على تحقيق الفوز مجدداً.

لكن يجب أن نتنبه إلى ما يحصل على الهامش: يبدو أن حلفاءها الراهنين في التحالف (أي الديمقراطيين الأحرار الليبراليين) محكومون بالفشل. هي ستتحالف على الأرجح مع «حزب الخضر» الذي عاد إلى الساحة بقوة والذي يطرح مواقف حساسة في المسائل المالية، أو مع الديمقراطيين الاجتماعيين الذين يميلون إلى المعسكر اليساري وقد تشعر براحة أكبر إذا قامت بهذا الخيار. الآن وقد أصبحت ألمانيا زعيمة أوروبا الفعلية، قد ينذر هذا التحول نحو المعسكر الوسطي بانتشار نزعة أوسع تشمل القارة كلها.

لن تحصل التغييرات الكبرى (في ألمانيا كما في أماكن أخرى) في المراتب العليا بل في أوساط القوى التي ستحدد وضع السياسة خلال السنوات المقبلة. هذا ما نسميه «الديمقراطية التمثيلية"، لكن يصعب في أغلب الأحيان أن نحدد الأمور التي يتم تمثيلها فعلاً.

Doug Saunders

back to top