الباحث التربوي وليد نادي: علّموا أبناءكم السياسة وحبّ الوطن

نشر في 04-11-2012 | 00:01
آخر تحديث 04-11-2012 | 00:01
يحجم آباء كثر عن التنشئة السياسية لأطفالهم، ويعتبرونها من شؤون الكبار فقط، بينما تشكل لدى بعض المجتمعات جزءاً أصيلاً من تربية الطفل وحمايته من الأفكار الخاطئة والتعصب الأعمى والسلوك العدواني والعنف، وتساهم في نموه الكامل المتزن ليصبح في المستقبل مواطناً صالحاً مؤهلاً للمشاركة الإيجابية في مجتمعه ووطنه. «الجريدة» التقت د. وليد نادي (باحث تربوي في جامعة القاهرة)، وحاورته حول كيفية التنشئة السياسية الصحيحة للطفل، ودور الأسرة والمدرسة والإعلام في هذا المجال.
ما مفهوم التنشئة السياسية للأطفال؟

 لا نعني بالتنشئة السياسية إعداد أطفالنا للعمل في السياسة مستقبلا، أو إقحامهم في دهاليزها، بل تهيئتهم للمشاركة في المجتمع واكتسابهم معارف ومهارات لازمة لتنمية سلوكهم الإيجابي، والتواصل مع المعطيات المتجددة وحمايتهم من الأفكار المتطرفة.

متى تبدأ هذه  التنشئة؟

 هي عملية متصلة ومتتابعة، تبدأ في مرحلة الطفولة وتستمر في المراحل العمرية اللاحقة، ولا تقتصر على فترة الشباب.

ألا ترى أن الطفل يواجه صعوبة في استيعاب مصطلحات سياسية؟

تبيّن الأبحاث والدراسات التي أجريتها استعداد الأطفال لاستيعاب المصطلحات المتعلقة بمفاهيم سياسية، إذا أحسنّا شرحها وتبسيطها، هنا يكمن دور الأسرة والمدرسة في إيضاح تلك المفاهيم وتصحيح المغلوط منها. قد يتلقى الطفل معلومة خاطئة من خلال وسائل الإعلام فتستقر في ذاكرته، وتصبح إحدى قناعاته في مرحلة متقدمة من عمره.

كيف يتعامل أولياء الأمور مع أسئلة الأطفال السياسية؟

الإجابة عنها بما يتناسب مع قدراتهم الاستيعابية، فالتربية لا تقتصر على السلوك والأخلاق والتفوق الدراسي، لكنها تشكيل لوعي الطفل وإثرائه بالمعرفة والثقافة، وتنشئته على التواصل الإيجابي مع مجتمعه، والإلمام بقدر من القضايا العامة وإبداء الرأي في ما يدور حوله.

ما الخطاب الإعلامي المطلوب للطفل بعد الربيع العربي؟

الإعلام شريك أصيل في تربية الطفل وتشكيل وعيه وخبراته الحياتية. صحيح أن لدينا قنوات متخصصة للأطفال، لكنها لا تهتم في معظمها بتثقيفهم السياسي، وتكتفي بتقديم أفلام الكرتون وبرامج الألعاب، واعتبار السياسة من شؤون الكبار.

 ثمة برامج اقتربت من هذا الجانب، من بينها «البرلماني الصغير»، وبرامج أخرى تهتمّ بإجراء حوار بين المسؤولين والمراهقين، مع ذلك يعتبر الخطاب السائد بعد الربيع العربي الطفل فاقداً للأهلية، ولا يستطيع إدراك الشؤون السياسية وما يجرى حوله من أحداث.

 

ما النتائج السلبية لغياب هذا الخطاب التربوي؟

حرمان الطفل من أحد حقوقه في الفهم والتعبير السياسي، وقد يؤدي إلى «فوبيا» من مناقشة حدث سياسي، وربما يتحول بمرور الوقت إلى قلق مزمن وعزلة وتبني أفكار مشوشة وعنف وفوضى وضعف الثقة بتقدير الأمور، والأخطر تكريس ضعف الانتماء إلى الوطن.

بم تفسر إهمال بعض المجتمعات تربية الطفل السياسية؟

لم تعد المشاركة السياسية قضية فلسفية تهتم بها صفوة من المفكرين والمثقفين، بل أصبحت هماً اجتماعياً يعني المجتمع بأسره، لا سيما في ظل الربيع العربي الذي نعيشه، مع ذلك لا تدخل تنشئة الطفل السياسية  ضمن اهتمام بعض البلدان العربية، لأسباب تتعلق بطبيعة نظمها الديكتاتورية، بينما تهتمّ المجتمعات الديمقراطية بإعداد النشء على التفكير النقدي الاستقلالي وحرية التعبير عن ماهية السلطة ومقوماتها وتداولها، ذلك من خلال الحوار والإقناع وليس التلقين، ومنح الطفل فرصته كاملة لطرح تصوراته وتساؤلاته.

ما تبعات إقصاء الطفل عن التفكير السياسي؟

منذ ولادته تبدأ حواس الطفل في التعرف إلى العالم من حوله، وحين يصل إلى مرحلة التكلم تتهيأ ذاكرته للاستيعاب ومحاولة الفهم ولفت الانتباه إليه، وبدخوله المدرسة يكتسب معارف جديدة ويختلط بأقرانه ويتبادلون الأفكار، وليس طبيعياً حرمانه من التعبير عن ذاته لأن ذلك قد يصيبه بأمراض عصبية ونفسية، تلازمه في شبابه ورجولته، وميل إلى العنف والسلوك العدواني والتعصب الأعمى لأفكار خاطئة.

نصائح لتنشئة سياسية صائبة لأطفالنا

- توفير جو أسري مناسب من خلال سلطة أبوية تحترم آراء أفراد الأسرة المختلفة وتقدّرها.

- تكريس فكرة المواطنة وحقوق الإنسان، عبر أدوات مشوقة وجاذبة للأطفال وهادفة، سياسية كانت أم تاريخية، على غرار الكتب والقصص والأقراص المدمجة والألعاب على كمبيوتر.

- تدريبهم على أدب الحوار ومهاراته من خلال عقد اجتماع أسبوعي في المنزل ومناقشة قضية تهم الأسرة أو الأحداث الجارية على الساحة العربية والعالمية.

- توعيتهم ورفع درجة استيعابهم  لأهداف المجتمع القريبة والبعيدة، والمشاركة الإيجابية في نشاطات مختلفة.

- اصطحابهم أثناء التصويت في الانتخابات والاستفتاءات وغيرها، وإلى مؤتمرات وأمسيات وندوات سياسية.

- الإنصات الجيد إلى تساؤلاتهم السياسية والإجابة عنها بما يتطلب إلمام أولياء الأمور بتلك المعارف.

- تنظيم رحلات ذات طابع سياسي وتاريخي مثل زيارة بيوت ومتاحف الساسة والقادة وغيرها.

- إكسابهم مفاهيم وقيم مثل العدل والمساواة والديمقراطية بشكل مبسط.

- تدريبهم على الالتزام بالقواعد واحترام القانون والقيمين عليه وتقدير الرموز الوطنية، سواء كانت أشخاصاً أو مؤسسات.

- نقل الوضع القائم في المجتمع لهم بحيادية ومن دون تشويه أو تزييف وعدم إقحامهم في صراعات سياسية أو مذهبية.

back to top