رؤوس أينعت

نشر في 12-11-2011
آخر تحديث 12-11-2011 | 00:01
No Image Caption
 عادل عبدالله القناعي عندما قال الحجاج بن يوسف الثقفي مقولته التاريخية التي تتداول إلى عصرنا هذا، حين بدأ يخطب في الناس: "إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها"، عبارة جميلة يتذكرها كل من يقرؤها، عبارة صفق لها التاريخ من قسوتها وجبروتها، عبارة تدل على فصاحة وبلاغة قائلها مع أني غير متفق معها، عبارة تذكرنا بما يحصل لنا هذه الأيام من ثورات واحتجاجات تجتاح أمتنا العربية من شمالها إلى جنوبها، عبارة تنبهنا إلى وجود خلل وأخطاء عديدة في حكوماتنا المسيطرة على عقولنا.

عبارة تحكي لنا واقعنا الحزين الذي نحن فيه، عن رؤوس بدأت تتساقط واحدا تلو الآخر، رؤوس كانت ترعبنا منذ قرون عدة بأحكامها المتسلطة على أرقابنا، رؤوس كانت تدهس كراماتنا المبعثرة في كل جانب، رؤوس كانت تأكل قوتنا وتسرق أجمل أحلامنا، رؤوس كانت تعذبنا وترمينا بالسجون، رؤوس كان يخشاها كل من يتكلم عنها أو يذمها أو حتى ينتقدها.

فيا شماتة الشعوب فيما تراه الآن، فنرى رؤوسا تساقطت وبدأت تذبل، وبدا عليها الهم والتعب مما فعلته بشعوبها البريئة، فنرى رؤوسا قد أصبحت من الماضي ومأواها مزبلة التاريخ لأفعالها القذرة تجاه شعوبها، رؤوسا كان التاريخ يمجد أصحابها بأنهم عظماء.

تبّاً لك أيها التاريخ الذي تصنع من هؤلاء الشرذمة قيمة تاريخية، رؤوسا كان يقول عنها نزار قباني: "أيها الناس... أنا أملككم كما أملك خيلي وعبيدي... وأنا أمشي عليكم مثلما أمشي على سجاد قصري... فاسجدوا لي في قيامي... واسجدوا لي في قعودي".

فاخسؤوا أيها الحكام المستبدون على وجه الأرض، ها هو اليوم الذي سننتقم منكم شر انتقام لما فعلتموه بنا من استذلال وهوان ورجعية واحتقار، فسحقا لكم على ظلمكم لنا وعلى أياديكم القذرة التي سرقت لقمة عيشنا.

من كان يتصور أن التاريخ سيرجع إلى الوراء لنسمع مقولة الحجاج وهي تأخذ مفعولها السمعي والسحري فيما نراه في عالمنا اليوم من اهتزازات، وبراكين ثائرة كانت بالأمس خامدة؟! ومن كان يتصور أن تلك العبارة كانت تتكلم عنا نحن العرب في هذا الوقت الحزين والبائس لمن يحصل الآن من تساقطات لحكام جنوا على شعوبهم؟! هل كنا نعتقد أن عام 2011، هو عام تساقط الحكومات والحكام العرب واحدا تلو الآخر، أم يعتقد الآخرون أنها نكسة تاريخية أصابت أمتنا العربية بسهام مسمومة تدس السم في شعوبنا المسلمة؟!

لا يخفى على أحد أن هناك ظلما وقع، وأن هناك طغيانا حصل، وأن هناك تعذيبا وقتلا مورس بحق الكثير من البشر، وأن هناك بطشا فعل، فإلى متى سكوتنا وخذلاننا على ما يحصل في بلداننا العربية؟

أما حان الوقت لنفوق ونحاسب ونحاكم كل جبار متسلط؟ أما حان الوقت أن ننتصر لكراماتنا المسلوبة؟ أما حان الوقت أن نفرج عن حرياتنا المسجونة، فلا أحد يقول لنا قد فات الأوان، فإننا في بداية عهد جديد، عهد نكسر فيه كل القيود المتراكمة علينا، عهد يعيش فيه المواطن مرفوع الرأس مصانا لا يهاب إلا الله؟!

ربما يأتي هذا اليوم الذي هو قريب منا إلى أبعد الحدود لنصرخ في وجه العالم، ونقول وطني لك كل الحب والوفاء ولك روحي فداء!

back to top