خطة تنموية وتخلف إداري

نشر في 09-06-2011
آخر تحديث 09-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. خالد عبداللطيف رمضان  من عجائب الأمور التي نعيشها هذه الأيام توجه الدولة إلى تنفيذ خطة تنموية طموحة، وجعل الكويت مركزا مالياً، من خلال إدارة حكومية متخلفة بكل المقاييس.

فالإدارة الحكومية بكل مراتبها تعاني تخلفاً واضحاً بسبب تراكمات عبر السنين... ويرجع تخلف الإدارة وفسادها إلى عوامل عدة، منها قناعة الحكومة بأحقية كل مواطن بوظيفة في إحدى دوائرها ومؤسساتها، وكل مواطن يريد إكمال دراسته الجامعية، والشهادات الجامعية تعني وظيفة مضمونة لدى الحكومة، نتج عن ذلك تكدس الموظفين في كل وزارات الدولة بأضعاف حاجة العمل إليهم.

ومن الطبيعي في ظل الازدحام في عدد الموظفين أن يقل الأداء تطبيقاً لقانون تناقص الغلة، ولمجلس الأمة تأثير سلبي كبير في الإدارة الحكومية، من خلال ضغط بعض النواب على الحكومة لتعيين المحسوبين عليهم.

وفي السنوات الأخيرة شهدت الكويت موجة من التعيينات لقياديين في الجهات الحكومية المختلفة، بما فيها المؤسسات الحيوية والأكاديمية، دون مراعاة لمبادئ الخبرة والكفاءة والمؤهلات العلمية، والأقدمية والأحقية؛ مما ساهم أكثر في تردي الجهاز الحكومي.

تأتي هذه التعيينات ضمن صفقات تعقدها الحكومة مع بعض النواب المحسوبين عليها، لكي تضمن تصويتهم معها في بعض القضايا التي تهمها، ولا يكتفي مثل هؤلاء النواب بإفساد الإدارة الحكومية، بل يشكلون عبئاً على موارد البلاد، إذ يقبض بعضهم ثمن تصويته مع الحكومة، كما تقدم الحكومة مساعدات سخية إلى ناخبيهم لضمان أصواتهم، وإذا ظل التحالف الحكومي مع مثل هؤلاء النواب فإن الكلفة المالية والإدارية ستكون كبيرة.

من الأفضل للحكومة، إذا كانت عازمة فعلا على النهوض بالبلاد وإنجاز الخطة التنموية، أن تتحالف مع الكتل البرلمانية الوطنية، فالتحالف معها أقل كلفة، خصوصاً إذا ما اقتنعت هذه الكتل بتوجه الحكومة الإصلاحي، وجديتها في النهوض بالبلاد.

أما القوى الوطنية، فمطلوب منها أن تمد يدها إلى الحكومة وألا تتربص بها في كل صغيرة وكبيرة، وأن تعطيها فرصة للعمل والإنجاز متى ما تأكدت من صدق توجهها إلى الإصلاح، فلا يمكن تحقيق أي إنجاز من دون إصلاح الإدارة الحكومية، ومن البدهي أن الإصلاح الجزئي لن ينفع؛ لأن الترقيع الجزئي لا يجدي مع حجم التخلف والفساد. 

مطلوب من الحكومة أن تتبنى ثورة إدارية تسعى إلى إصلاح شامل للإدارة الحكومية، وليس عيباً أن نستعين بمؤسسات استشارية عالمية في هذا الشأن، فالإصلاح الإداري هو المدخل لإصلاح كل شيء، فلا يمكن إصلاح التعليم أو الخدمات الطبية، أو الإسكانية أو الإعلام أو العمل الثقافي في ظل إدارة متخلفة، كما لا يمكن تطبيق خطة تنموية من دون إدارة قادرة على تنفيذ هذه الخطة، ونجزم بأن الإدارة الحالية، ستجهز على أي خطة وهي في المهد.

هل تفعلها هذه الحكومة وتقوم بالخطوة الصحيحة تجاه إصلاح الإدارة وتقدم أكبر خدمة إلى البلاد، أم نظل على «طمام المرحوم»؟

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top