المخرجة عطيات الأبنودي: تمنّيت أن أكون راقصة فأصبحت مخرجة

نشر في 30-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 30-06-2008 | 00:00
No Image Caption

احتلت مكانة خاصة في عرش السينما التسجيلية لأكثر من 35 عاما، قدمت خلالها أفلاماً متميزة ومؤثرة تعتبر من العلامات المهمة في تاريخ الفن.

إنها المخرجة القديرة عطيات الأبنودي التي ناضلت عبر رحلتها لفن سينمائي تسجيلي له وظيفة اجتماعية يرصد الواقع وإشكالياته، لذا وصفها النقاد بأنها صاحبة مدرسة السينما التسجيلية الواقعية الشاعرية. لها أكثر من 25 فيلماً منها: «حصان الطين»، «أغنية توحة الحزينة»، «سوق الكانتو»، «الأحلام الممكنة»، «نساء مسؤولات» وغيرها، حصدت جوائز إقليمية ودولية وعالمية, وظلت طوال العقود السابقة تجوب العالم بأفلامها كسفيرة للسينما التسجيلية، كرمها أخيراً مهرجان الفيلم الإفريقي في نيويورك.

عن رحلتها مع الفن كان الحوار التالي.

بعد 35 عاماً من العمل السينمائي، كيف ترين المسافة بين أول أفلامك «حصان الطين» وأعمالك الأخيرة؟

قبل أن أبدا مشواري مع الإخراج عملت في مسرح العرائس، ثم التحقت بمسرح التلفزيون كممثلة وقدمت مسرحيات عدة منها «المصيدة» و«الشوارع الخلفية»، ورغبت في العمل كراقصة، لكنني أخفقت في الاختبار الذي أعدته الفرقة القومية للفنون الشعبية، بعد زواجي من الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، تنبأ لي بأنني سأكون مخرجة لا ممثلة لأنه رأى ميلي إلى العملية الإبداعية ووعيي لها، من هنا بدأت رحلتي مع السينما بعدما التحقت بمعهد السينما، مع أنني حصلت قبل ذلك على شهادة جامعية في الحقوق.

أول أفلامي كان «حصان الطين» وكنت «مرعوبة» من رد فعل النقاد، إلا أنني فوجئت بأحد كبار النقاد مصطفى درويش يشيد بالفيلم، مؤكدا أنه عمل غير مسبوق في السينما التسجيلية.

إذن تحققت نبوءة الأبنودي؟

(تضحك) بالتأكيد، إذ توالت المقالات المتحمسة للفيلم، وتوالت أعمالي بعد ذلك وتجاوزت 25 فيلما حتى الآن، أدركت بعدها أن أحلامي لن تتحقق إلا من خلال السينما التسجيلية، لذا عكفت على الدراسة والتأمل والبحث وتعلمت على يد الكندي بول وارين، أحد رموز المدرسة الكندية في السينما التسجيلية, التي تهتم في المقام الأول بالصورة ولا تلجأ الى التعليق على شريط الصوت، وتعتمد على تسجيل المفردات والتفاصيل الخاصة بالإنسان من خلال السينما المباشرة، ما يفسر لماذا حصلت أفلامي على جوائز كثيرة. حصل فيلمي الأول على 33 جائزة دولية وعربية، علماً بأنني كنت آنذاك في السنة الأولى من دراستي في معهد السينما، الى ان جاء فيلم التخرج الذي أشرف عليه المخرج الفرنسي «لامبان», حصلت بعده على منحة للدراسة في انكلترا، حيث تعلمت حرفية التقنيات الحديثة واقتربت من اللغة السينمائية وعناصرها المتنوعة، وتعرفت الى الابتكارات الآلية في عالم صناعة السينما، لكن المفارقة التي تدهشني دائما ولا أجد لها تفسيرا, هو ما حدث بعد عودتي من انكلترا.

ماذا حدث؟

رفض تعييني في معهد السينما, ولم يدرّس المعهد أفلامي على الرغم من حصولي على حوالى خمسين جائزة دولية وأكثر من عشرة تكريمات عالمية، لكنني لم أتوقف يوما عن متابعة مشروعي.

لماذا تعرضت أفلامك للهجوم؟

بسبب قبولي تمويلاً أجنبياً، على الرغم من أن جهات التمويل لم تفرض أية رؤية أو توجه محدد على أفلامي.

لماذا إذن قبلت فكرة التمويل؟

يعود السبب إلى المؤتمر النسائي العالمي للمرأة الأول في نيروبي عام 1985، عندما تم اختياري من بين ست مخرجات عالميات لإخراج فيلم عن المجتمع, فكان من البديهي أن تموّل تلك الجهة الفيلم، وفعلاً أخرجت «الأحلام الممكنة»، ومعه بدأ هجوم ضارٍ من قبل بعض النقاد وصل إلى حد المطالبة بإسقاط الجنسية المصرية عني بحجة الإساءة الى سمعة مصر، وهنا تصدى بعض النقاد والمفكرين الأكثر استنارة ووعياً لأهمية السينما، من بينهم علي أبو شادي وسمير فريد ومصطفى درويش وغيرهم دفاعاً عن الفيلم ومخرجته.

كيف أثرت الوثيقة المرئية في تقنية الكتابة، كما في فيلمك وكتابك اللذين حملا العنوان ذاته «أيام الديمقراطية»؟

بعدما أنهيت فيلم «أيام الديمقراطية»، اكتشفت أن الوثيقة المرئية لا تكفي لعرض كل ما تلتقطه الكاميرا، خصوصاً أن تقنية السرد بالصوت والصورة تختلف تماماً عن السرد بالكلمة المكتوبة، وإن كانت كلتاهما تحمل مقوماتها الفنية الخاصة, لذا لجأت الى الكتابة لتوثيق تجربة المرشحات المصريات في انتخابات مجلس الشعب. في تصوري، أن الوثيقة المكتوبة جاءت أكثر اكتمالاً من الفيلم من حيث التفاصيل والشخصيات بكل ما تبوح به من أفكار وتصورات وخيالات.

يردد بعض النقاد أن أفلامك تسيطر عليها النزعة الأنثوية، ما تفسيرك؟

إنه كلام عار عن الصحة، خصوصاً أن أفلامي تتوجه إلى الرجل قبل المرأة, بالإضافة الى أنني لا أصنف نفسي إطلاقا بأنني مخرجة تصنع أفلاماً للنساء فحسب, لكنني أسعى للتأثير في وجهة النظر الذكورية وتغيير الأفكار البالية والقيم والعادات الموروثة التي تنال من حقوق المرأة وحريتها، وذلك ما تهدف إليه أفلامي. عانيت كامرأة في حياتي من القهر الواقع على النساء، ومؤمنة تماما بالمساواة بين الجنسين, لذا قدمت ستة أفلام تعرضت الى شتى ألوان القضايا الملحة والضرورية بالنسبة الى المرأة هي: «أحلام البنات»، «راوية»، «أيام الديمقراطية»، «صنع في مصر»، «نساء مسؤولات».

في تصورك، ما هو سبب الإحجام عن مشاهدة الأفلام التسجيلية؟

تكمن المشكلة الجوهرية في عدم اهتمام المسؤولين بالسينما التسجيلية الى درجة أن الأفلام المنتجة لا تجد من يعرضها أو يشاهدها، ما زالت الجهات المنتجة تتحكم بالصناعة السينمائية على الرغم من دخول جهات الإنتاج الخاصة.

كيف ترين إذن مستقبل صناعة السينما التسجيلية؟

متفاءلة جداً باقتحام الشباب هذا المجال وأرى من بينهم شباباً يبشرون بصنع سينما جميلة قادرة على الصمود والتحدي.

ماذا عن مشروعك الراهن؟

كل ما أحلم به هو أن تشكل أفلامي جزءا من وصف مصر، حاولت من خلال أفلامي السابقة أن ألقي الضوء على جانب منها سواء البشر أو الحضارة، العادات والمكان, فالفيلم الناجح هو الذي يتحول إلى وثيقة تتضمن رسالة اجتماعية. لست مخرجة فحسب، بل صاحبة رؤية ورسالة تجاه مجتمعي، وهو ما أتمنى تحقيقه عبر مشروعي «وصف مصر بالكاميرا».

back to top