قهر المرض وحكّم في جائزة «شوبان» حمد الراشد يعزف لحن النجاح عالمياً

نشر في 09-07-2007
آخر تحديث 09-07-2007 | 00:00
حمد الراشد من المؤلفين الموسيقيين القلّة في الكويت الذين نالوا اهتمام «أكاديمية شوبان» العريقة فاختارته عضواً في لجنة التحكيم لإحدى مسابقاتها، وأنشدت فرق عالمية أغانيه. الراشد نموذج يحتذى في قوة الإرادة وصلابة التحدي. لم يدع مشاكل عينيه الصحية تنال من عزيمته. لقاؤنا معه مليء بالشجن، مفعم بالتفاؤل والأمل.
لم يسعفه بصره في ممارسة حياته على نحو طبيعي كسائر أقرانه، فحالة ضعف شبكية في عينيه منذ الولادة طوّقه بأسوار من العتمة حجبت عنه أشعة الشمس.لم يستكن لهذا الواقع، بل دفعه اصراره الى قهر ضبابية الصورة وبدأ يتلمس دروب الحياة رافضاً أن يتفيأ شجرة الظلام. سيج ذاته بالأحلام ورتب دفاتر أيامه وراح يتحسس دروب النجاح الوعرة. ثقف نفسه وصقلها بالمعرفة. تراصّت حواسه الأخرى لتعمق تجربته الإنسانية.

جذوة الأمل

بدأت أنامل حمد الطرية تداعب أوتار الآلات الموسيقية منذ نعومة أظفاره، تحديداً في الرابعة من عمره، إذ اتقن العزف على آلة الأكسليفون مظهراً مهارة كبيرة في كيفية الصعود والنزول عبر السلم الموسيقي بسلاسة أدهشت محيطه. يستعيد حمد تلك المرحلة: «كنت ضئيل الجسم أعاني من مشاكل في عيني تحد من انطلاقي مع أترابي، لكن جذوة الأمل لم تخفت يوماً في حياتي فقد حباني الله عزيمة واصراراً يفتقدهما البعض. لم أشأ تهميش نفسي فعقدت صداقة مع الآلات الموسيقية وعملت على توطيد علاقتي بها عن طريق اتقاني العزف والتعرف إلى مميزات كل آلة على حدة».

إنكسار داخلي

بين انكساره الذاتي على فقد جزء كبير من نعمة البصر ومعانقة النجاح، أعلن حمد الراشد عصيانه وثورته على وضعه الصحي مشعلاً فتيل الإصرار سراجاً في روحه. تدرج في المدارس الحكومية ينهل علماً ومعرفة وأثبت تفوقه دراسياً وموسيقياً حتى أضحى عازفاً أساسياً في فريق الموسيقى المدرسي في مراحل التعليم المختلفة.

بصيص نور

استمر هذا التفوق وكرمته وزارة التربية فمنحته الميدالية الذهبية في مجال الموسيقى عام 1994، ثم قرر حمد الراشد الالتحاق بالمعهد العالي للفنون الموسيقية لصقل موهبته وفق أسس علمية دقيقة وأسلوب أكاديمي متطور. عقب انتهاء العام الأول من الدراسة التحق بقسم التأليف وشمر عن سواعد خياله ليكتب معزوفات موسيقية تعبر عن معاناته. في موازاة ذلك كان حمد يبحث عن بصيص نور يحسن به وضعه الصحي فدأب على تتبع مراكز العيون الصحية والعيادات المختصة لعله يجد ضالته في أحد الاكتشافات الطبية الحديثة. في سعيه الدؤوب إلى العلاج الناجح استطاع التخلص من النظارة الطبية وبات يستخدم العدسات اللاصقة التي تمنحه تحرراً أكبر ولا تقيد حركته وتشغل رأسه أثناء العزف. يصف حمد مشكلة عجزه عن قيادة السيارة: «حاولت أسرتي إعفائي من هذه المعضلة موفرة لي سائقاً خاصاً يساعدني في الذهاب والإياب الى مقر عملي في إدارة الموسيقى في مركز عبد العزيز حسين الثقافي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب».

أعداء النجاح

يفصح حديث الشجون عن متاعب جمة تعرض لها ومضايقات من الآخرين: «ثمة أشخاص أعلنوا الحرب ضدي وأجهل أسباب هذا العداء. يسعون إلى التأثير علي وتثبيط عزيمتي بتصرفات غير لائقة بينما أترفع عن مجاراتهم في الاسلوب ذاته، لإيماني بأن لا فائدة من التراشق قولاً أو فعلاً. أصب اهتمامي على عملي باحثاً عن مقطوعة موسيقية جديدة تثبت تفوقي وتلجم ألسنة أعداء النجاح».

تخبط

يكشف فصول معاناته في العمل: « أعاني، ويا للأسف، من عدم انسجام بين المسمى الوظيفي والشهادة التي حصلت عليها اذ عينت في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدرجة محقق تراث شعبي، في حين أن هذه التسمية بعيدة تماماً عن اختصاصي، لذا أطالب المسؤولين بتعديل المسمى الوظيفي».

لا تقف المشاكل التي يعاني منها عند هذا الحد إنما ثمة أمور وعراقيل أخرى يشكو منها أبرزها عدم تمكنه من استكمال دراسته العليا التي كان بدأها في المعهد العالي للفنون الموسيقية في الكويت، فبعد اتمامه السنة الأولى فوجئ الدارسون بايقافهم عن الدراسة بحجة أن الشهادة التي سيحصلون عليها غير معترف بها محلياً ودولياً. يختصر ما تعرض له في دراسته العليا: «كانت عملية نصب واحتيال انطلت علينا، ما يؤكد ادعائي أن مصاريف الدراسة التي دفعناها لم نستردها الى الآن».

إزدواجية

يعاني ازدواجية في المعاملة إذ منحته «أكاديمية شوبان» العريقة في بولندا شرف الانضمام إلى احدى لجان التحكيم في مسابقاتها إثر نيله المركز الأول في مسابقة التأليف العربي عام 2004، في حين سلبته المؤسسات المحلية أبسط حقوقه. لم يكترث بما آلت إليه الأمور ولم يدع للآخرين فرصة النيل منه فدون اسمه كأول مؤلف أوبرالي كويتي تغني له فرقة أجنبية «رباعي بندكاس للساكسوفون الألمانية». بعد هذا الانجاز توالت النجاحات وشارك في العزف مع فرقة عالمية منها «ساسا» السويسرية والرباعي الملكي الوتري البريطاني.

يختم حمد الراشد بالقول: «تلقيت دعوة للمشاركة في «مهرجان شوبان الى جورايكي الدولي التاسع» الذي تنطلق فعالياته في منتصف الشهر الجاري، واتفقت مع ادارة المهرجان على عزف أغنية أوبرالية عنوانها «السلام والمحبة» على آلة العود، يشاركني في العزف والغناء فنانون من بولندا وتتولى الغناء مغنية «سوبرانو» مع عازف على آلة الهارب.

بطاقة شخصية 

● حمد الراشد، مواليد الكويت 1977.

● يتقن اللغة الانكليزية ويؤلف أغاني أوبرالية.

● حصل على الميدالية الذهبية في مجال الموسيقى عام 1994.

● إلتحق بالمعهد العالي للفنون الموسيقية عام 1996.

● منح شهادة تقدير خاصة من إدارة المعهد العالي للفنون الموسيقية عام 1998.

● قدم أمسية موسيقية من تأليفه عنوانها «الهروب» في بيت لوزان، بمشاركة عازفين من الكويت وروسيا ضمن الاحتفال باختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية عام 2001.

● حاز المركز الأول في التأليف العربي ضمن مسابقة «أكاديمية شوبان» الرابعة.  

back to top