الشعبي ومأزق الانتخابات الفرعية!!

نشر في 11-08-2007
آخر تحديث 11-08-2007 | 00:00
 سعد العجمي

الانتخابات الفرعية صنيعة حكومية، نفثها بعضهم فترة السبعينيات في رحم الديموقراطية، لتحقيق طموحات سياسية ما، فجاءت كالوليد المشوه، الذي لم يتعافَ، ولم يَمُت، فأصبحت بمنزلة حاضنات تدعمها قوى الفساد.

مؤشر بوصلة المعطيات والقراءات السياسية حول ما تشهده الساحة حاليا، يتجه إلى خيار إجراء انتخابات في الشتاء المقبل على أبعد تقدير وفق نظام الدوائر الخمس. وهو الوضع التي باتت أغلب القوى السياسية تكيف نفسها للتعامل معه باعتباره خيارا مرجحا بشكل كبير. الانتخابات المقبلة تأتي بعد معركة «إصلاح الدوائر» التي خاضتها قوى سياسية عن قناعة، وأخرى اضطرت لخوضها بعد أن أدركت أن القطار «ركب السكة وقد يطوفها»، بالتالي فهي ستكون انتخابات مختلفة أو هكذا يقول المنطق على الأقل.

ولأن كتلة «العمل الشعبي» دخلت معركة الإصلاح السياسي تلك عن قناعة، إضافة إلى كونها من أكثر الكتل تصلباً في مواقفها تجاه محاربة الفساد، فإن ما تتبناه من أطروحات وما ترفعه من شعارات ستكون على المحك عند الدعوة للانتخابات المقبلة. على عكس كتلة «العمل الوطني» تماماً، تشكل الانتخابات الفرعية، حملاً سياسياً وأدبياً يثقل كاهل «الشعبي» لأن بعض نوابه خرجوا من رحم فرعي القبيلة المُجَرَّم قانوناً، وهو أمر متوقع في الانتخابات المقبلة خصوصا في الدائرة الخامسة، حتى أن بعض مرشحيه فضلوا عدم خوض الانتخابات الماضية، وربما القادمة أيضا لهذا السبب، وهو إشكال يواجهه التكتل بصورة أقل في الدائرة الرابعة، لأن ممثليه هناك (البراك - الخليفة) قد لا يضطران لخوض الفرعي إذا سارت الأمور حسب مؤشراتها الحالية في تلك الدائرة.

وبما أن السياسة فن الممكن، فإن هناك من يجد العذر لمرشحي التكتل في خوض الانتخابات الفرعية في الدائرة الخامسة، بل إن عدداً كبيراً جداً من ناخبي تلك الدائرة يتحدثون حالياً عن ضغط سيمارسونه على نواب التكتل لخوض الفرعي، استجابة لقاعدة «أخف الضررين»، كون المشاركة فيه أقل وطأة على الدائرة، وعلى المؤسسة التشريعية من خسارة نواب بحجم مرزوق الحبيني ووليد الجري إذا ما قرر العودة لممارسة العمل السياسي.

أصحاب هذا الطرح من ناخبي الدائرة الخامسة، التي أقطنها، وحسب ما سمعت منهم يقولون إن تغيير قناعات أبناء القبائل في دائرتهم لجهة رفض الانتخابات الفرعية، عملية تحتاج إلى وقت، وهم ليسوا على استعداد لدخول مغامرة غير مضمونة النتائج، وبالتالي تأجيل أي حديث عن الترشح خارج نطاق القبيلة إلى الانتخابات ما بعد المقبلة، آملين إما في استغلال فترة السنوات الأربع المقبلة لنشر ثقافة سياسية جديدة في الدائرة تقوم على أساس انتخاب الأكفأ لا الأقرب، وإما المراهنة على تطبيق نظام الدائرة الواحدة الذي قد يكفي المؤمنين شر القتال.

على كل الانتخابات الفرعية صنيعة حكومية، نفثها بعضهم فترة السبعينيات في رحم الديموقراطية، لتحقيق طموحات سياسية ما، فجاءت كالوليد المشوه، الذي لم يتعافَ، ولم يَمُت، فأصبحت بمنزلة حاضنات تدعمها قوى الفساد، لتفريخ نواب بمواصفات خاصة تخدم مصالح تلك القوى، بل إنها شقت صف القبيلة الواحد، والجميع يدرك ذلك، لذا فإن دورنا كشباب ننتمي لتلك القبائل، أن نبادر إلى تحريرها من فلك الصراعات التي يريد لها بعضهم أن تدور فيه.

هنا لا أدعو إلى الانسلاخ عن القبيلة وإعلان البراءة منها، على العكس من ذلك تماماً، علينا تقوية وتعزيز كل ما هو جميل في النسيج القبلي، والترابط الاجتماعي، والتكافل، والمشاركة في السراء والضراء، والنمط المحافظ، وغيرها من الصور المشرقة. أما السياسة فهي ممارسة عامة تتم وفق نصوص الدستور والقانون، وهي متعلقة بالكويت كبلد، وعندما نتحدث عن الكويت، وإذا كنا مواطنين صالحين فعلاً، لا قولاً، فيجب أن نلغي الكثير من القناعات التي غرسها بعضهم في عقولنا بمن فيهم بعض نوابنا اللذين يدركون أنهم لن يصلوا إلى «الكرسي الأخضر» إلا عبر امتطاء صهوة القبيلة.

back to top