شروخ في الأساس 4/5 انقسامات القيادة في تنظيم القاعدة 1989 – 2006

نشر في 20-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 20-01-2008 | 00:00
ملاذ طالبان والحرب مع أميركا 1996-2001
تتناول هذه الحلقة عودة تنظيم «القاعدة» الى أفغانستان، وارتباطه بحركة «طالبان»، بينما برزت انتقادات شديدة من قيادات «القاعدة» لمنهج «طالبان» ومعارضة للتحالف معها. وتورد الحلقة «عصيان» زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن لزعيم «طالبان» الملا محمد عمر، وما نتج عنه من رسائل الى الأول، الذي راح يدعو بشكل متزايد الى ضرب أميركا، خصوصا عبر إطلالاته الإعلامية المتكررة، وهو الأمر الذي كانت ترفضه «طالبان»، على اعتبار انه يهدِّد وجودها في أفغانستان. وفي هذا السياق، تتحدث الحلقة بإيجاز عن الفترة التي سبقت اعتداءات 11 سبتمبر 2001، على الولايات المتحدة، ثم عن بعض التفاصيل التي تلتها.

شهدت عودة تنظيم «القاعدة» إلى أفغانستان بداية مرحلة جديدة من أنشطته، جلبت معها مجموعة جديدة من مشكلات القيادة؛ إذ واصل الخلل التنظيمي مطاردة عملياته، وكانت موارد أسامة بن لادن المالية قد انخفضت بشكل ملحوظ بسبب الفشل في السودان. وكما علّق الصحافي ألان كوليسون، الذي اشترى قرصا صلبا لجهاز كمبيوتر يعود إلى «القاعدة» في كابول في أواخر عام 2001، قائلا «لم يكن جميع العرب سعداء بذلك الانتقال».

أفغانستان غير ملائمة

أدت أفغانستان، التي أنهكها أكثر من عقد من الحرب الأهلية والاحتلال السوفييتي، إلى إصابة كثيرين بالصدمة وأنها لم تعد ملائمة كعاصمة للجهاد العالمي؛ فاعترض الجهاديون على الطعام، والطرق السيئة، والأفغان أنفسهم، الذين كانوا -كما قالوا- مرتشين جهلة، لا يمكن الوثوق بهم.

 

والأكثر أهمية من ذلك، ظهرت قضيتان خلال تلك الفترة، تسببتا في مستوى غير مسبوق من الانشقاق داخل صفوف «القاعدة»، من القيادة وصولاً إلى عامة المنتسبين: علاقة «القاعدة» بحركة «طالبان» وقرار بن لادن بمهاجمة الولايات المتحدة مباشرة.

تستمر وثائق «هارموني» العائدة إلى تلك الفترة، في عكس حالات فشل القيادة الواسعة الانتشار على المستوى الإداري. على سبيل المثال، في رسالة يبدو أن كاتبها هو سيف الإسلام المصري، الذي كان في وقت سابق مسؤولا عن بعض العمليات في الصومال، يطرح الكاتب سلسلة من الشكاوى بشأن الخلل التنظيمي في معسكر التدريب «جهاد وال»، الذي كان أكمل فيه لتوه فترة خدمة كأمير (قائد) المعسكر.

كتب سيف الإسلام بمرارة بأنه نُصّب قائدا للمعسكر برغم عدم امتلاكه لقدر كاف من المعرفة السابقة بطرق العمل الداخلية في المعسكر وأمور التموين والإمداد، وأنه كان هناك وقت قصير من التداخل بين فترة عمله كقائد للمعسكر وفترة عمل الأمير السابق، مما جعل من المستحيل عليه أن يتحلى بالسرعة المطلوبة أو أن يتمكن من حل القضايا التي ظهرت خلال مدة خدمته. ودعا الله ألا يتعرض لمثل هذه التجربة مرة ثانية، وكتب أن الأمر برمته «ما زال يؤلمني كثيرا» كما لم تكن هذه مشكلة خاصة بسيف الإسلام أو بمعسكر «جهاد وال».

في منتصف يونيو 2000، وفي قائمة من الأسئلة المقدمة من قبل المتدربين في المعسكر والموجهة إلى بن لادن، سُئل الأخير «نسمع في كثير من الأحيان أنك لست على علم كاف بتنظيم المعسكر، وبعض الناس يقولون إن المدربين يتصرفون كما يحلو لهم. فما هو جوابك على هذا الاتهام؟».

الفشل التنظيمي

واصل أبو الوليد أيضا طرح تقييمه بصراحة لحالات الفشل التنظيمي المستمر لـ«القاعدة». وفي قائمته من التوصيات والأسئلة المقدمة إلى بن لادن بعد أن قاد سلسلة من التدريبات في أحد معسكرات «القاعدة» في أفغانستان في صيف 2000، ألح أبو الوليد على بن لادن لكي يلتزم بالانتظام في عقد اجتماعات مجلس الشورى، موصيا إياه بأن ينتدب أبا حفص لترؤس مثل هذه الاجتماعات في غياب بن لادن إذا كان ذلك ضروريا. ولاحظ أيضا أن أغلب عمليات «القاعدة» تستمر في الافتقار إلى أي تنظيم أو منهجية، وتبدو مثل «فوضى عشوائية». وتساءل قائلاً «هل يتقدم تحسين المنظمة بشكل عشوائي أيضا، أم وفقاً لنوع من النظام». وأشار أيضا إلى أن التجنيد استهدف الكم ولم ينظّم بشكل منهجي، واشتكى من انعدام التنسيق بين اعداد المتدربين في المعسكرات والبدء بتنفيذ العمليات، مما يؤدي إلى تقليص عدد المتدربين الذين يمكنهم الانخراط في العمليات على الفور.

معارضة التحالف مع طالبان

كان قرار تحالف «القاعدة» مع «طالبان»، والتعهد بالولاء لزعيم «طالبان» الملا محمد عمر تطورًا مسببا للخلاف على وجه الخصوص خلال تلك الفترة.

 

هناك قدر كبير من المعلومات في وثائق «هارموني»، تعكس وجود انقسامات داخلية بشأن مجموعة كبيرة من القضايا ذات الصلة بعلاقة «القاعدة» مع «طالبان»، وجادلت فرقة يبدو أن مقرها في بيشاور، باكستان، بأنه كان من الهرطقة أن تضع «القاعدة» نفسها في خدمة «طالبان»، إذ إن الأخيرة كانت منحرفة من وجهة النظر الإسلامية وألعوبة في يد الاستخبارات الباكستانية.

وفي إحدى الرسائل، يشير المؤلف المجهول بشكل ساخر إلى «طالبان» على أنها تمتلك عقلية «مستندة إلى الافتراءات والخطأ والخروج عن الموضوع والهروب من الحقيقة»، ويتحسر لطلب الحركة مقعداً في الأمم المتحدة، وهو فعل غادر لم يبرروه سوى بتقديم «أعذار تافهة».

وفي رسالة من شخص اسمه عبدالحميد، والذي عُرف لاحقا في الصحافة الإسلامية التي يقع مقرها في لندن على أنه الجهادي السوري بهاء مصطفى جغل، كتب قائلا «نحن نختلف مع قومنا هنا بشأن نظام طالبان، فهم يرونهم كأولياء الله الصالحين، بينما ننظر إليهم كزنادقة ومرتدين».

أعد هذا الكاتب أطروحة لإثبات هرطقة «طالبان» مليئة بـ«الأدلة والبراهين»، لكن عندما تشاركها مع رفاقه من أعضاء «القاعدة»، «لم يزدادوا إلا عنادا ونفوراً». وقد شجبت الأطروحة ومؤلفها من قبل أبي قتادة الفلسطيني، وهو أحد كبار منظري «القاعدة» ويعيش في ضواحي لندن، وألّف كتابا يدحض فيه أطروحة عبدالحميد ضد «طالبان»، وهو الكتاب الذي اشتكى عبدالحميد من أنه «كان مليئا بالأكاذيب والاتهامات الباطلة».

وقد تعرَّض عبدالحميد أيضا للشجب من قبل المنظّر الجهادي أبي مصعب السوري، برغم أنه قال إن الأخير كان «الأكثر أدبا من بين أولئك الذين شجبوني». تخيلوا حال جماعة يكون أكثر أعضائها أدباً مثل أبي مصعب السوري!

«أبو مصعب رويترز»

ترددت آراء عبدالحميد في وثيقة أخرى من مجموعة «هارموني» تعود إلى تلك الفترة، والموقعة باسم أبي مصعب فحسب، لكن كاتبها يحتمل أن يكون «أبو مصعب رويترز»، وهو الاسم المستعار لمحمد نجاح عبد المقصود، والذي يقال إنه عُرف باسم «رويترز» لأنه كان يتابع وسائل الإعلام الدولية لحساب «القاعدة» في أفغانستان في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.

كان «أبو مصعب رويترز» أيضا عضواً في جماعة يقع مقرها في بيشاور، وهي جماعة عارضت تحالف «القاعدة» مع «طالبان» واعتبرت أتباع الأخيرة من الكفار. وفي رسالة عُنونت ببساطة «إلى أبي محمد» -ربما كان هذا هو أبا محمد المقدسي، المنظّر الجهادي المؤثر والمعلم السابق لأبي مصعب الزرقاوي- أشار «أبو مصعب رويترز» إلى اجتماع قريب لأعضاء «القاعدة» البارزين والأفراد المنتسبين إلى التنظيم في بيشاور، من بينهم أبو مصعب الزرقاوي، وعبدالحميد المذكور أعلاه، وشخص يسمى أبا مجاهد. وفي هذا الاجتماع، طرح الكاتب حججا تتعلق باعتبار أعضاء «طالبان» كفارا مارقين، إذ إن منظمتهم «أنشئت من قبل باكستان وتقع تحت سيطرتها».

كما أشار «أبو مصعب رويترز» أيضا في تلك الرسالة إلى أبي قتادة الفلسطيني، وتفنيد الأخير لكراسة عبدالحميد ضد «طالبان» (التي يقول المؤلف إنه شارك عبدالحميد في كتابتها) قائلا «إنني أعرف هذا الرجل (أبو قتادة) جيدا وأريد أن أفضحه أمام العالم. عندما كان الجميع يحاربون السوفييت، كان هو مستشارا للشيطان. لقد جاء إلى بيشاور بعد أن انتهى كل شيء، وأصدر الفتاوى مقابل الدولارات السعودية، بتسميته للحكومة السودانية على أنها إمارة إسلامية. وقد توجه لاحقا إلى أوروبا وساعد في تحقيق رغبات بوش...». وفي النهاية، أشار الكاتب إلى رسالة سابقة تلقاها من أبي محمد، ينتقد فيها أيمن الظواهري؛ إذ وبّخ المؤلف أبا محمد لأنه متعجل للغاية في حكمه، ثم حاول تفسير موقف الظواهري.

«عباد القبور»

هناك شاهد آخر على تلك المعارضة الداخلية للتحالف مع «طالبان» -ربما كان متعلقا بنفس الجماعة في بيشاور المذكورة أعلاه- يمكن أن نجده في تقرير عن «حالة شؤون الجهاد» في أفغانستان، كتب في أكتوبر 1998 تقريباً، وهو تقرير غير موقّع يناقش النجاحات العسكرية لـ«طالبان»، والردود العالمية على تلك التطورات، والنتائج الفورية في أفغانستان بعد الهجوم الصاروخي الأميركي على معسكرات القاعدة عام 1998، وما تلاه من رفض الملا عمر لتسليم بن لادن أو أي من أتباعه.

وتعنون الصفحة الأخيرة من التقرير بـ«الخلافات التي تكتنف طالبان وشجبهم» إذ يحدد الكاتب الهاجس الأكثر أهمية الذي أثاره بعض «الشباب» ضد «طالبان»، من أنهم من المحتمل أن يكونوا من «عباد القبور»، وهي «جريمة» مُطلقة في نظر الجهاديين السلفيين، تشير إلى الممارسات الدينية المحلية بشأن قبور الأولياء المسلمين أو رجال الدين المهمين من الناحية التاريخية.

ويشير الكاتب إلى أن هذا الشجب لطالبان يستند إلى فرضية مفادها أن عدم بذل «طالبان» لأي جهد لاستئصال تلك الممارسات يرقى إلى مرتبة إقرارها بها، وعلاوة على ذلك، فهذا الإقرار خطير بما فيه الكفاية لضمان التكفير، أو اتهام «طالبان» كلها بالإلحاد.

أثار الكاتب اعتراضات عنيفة على هذا الميل التكفيري بين بعض أفراد «القاعدة»، مشيرا إلى أن من يطلقون تلك الاتهامات ليس لديهم برهان فعلي على ارتكاب «طالبان» لأي انحرافات دينية وأنهم يعتمدون على الشائعات. وبملاحظته أن الشائعات تمثل أعظم تهديد للوحدة الداخلية، يختتم الكاتب تقريره بالاستشهاد بالحديث الشريف الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم «كفى المرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع» «فكيف الحال إذن، بالنسبة إلى من ينقل الأحكام بالكفر على أساس كل ما سمع؟».

رفض مبايعة الملا عمر

كان هناك أيضا قدر كبير من البلبلة التي اكتنفت تحالف «القاعدة» مع «طالبان»، ظهرت في الاستبيانات المقدمة إلى القيادة من قبل متدربي المعسكرات. وبرغم أن تنظيم «الجهاد الإسلامي» المصري بقيادة الظواهري كان قد انضم بحلول ذلك الوقت إلى «القاعدة»، يبدو أنه كان هناك خلاف في المعسكر المصري بشأن مبايعة الملا عمر. وفي سلسلة من الأسئلة تم تقديمها إلى قادة المعسكر في فبراير 2001، طلب عدد من الأشخاص توضيحات بشأن تلك النزاعات والتناقضات المحسوسة؛ وسأل أحدهم عن سبب رفض بعض زعماء الجهاد الإسلامي مبايعة الملا عمر و«طالبان»، وتساءل عما إذا كانت هناك ثمة وجهة نظر دقيقة في الشريعة الإسلامية تمنعهم من عمل ذلك؟ وتساءل آخر عن استمرار تفتت منظمة الجهاد، كما قدم عدة أشخاص أسئلة عن فشل الاجتماعات المغلقة لزعماء الجهاد في حل خلافاتهم.

تهديدات بن لادن... وعصيانه

أما الخطأ الرئيسي الآخر داخل «القاعدة» خلال تلك الفترة فقد اكتنف قرار أسامة بن لادن بضرب الولايات المتحدة مباشرة. وكما هو معروف جيداً، فإن الظهور الإعلامي المتكرر لبن لادن قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، داعيا إلى الجهاد ضد الأميركيين في كل مكان، كان يُنظر إليه من قبل قيادة «طالبان» كانتهاك للاتفاقيات المبرمة معهم، ومن ثم أمر الملا عمر بن لادن بالانتقال من جلال آباد إلى قندهار عام 1997. وكذلك أدى خطاب بن لادن المعادي للأميركيين إلى تعريض عمليات «القاعدة» المستمرة في القرن الإفريقي للخطر. وفي رسالة كتبها في أغسطس 1997 عبد الله محمد فضل، وهو من كبار المشاركين في المؤامرة التي نجحت في النهاية في قصف السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، أشار فضل بقلق إلى الأخطار الجديدة والجدّية للوقوع في الأسر، والتي ظهرت تاليا لإعلان بن لادن الحرب على الولايات المتحدة، واشتكى من أنه سمع عن هذا الإعلان لأول مرة وهو يشاهد محطة الـ«CNN» وفي فترة لاحقة من الشهر نفسه، هاجم مكتب التحقيقات الفدرالي في نيروبي منزل شريك فضل، وديع الحاج.

كما أغضبت ألاعيب بن لادن أيضا زعماء «القاعدة» في أفغانستان. وفي رسالة مرسلة بالبريد الإلكتروني عام 1999 إلى بن لادن من أبي خالد السوري (المعروف أيضا باسم محمد بهاية) وأبي مصعب السوري -الذي كان بحلول ذلك الوقت قد صار جزءا من الدائرة المقربة من الملا عمر- تم انتقاد بن لادن بشدة لعدم التزامه بوعده بالولاء للملا عمر، «أمير المؤمنين». وحذروا من أن نشاطات بن لادن المارقة تحمل في طياتها خطر التسبب في طرد الجهاديين العرب من أفغانستان، ومن ثم سيقعون مباشرة في أيدي أعدائهم، وعند نقطة ما، تخاطب رسالة البريد الإلكتروني زعيم «القاعدة» كما لو كان طفلاً عاصياً «إن أغرب شيء سمعته حتى الآن هو قول أبي عبد الله بأنه لم يطع أمير المؤمنين عندما طلب منه التوقف عن الظهور في المقابلات الإعلامية... أعتقد أن أخانا (بن لادن) أصابه مرض الشاشات، وفلاشات المصورين، والمشجعين، والتصفيق... يجب أن يذهب أبو عبد الله إلى أمير المؤمنين مع بعض إخوانه ويقول لهم إن أمير المؤمنين كان محقاً عندما طلب منك الامتناع عن المقابلات والتصريحات واللقاءات الإعلامية، وأنك ستساعد «طالبان» في معركتهم بقدر ما تستطيع، حتى يحققوا السيطرة على أفغانستان… عليك أن تعتذر عن أي إزعاج أو ضغط تسببت فيه… وأن تتعهد بإطاعة رغبات أمير المؤمنين وأوامره بشأن الأمور المتعلقة بظروفه هنا».

الخوف على «سلامة» أفغانستان

وتظهر معارضة مماثلة لأنشطة بن لادن في الأسئلة المقدمة إلى قيادة «القاعدة» من قبل المتدربين عام 2000؛ في سؤال موجه إلى أسامة بن لادن في معسكر غير معروف في منتصف شهر يونيو 2000، سأل أحد المتدربين «هل تعهدت منظمة القاعدة تحت قيادتك بالولاء (المبايعة) لإمارة أفغانستان الإسلامية (أي طالبان بقيادة الملا عمر)، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تدعو إلى محاربة أميركا، مع علمك بأن «طالبان» لن تسمح بشيء كهذا، لأسباب متعلقة بأمن وسلامة أفغانستان (حفظ الله طالبان)؟».

 

وفي مجموعة مماثلة من الأسئلة قدمت إلى أبي الوليد عند انتهاء «فصل سياسي» من التدريب قاده في فبراير 2001، كانت هناك أسئلة بشأن هذا الموضوع أكثر من أي قضية أخرى، إذ سأل شخصان عما إذا كان من المتوقع أن يعمد الملا عمر بطرد بن لادن، وإذا كان الأمر كذلك فماذا سيحدث له؟ كما طرح عدد قليل آخر أسئلة قلقة عن إمكان وقوع غزو أميركي لأفغانستان، والنتائج المحتملة لذلك على الجهاديين العرب، وبناء على تلك الأسئلة، طلب أبو الوليد استيضاح عدد من البنود، على ما يبدو من بن لادن شخصيا. وأشار إلى وجود بلبلة حول الولاء، إذ فهم بعض الناس أن مبايعة الملا عمر تعني أنهم تخلوا عن أنشطتهم ضد الولايات المتحدة؛ وفي نقطة منفصلة، سأل عما إذا كانت سياسة بن لادن بمنح المتدربين خيار العمل لمصلحة «القاعدة» أو لـ«طالبان» قد تغيرت، إذ إن «بعض الإخوة يقولون بأنهم لم يتعهدوا بالولاء سوى إليك وبالقتال ضد التحالف الصليبي-اليهودي؟».

11 سبتمبر

ومع اقتراب موعد الضربات، صعّدت المعارضة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر إلى أعلى مستويات القيادة في تنظيم «القاعدة»، وضغط جناح الأقلية «المتشددة» الذي يسيطر عليه أبو حفص المصري من أجل المضي قدما ومحاولة تجميع أسلحة الدمار الشامل لاستخدامها إذا ما وقع أي رد أميركي ضد أفغانستان. ووفقا لشهادة خالد شيخ محمد بعد أن وقع في الأسر، كانت أغلبية أعضاء مجلس شورى «القاعدة» معارضة لشن هجوم مباشر، وذلك على أسس أيديولوجية واستراتيجية.

 

تضمنت تلك المجموعة أبا الوليد، وسيف العدل، وأبا حفص الموريتاني، ومصطفى أبا اليزيد (المعروف أيضا باسم الشيخ سعيد المصري)، وبرغم أن معارضتهم للهجمات بدت غير ذات جدوى، يبدو أنهم جميعا انفصلوا عن الزعماء «المتشددين» لـ«القاعدة» في أعقاب الرد العسكري الأميركي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إذ هربت المجموعتان في اتجاهات مختلفة، وتمكن أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وبقية أفراد القيادة «المتشددة» -باستثناء أبي حفص المصري، الذي قتل في غارة جوية أميركية قرب كابول في نوفمبر من عام 2001- من الهرب إلى المناطق الحدودية الجبلية الواقعة شرق أفغانستان وغرب باكستان، بينما هربت جماعة المعارضة من قيادات «القاعدة» العليا إلى الجنوب صوب إيران، حيث يُعتقد أن ثلاثة على الأقل من الزعماء المذكورين أعلاه يخضعون حاليا للإقامة الجبرية هناك.

back to top