لماذا يقرّر بعض النساء والرجال عدم الإنجاب؟

نشر في 07-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 07-08-2007 | 00:00
No Image Caption

تطرح تساؤلات كثيرة حول النساء اللواتي لا يرغبن في أن يصبحن أمهات. عدم الرغبة في الإنجاب يظهر أنهن لسن في حاجة إلى منح حياة كي يشعرن بكيانهنّ. هل من سبب معين وراء اتخاذ هذا القرار؟

تقول إحدى النساء: «لم أرغب يوماً في إنجاب طفل. فاجأ قراري هذا كثراً فلم يأخذوه على محمل الجدّ. كنت أردّد دوماً على مسمع والدتي أنها لن تصبح جدة. ينبغي أن نقدم كل شيء الى الطفل طوال حياته ولست مستعدة لهذا العطاء كما لست في حاجة إليه». تلك حال العديد من النساء اللواتي ما زلن من دون أطفال.

أنانية

في حين نرى أن بعض الأزواج مستعدون لتخطي اختبارات طويلة ومؤلمة ومكلفة من أجل إنجاب الطفل الذي سيسعدهم، يتخلى آخرون عن أي رغبة في الإنجاب من أجل الشعور بإثبات وجودهم.

غالباً ما يُحدد مسار حياة الإنسان في تلقي العلم وإيجاد وظيفة والزواج وإنجاب أطفال. أما النساء اللواتي لا يتبعن هذا المسار المثالي فيعتقد أنهن يعانين ألوف المشاكل. أليس من الأنانية بعض الشيء التطلع فحسب إلى تحقيق رغباتهنّ الخاصة؟ ألسن عديمات المسؤولية والمنطق وعاجزات عن تحمل أعباء تربية طفل؟ الشك وارد في هذه الحالة. أما بالنسبة إلى كثيرات فثمة التباس بين الأمومة والأنوثة، كأن على المرأة أن تكون أماً لكي تصبح في غاية في الأنوثة. بغض النظر عن تزايد الضغوط الاجتماعية والعائلية على مر السنين على النساء اللواتي يكسرن القاعدة، يمكن تقبّل فكرة أن جارتنا أو قريبتنا لم تصبح أماً بعد في الثلاثين من عمرها، لكن من غير المبرر ألا تنجب طفلاً في الخامسة والثلاثين أو الاربعين. آنئذٍ قد نشتبه بأنها لا تحب الأطفال أو أنها غير قادرة على منحهم حبها ووقتها. من ناحية أخرى، لا يمنعهنّ هذا الأمر من الانخراط في مؤسسات إجتماعية أو في اختيار توجهات مهنية يتولين فيها مسؤولية رعاية الأطفال كالتعليم أو الطب أو العمل الخيري، فلا نتردد حينذاك في طرح الاسئلة أو طلب تفسيرات وتبريرات تسمح لنا بفهم سبب مخالفتها القاعدة.

عائق

يُعتبر العقم سبباً معقولاً ومقبولاً. في هذه الحالة يكون الحكم على الرجال أكثر رأفة، كأن الأبوة، على عكس الأمومة، ليست سوى عملية اختيارية لتنمية شخصيتهم. لكن سواء كنا رجالاً أو نساءً فالأسباب هي نفسها: الرغبة في التحرك بحرية والاستفادة من الفرص من دون وقوف أحدهم عائقاً في سبيلنا، الرغبة في الحصول على امتيازات مهنية، غياب الاستقرار العاطفي أو مفهوم الأب المثالي، الخوف من الوضع الاقتصادي، الخوف من عدم القدرة على تأمين تربية نموذجية، عدم الرغبة في زيادة الكثافة السكانية، عدم الرغبة في خوض تجربة التغييرات الجسدية نتيجة الحمل والرغبة في الشذوذ عن القاعدة، ناهيك بالأفكار السلبية التي يكونّها المرء عن العائلة وعدم الرغبة في تكرار التجربة التي عاشها والداه كالظروف المادية والمالية الصعبة والشعور بالندم لإنجاب أطفال وسوى ذلك.

شجاعة

مهما يكن السبب فالرغبة في الإنجاب لا تتطلب تفسيرات من قبل الأزواج الذين يملكون الشجاعة على تحمل هذا العبء. أما بالنسبة إلى الوسائل المختلفة الهادفة إلى تشجيع الإنجاب فلا تأثير على قرارهم الشخصي الذي لا رجوع عنه.

حين سئل أحد أطباء علم النفس عن الاسباب الرئيسية الكامنة وراء عدم رغبة المرأة في الإنجاب أجاب: «خيار عدم الإنجاب هو ردّ فعل حيال المجتمع ونتيجة تجربة شخصية. في بعض الحالات تفضل النساء مهنتهنّ على الأمومة. من الأسباب الأخرى الحاجة إلى العيش بحريّة، أو الخوف من خوض حياة عاطفية أو حياة نضال مضنية، أو صعوبة أخذ رجل كأب والمستقبل غير المضمون. يمكن تفسير هذا الخيار بطريقتين وفقاً لتعاطي الأم مع ابنتها منذ صغرها. قد لا ترغب هذه الأخيرة في إنجاب طفل لتفادي الصدام الذي كان يحصل عادةً مع والدتها. كما لو أن ثمة خطراً في أن تحل بشكل رمزي مكان والدتها، أو من أجل أن تكون الطفلة الوحيدة والأبدية لوالدتها فلا مكان لطفل آخر بينهما».

لكن هل صار في إمكان المرأة راهناً المجاهرة بقرارها هذا؟ في الخباء، خاصة بين النساء، يُقبل هذا الخيار باحترام. ما إن تُعلن عنه المرأة حتى يأتي رد الفعل مختلفاً. نتظاهر بأننا تقبلناه لأنه من غير الملائم مساءلة النساء علناً عن إمكان اختيار نمط عيشهنّ وسرعان ما يبرز الاعتراض: «أنت لست سعيدة». صحيح أن بعض الاشخاص قد يتفهم هذا القرار لكن المجتمع لا يرحم. هذا الموضوع على ما يبدو من الممنوعات. المجتمع لا يظهر رحمة إزاء الأشخاص الذين لا يرغبون في إنجاب الأطفال. لماذا؟ تثير الحرية الخشية. الغارقون في المسؤوليات لا يتحملون رؤية الآخرين يتصرفون بحرية. أمّا الأسوأ فتراجع مكانة الأنوثة مقابل الأمومة. يصنّف النساء في خدمة الجميع وفي خدمة الاطفال والرجال والمجتمع. غير أن أنماط التفكير ستتطور مع مشاركة الرجال في العناية بالأطفال. كلما تعاون الرجال والنساء تطورت عقلية المجتمع.

back to top