وجهة نظر : مبررات استخدام الطاقة النووية في الخليج

نشر في 23-01-2008
آخر تحديث 23-01-2008 | 00:00
No Image Caption
 حسين العويد أثارت الاتفاقية الإطارية التي وقعتها دولة الامارات العربية المتحدة مع فرنسا للتعاون في المجال النووي، واتجاه دول خليجية اخرى إلى السير بنفس الاتجاه، تساؤلات لدى البعض عن حاجة المنطقة إلى الطاقة النووية، وهي التي تملك اعلى مخزون للنفط، وبشأن ما اذا كان ذلك يعني سباقا نوويا في المنطقة.

ومع ان هذا التساؤل يبدو مشروعا في منطقة اعتادت ان يكون النفط المصدر الوحيد لتوليد الطاقة، الا انه لا يأخذ بعين الاعتبار جملة من المتغيرات التي تتطلب تعديل مفاهيمنا ازاء انواع الطاقة البديلة، والاستخدامات الاخرى للنفط، فالنفط ليس في منافسة مع بدائل الطاقة الاخرى، فهو اصلا ثروة نبيلة لها استعمالات اكثر بكثير من كونها مصدرا للطاقة، كما ان احتياجات العالم من الطاقة في تزايد مستمر، ولا يمكن للدول المنتجة ان تلبيها طوال الوقت، خاصة اذا اخذنا بعين الاعتبار الانعكاسات البيئية التي تخلفها عمليات الاستخراج الجائر للنفط.

ان لجوء الدول المنتجة نحو الطاقة النووية، له الكثير من المبررات التي تجعل منه خيارا صحيحا، وأول هذه المبررات ان المنطقة تعيش عملية تحول شاملة وتحتاج الى زيادة كبيرة في استخدامات الطاقة، ومثل هذه الزيادة تتطلب اما المزيد من انتاج النفط أو تقليص حجم الصادرات للوفاء بمتطلبات الزيادة المحلية، وكلا الخيارين له محاذيره وعواقبه، فالاسعار العالمية للنفط وصلت مستويات، بحيث اصبح من غير الجائز اقتصاديا تجاهل بدائل الطاقة الاخرى التي باتت اسعارها اقل من اسعار النفط، فالطاقة النووية التي تحتاج في البداية الى استثمارات كبيرة، توفر على المدى الطويل امدادات طاقة بسعر اقل من اسعار النفط الحالية، فضلا عن ان المحاذير البيئية الناتجة عن الطاقة النووية، اقل من المحاذير التي تنتج عن استخدام النفط كمصدر للطاقة.

الامر الثاني ان التعاون مع دول متقدمة مثل فرنسا وغيرها من الدول التي تملك التكنولوجيا النووية، يساهم في تعزيز علاقات الشراكة مع هذه الدول، ويساهم في تعزيز قدرة دول المنطقة على نقل التكنولوجيا الحديثة، لا على الصعيد النووي فقط، بل على صعيد التكنولوجيا المكملة ايضا، ومثل هذه الشراكة لن تكون قاصرة على قطاع واحد، بل ستكون مدخلا لشبكة واسعة من العلاقات الاقتصادية والاستثمارية التي تغير صورة المنطقة من منطقة منتجة للنفط الى شريك اقتصادي، بكل ما في كلمة الشراكة من ابعاد.

وفي هذا الصدد، لا بد ان نشير الى ان التعاون المطروح على الصعيد النووي، ليس عملية شراء للتكنولوجيا النووية، بل عملية شراكة على اساس تجاري واقتصادي، فالشركات التي ستتولى بناء المحطات النووية المُشار اليها، ستكون شريكة في هذه المحطات، لا بتقديم التكنولوجيا والتشغيل فقط بل في رأس المال ايضا، وبهذا الشكل فإن الدول المنتجة للنفط لن تكون قادرة على استثمار مواردها وفوائضها المالية بشكل اقتصادي، بل ستتوافر لها فرصة استقطاب استثمارات وموارد مالية اضافية، وهذا لا يعني فقط تأمين الموارد لتنمية مستدامة، بل الوفاء بالالتزامات القانونية والادبية تجاه الاجيال المقبلة.

*خبير اقتصادي في الإمارات

back to top