عادل إمام... من الحارة إلى السفارة (1) صفعات والده واتهامه الدائم بالفشل من أسباب نجاحه عندما أقف على خشبة المسرح أشعر بقيمتي فناناً وإنساناً

نشر في 13-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 13-09-2007 | 00:00

من الحارة إلى السفارة، مشوار كفاح طويل لم يكتبه عادل إمام بعد. صخرة أشبه بصخرة سيزيف، حملها الفتى الفقير بدأب من السفح إلى القمة. صار ابن الحارة الشعبية نجماً لامعاً وسفيراً لأشهر المنظمات الدولية في التاريخ الحديث. الطفل المشاغب، المولود في مطلع الأربعينات من القرن الماضي وسط أجواء الحرب والفقر والقمع العائلي، أضحى زعيما ثريا صانعا للأخبار، زاداً للشاشات وهدفاً للعدسات.

لم تكن الرحلة سهلة ولم تكن قدرا عبثياً. كان عادل يعرف أن سخريته قد يهبط مستواها في لحظة ويبدأ الرحلة من جديد إذا استطاع. لذا كان يحسب خطواته ولا يضع قدمه إلا على أرض صلبة. لم يتأثر بأي هجوم يتعرض له ولم يركن البتة إلى ما حقق من نجومية أو ثروة أو شهرة او علاقات. كان يفكر بالبساطة نفسها التي بدأ بها مشوار الحفر في صخر الواقع. كان يستعيد عزيمة البدايات ويفكر في الاحتماء بالناس قبل أن يفكر في التوسل لـ»زيوس».

في هذه الحلقات نتعرف الى التفاصيل الأسطورية لرحلة عادل إمام، ليس باعتبارها حكايات مسلية عن حياة نجم كوميدي مشهور، بل بكونها ملحمة تحكي عن حياتنا نحن أكثر مما تحكي حياة عادل وحده. إنها قصة مجتمع بأكمله، مرآة نرى فيها أنفسنا ونتابع صورة الأب المتسلط والأم الحنون الحامية في صمت. كذلك صورة الواقع القاسي والقدر الذي يضن ويعطي وفق معادلات ولوغاريتمات غامضة وشيفرات قوة نستهين بها قبل ان تفاجئنا بالكثير، في مقدمها الصبر والدأب والأمل.

تعالوا نتعرف مع عادل إمام الى خبرات حياته ونعتقد أنها أعمق كثيراً مما قدمه من شخوص فوق خشبة المسرح وعلى الشاشة.

هنا نيويورك، طاحونة العالم الخرافية، مجمع الجنسيات، مدينة الدخان وتمثال الحرية والبنوك، والتجار ووودي آلن... والأمم المتحدة.

المدينة ليست غريبة على النجم عادل إمام. زارها مرارا وقبل شهور قليلة كان بصحبة النجم الأمريكي المشهور روبرت دي نيرو في مهرجان مانهاتن الذي أنشأه النجم الاميركي مع عدد من أصدقائه كجسر للحوار بين الشرق والغرب في أعقاب تفجيرات 11 سبتمبر التي هزت العالم من نيويورك التي فقدت برجي مركز التجارة ولم تفقد صخبها الكوني وعطشها الدائم لوجوه المهاجرين الذين يتدفقون على سيد الموانئ في العالم.

عادل إمام هنا، في مكان واحد مع أكثر نساء الأرض جاذبية ، مع فاتنة «تومب رايدر» النجمة العالمية أنجلينا جولي التي تشارك عادل في حفل اختيارهما سفيري النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. زار عادل نيويورك بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة حينذاك كوفي عنان وشارك الكوميديان دسوقي أفندي الغلبان في أعمال المؤتمر السنوي لسفراء النوايا الحسنة ومبعوثي السلام التابعين للمنظمة الدولية مناقشاً سبل دعم ثقافة السلام في العالم و والدور المنوط به كسفير للنوايا الحسنة ومجالات العمل الإنساني.

تلمع أضواء الفلاشات ويتذكر عادل إمام مشاهد متفرقة من حياته المشحونة بالدراما العنيفة، بدءاً بمشهد صفعات والده الخشنة واتهامه الدائم له بالفشل، مرورا بتفكيره في الهرب إلى الصعيد حين ضاعت منه حقيبته المدرسية بسبب مباراة في كرة الشراب على أسفلت الشارع في جوار مدرسة بنبا قادن، انتهاءً بالحملات التي هاجمت تصريحاته السياسية، إلى محاولات حصره في دور الكوميديان المضحكاتي والسعي إلى نزع حقوقه مواطناً. لم يكن استاذ علم الاجتماع السياسي المشهور سعد الدين ابراهيم طرح بعد سؤاله الجارح الذي قال فيه رداً على أراء عادل السياسية: «ما دخل الفنان الكوميدي بمصير الأمة المصرية؟» كانت العبارة نفسها تلاحقه كثيرا بصياغات مختلفة.

يبتسم عادل على طريقته متذكراً أول تحول ودي في موقف والده الذي لم يكن يعلم شيئا عن عمل عادل كممثل في سنوات البداية. ذات مرة سأله رئيسه في العمل وكان برتبة لواء ووكيلا لوزارة الداخلية: هل أنت فعلا أبو عادل إمام الممثل؟ صمت عم إمام قليلا، لكن لهجة اللواء الودية شجعته على الرد المتحفظ فأجاب: نعم عادل إبني، فابتسم اللواء وهو يتحدث عن عادل وأعماله وشعر عم إمام لأول مرة ان عادل يقوم بعمل له قيمة وينبغي عدم الخجل منه.

كان عم إمام يتصور أن عمل ابنه بالتمثيل والإضحاك مخجل و كانت صورة «البهلوان» لا تزال وصمة تستدعي الخجل، لكن تصرف المدير منح الأب التقليدي ثقة قادته إلى الفرح . يقول عادل: عاد أبي من العمل طائراً من الفرح وكان يروي الواقعة أكثر من مرة والسعادة تملأ قلبه ولم أره على هذه الدرجة من السعادة من قبل. يومذاك تمسكت بالفن اكثر وشعرت بأنه كان سببا مهماً في تحقيق مصالحة نفسية مع ابي، ربما لم أكن أقدر عليها وحيداً وربما لم يكن هو مؤهلا لعبور تلك الفجوة، لولا إحساسه بالفخر بي في مكان عمله تحديداً حيث أفنى عمره وظل منتميا إليه حتى رحيله.

ربط عادل بين تلك اللحظة القديمة وحيثيات اختياره سفيرا للنوايا الحسنة، واعتبر ذلك اعترافاً بمشواره الفردي كفنان وتأكيداً على الفن لم يخذله ولم يحاصره في صورة «البهلوان». ها هم اهل السياسة ومسؤولو مفوضية اللاجئين يجتمعون مساء 18 يناير عام 2000على نيل القاهرة ليؤكدوا أحقية عادل إمام بالمنصب الدوري كسفير النوايا الحسنة. توقع سورنسون بيتر سون مساعد مدير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في المؤتمر الذي عقد لإعلان تولي عادل المنصب ان يحظى النشاط الانساني للمفوضية بدفعة قوية من جراء تعيين الفنان عادل امام لهذا المنصب نظراً إلى شعبيته الكبيرة على مستوى العالم العربي وما يتسم به من جرأة في تناول الموضوعات الانسانية التي تمس حاجات الفقراء وفي التصدي لعلاج القضايا الانسانية.

تلقى عادل إمام كلمات التقدير والتهنئة من نائب رئيس مجلس الوزراء المصري ورئيس المجالس القومية المتخصصة الأسبق الدكتور عبد القادر حاتم ومن وزير الثقافة الحالي فاروق حسني ومن مستشار الرئيس المصري للشؤون السياسية أسامة الباز ومن جمال مبارك الذي كان حينذاك المتحدث الرسمي باسم المجلس المصري- الأميركي الى جانب عشرات السياسيين والمفكرين.

هكذا تأكد عادل من أن الفن ليس اقل من السياسة بصورتها المباشرة وأن وطنيته وإحساسه الإنساني لم ينفصلا أبدا عن دوره الفني. منذ سنوات طويلة اختار الابتعاد عن العمل السياسي المباشر على أن يظل فاعلا إنما بطريقته وأدواته. كان الفن أداته الأساسية، لذا عندما عرض عليه أن يكون سفيرا للأمم المتحدة حرص على معرفة طبيعة المهمة ومدى تأثرها بالسياسة.

يقول عادل في حوار مع الأديب محمد المنسي قنديل نشرته مجلة «العربي» الكويتية في سبتمبر 2003: الحقيقة أنني لم اسع إلى هذا الدور لكن هم الذين وقع اختيارهم عليّ. عرض الأمر عليّ وعندما قبلت القيام به أبلغت باختياري رسميا. كانت حيثيات هذا الاختيار «من اجل محاربته الإرهاب والتطرف ووقوفه دائما في أعماله الفنية إلى جانب المهمشين والبسطاء». هذه الأمور تهتمّ بها الأمم المتحدة إذ تطال فئة واسعة من البشر ولأن النسب العالية من السلبيات الانسانية موجودة دائما في الدول الفقيرة وفي افريقيا بخاصة.

زرت اليمن واطلعت على أوضاع اللاجئين السيئة جدا. نسعى الآن إلى جمع التبرعات لإنشاء صندوق لمشاريع التنمية في اليمن. من شأن هذه المشاريع أن تجعل اليمن قادراً على حمل اعباء هؤلاء اللاجئين ومعظمهم من ارتيريا والصومال وبقية القرن الافريقي. إن عملي هذا كله تطوعي والجولات التي أقوم بها هي على حسابي الخاص. ليس معقولاً أن اسعى إلى جمع التبرعات وأنا أضع تكلفتي على الأمم المتحدة. كذلك صنعت فيلماً إعلامياً للأمم المتحدة مجانا من اخراج شريف عرفة ويعرض في سائر أنحاء العالم . لم أستفد ماديا إنما معنويا، ففي خلال الاجتماعات الدورية التي تعقدها الأمم المتحدة أجد نفسي جالساً ونخبة مختارة من النجوم المعروفين في مختلف المجالات. قلت لهم في احداها إنني في بداية حياتي مثلت مسرحية مأخوذة عن قصة سير بيتر استينوف عنوانها «شاهد ماشفش حاجة». بس أرجوكم لا أحد يقول له ذلك حتى لا يطالبني بالثمن وكان سير بيتراسينوف حاضراً في الاجتماع فضحكوا جميعاً. منذ تلك اللحظة نشأت صداقة بينى وبينه وكنا نلتقي دائماً فى اجتماعات سويسرا ويستقبلني بالعبارة التالية « ماي صن عبد الله» أي «ابني عبد الله» فأقول له: «عادل يقول ييس... ييس عبد الله». تعرفت أيضا الى الفنان مايكل دوغلاس وعنما قدمت نفسي إليه قال لي: أنا أعرفك يا مستر عادل.

لم يندهش عادل إذ اعتاد على حركة النجوم في السماء. ستجد دائما أن هناك من يرى النجم من بعيد بحيث لا تعود المسافات مهمة فللنجوم حركتها وقوانينها. دخل عادل هذه المجرة منذ سنوات طويلة، لذلك يتحدث ببساطة عن لقائه بزملائه الآخرين من سكان مجرة النجوم: نجتمع لنناقش مشاكل عديدة في انحاء العالم بصرف النظر عن جنسيات الناس، منها مشاكل اللاجئين وصحة المرأة والطفل وعمالة الأطفال تحت السن القانونية. تستمر الاجتماعات أربعة او خمسة أيام، مكثفة جدا لكن ممتعة جدا. جميل أن تقابل جميع رسل السلام في العالم: الممثل المشهور مايكل دوغلاس ابن نجم النجوم كيرك دوغلاس والفاتنة انجلينا جولي والنجم داني غلوفر والحائزة جائزة نوبل في الأداب نادين غورديمر ونجم كرة القدم البرازيلي رونالدو والملاكم الأسطورة محمد علي كلاي الذي عانقني حين عرف أنني من مصر فذكرته على الفور بالملوخية التي أكلها في مصر وكانت سبب هزيمته في المباراة التالية ولم يتمالك نفسه من الضحك.

يحكي عادل عن إحساسه بقيمته وذاته بعد هذه الرحلة الطويلة: عندما أقف على خشبة المسرح أشعر بقيمتي كفنان وكإنسان معا وأشعر بأن الناس يفهمونني وأتحدث بكل اللغات واللهجات وأشعر بسعادة غامرة وفرح طفولي لأن الجمهور من سائر أنحاء الوطن العربي ومن سيريلانكا والهند وفرنسا وأوروبا كلها وامريكا يدخل مسرحي . سعدت جدا عندما قال رئيس الوزراء الفرنسي أمام الرئيس مبارك ذات مرة إن مصر فيها الأهرامات وأبو الهول ونجيب محفوظ وعادل إمام وكنت أتعرض آنذاك لهجوم إعلامي مريب داخل بلدي إذ تربصت بي مؤسسة صحافية كبيرة من صحف الدولة وشنت ويا للأسف حملة شتائم بعيدة عن النقد الفني أو الموضوعي. يومها قررت الصمت وعدم الرد وقلت لنفسي يا واد يا عادل بيه لو شتمتهم ستصبح مثلهم وهناك مثل بلدي يقول «الأبيح يشتم الباشا». خليك باشا ياواد يا عادل باشا ولا تشتمهم لأنهم غلابة لا يملكون غير الشتيمة وبعدين تذكرت مقولة جميلة للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه: «من يحارب الوحوش بأسلوبهم يصبح واحداً منهم» ورأيت أن شكلي سيكون وحش (قبيح) جدا لو أصبحت وحشاً (متوحشاً). قلت بلاش ياواد ياعادل باشا يا وسيم».

أنا مغرور

قالوا إنني مغرور وأخدت قلم في نفسي ومش عارف إيه تاني كده. وذات مرة سألني صحافي صديق خبط لزق: لماذا أصبحت مغرورا؟ يعني الراجل لم يكلف نفسه يسألني مثلا: هل أنت مغرور؟ أو يقولون أن الغرور أصابك في الفترة الأخيرة بسبب كيت وكيت والحقيقة شعرت بالغيظ، فقلت له: آه أنا مغرور.

طبعا الصديق المحترم ما صدق وفي اليوم التالي كان العنوان بالبنط العريض: عادل إمام يعترف: أنا مغرور... والحقيقة مرة ثانية أنني أمسكت سماعة التلفون لأتحدث مع رئيس التحرير، لكن قلت لنفسي، لا داعي، وسألت نفسي بصراحة: مش جايز تكون مغرور فعلا يا واد يا عادل يا ابن الحلمية يا غلبان؟. مش جايز الصديق المحترم عنده حق؟ وجلست احاسب نفسي ووجدت أنني أحسبها بالشعرة وأنني محصن ضد الغرور. ربما يكون اعتزازاً بالنفس أو احتراماً للعمل الذي اقوم به ولا أحب أن يتدخل أحد فيه بشكل سيئ. لكن هذا يغضب بعض الناس بسبب العشوائية التي نعيش فيها ولأن النظرة الى الفن والفنان لم تصل بعد إلى الدرجة التي وصلت إليها في مجتمعات أخرى أكثر تقدما وسألت نفسي رابع وخامس: هل يستطيع صحافي مثلا ان يقتحم غرفة العمليات ليسأل الطبيب عن العملية المقبلة التي سيجريها، أو عن احساسه بعد نجاح العملية ؟ أو يقتحم إجتماعا في أحد البنوك من دون إذن للاطلاع على خبر أو التدخل في الحوار؟

لِمَ إذن يفعلون معنا ذلك في أحيان كثيرة ويطلبون منا أن نقبل ونسكت، أو يتهموننا بالغرور؟ أليس من حقي ان أركزعلى عملي واضمن شروطا وظروفا جيدة للإبداع لي وللفريق الذي يعمل معي؟

على المستوى العام، اكتشفت انني لا اضع ريشة على رأسي ولا أطالب بمعاملة خاصة أو أمشي في زفة وورائي حاملو العطر. أعرف جيدا أنني نجم مشهور وأنني اصبحت شخصية عامة وأن هذه الشهرة امتياز يسهل لي الكثير من الأمور، لكنني حريص جدا على عدم استغلال هذا كله ولا أحب أن استفيد من هذه الشهرة بشكل سلبي، لذلك «أمشي جنب الحيط» وأحترم القوانين كلها حتى قانون عم محمد القصبجي الله يرحمه. لذلك أطمئن تسع مرات على أن رخصة القيادة في جيبي قبل ان أتورط واركب سيارتي وأشعر بالرعب لو نسيت الرخصة يوما. رغم أن السادة الأفاضل ضباط المرور بدأوا يتساهلون في موضوع الحزام، لكن انا بقى رأسي وألف سيف أحترم القانون وأحرص على ربط الحزام بمجرد دخولي السيارة. أذكر ذات مرة أن سيادة المرور على طريق مصر إسكندرية الصحراوي أوقفني لأنني سرحت قليلا وأنا أقود السيارة، فانطلقت بسرعة تجاوزت المسموح به وكان ذلك موقفاً مخجلاً وشعرت بأنني وضعت نفسي في مواقف «بااااايخة». بعد الشهرة تعلمت وتعودت أن أكون مواطنا صالحا وسلوكياتي مسؤولة، لأنني تحت الضواء ومحط الأنظار. بصراحة عاهدت نفسي أن أكون قدوة طيبة لا سيئة وهذا العهد يعصمني من بلاوٍ كثيرة قد توقعني فيها الشهرة.

(يتبع)

ضده في اليمن

هاجم البعض الزيارة التي قام بها عادل إمام إلى مخيم جحين للاجئين الصوماليين في اليمن بصفته سفيرا للأمم المتحدة وأطلقوا عليها عنوان مسرحيته المشهورة «شاهد ما شافش حاجة» وقالوا إنها كانت زيارة مبرمجة إذ مر على الطريق الرئيسي المؤدي إلى محافظة شبوة الفاصل بين شقي المخيم على ظهر سيارة وتحت حراسة مشددة من قبل أجهزة الأمن ولم يكلف نفسه عناء الدخول إلى المخيم وتفقد أحواله بل مر بمحاذاته مرور الكرام من دون أن يتفحص حقيقة الوضع في المخيم مفضلا تأمين حياته بدلا من الاطلاع على أحوال من لا يهمه أمرهم .

وتساءل أحدهم قائلا: كيف سيكتب السفير تقريره عن أحوال اللاجئين المزرية والأمراض التي تفتك بهم وانعدام المتطلبات الأساسية في مخيمهم وهمومهم اليومية وهو لم يشاهدها، إذاً هو «زائر ما شافش حاجة». لم يكن على مستوى الأم تيريزا، مرآة عاكسة لهموم ما يزيد على ربع مليون لاجئ صومالي في مخيم مغلق يعيشون فيه ظروفا بائسة في قفر الجبال السوداء هربا من التصفيات القبلية ويعانون التشرد الذي حولهم إلى أشباح يأكلها الجوع والموت والمؤسف أن انتظارهم لزيارة عادل إمام كانت كالمستجير من الرمضاء بالنار.

معه في لبنان

«عار علينا الصمت امام هذه المجازر». هكذا قال سفير النوايا الحسنة النجم عادل أمام عندما وقف وسط 30 فنانا يعملون معه في مسرحية «بودي غارد» وأضاء الشموع على أرواح ضحايا مجزرة قانا الثانية وشهداء الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في يوليو من العام 2006.

بعد نهاية العرض وقف إمام يخطب في الجمهور قائلا: «نحن شعوب محبة ومسالمة، لكنّ هناك اناسا يكرهوننا جدا جدا ويريدون قتلنا... وها هم يقتلون الاطفال في قانا من جيش كامل العدة والعتاد بدباباته وطائراته ومدافعه وقنابله الذكية. يقتلون الاطفال والشباب والنساء والشيوخ والمعاقين باحدث ما وصل الى ترسانتهم الحربية من أسلحة... عار على اسرائيل ما تقوم به في لبنان. إنها تقتل أطفال لبنان مثلما قتلت أطفال مدرسة بحر البقر قبل اكثر من 38 عاماً... عار علينا وعلى شعوب العالم ان يقع مثل هذا القتل في هذا الزمن. عار علينا الصمت أمام هذه المجازر».

وأشعل إمام مع الفنانين الشموع حزناً على ضحايا المذبحة، بينما غنت السيدة فيروز «بحبك يا لبنان» ولاقت دعوة عادل إمام تجاوباً كبيراً من الجمهور الذي يمثل العديد من الجنسيات العربية، كما تفاعل مع الدعوة أكثر من 30 ممثلاً يشاركون في مسرحية «بودي غارد» أبرزهم عزت أبو عوف وشيرين سيف النصر وسعيد عبد الغني ومحمد أبو داوود وضياء عبد الخالق ورضا حامد.

back to top