وجهة نظر: سعر النفط لا تحكمه المضاربات

نشر في 13-01-2008
آخر تحديث 13-01-2008 | 00:00
No Image Caption
 حسين العويد يخطئ من ينساق وراء ما يطلقه المضاربون في سوق النفط عندما يروجون أن الارتفاع الحالي في سعر الخام سببه توتر هنا او حادث هناك؛ فاسعار النفط التي تلامس وتتجاوز 100 دولار للبرميل لم تصل الى هذا المستوى بين عشية وضحاها، ولم تكن ردة فعل طارئة لاحداث اقليمية او دولية او تصريحات سياسية. فالمستوى الذي وصلته الاسعار كان متوقعا منذ اكثر من عامين، بل ان هناك تحذيرات مبكرة سبقت ذلك كانت تشير الى ان الطلب العالمي على النفط في تصاعد مستمر وبمعدلات تفوق الطاقات الانتاجية للدول المصدرة سواء ضمن منظمة «أوبك» او خارجها.

وعلى خلاف ما كان يحدث في عقدي السبعينيات والثمانينيات فإن ازدياد الطلب على النفط هذه المرة ليس موسمياً ويرتبط بحالة الطقس والحاجة الى الوقود في فصل الشتاء، بل ان هذه الزيادة تتم تحت وقع الطلب الآسيوي المتزايد، وخصوصا من الصين والهند اللتين تسجلان معدلات نمو متصاعدة، وتنفذان برامج وخططا طموحة تحتاج إلى كميات اضافية من النفط.

ويترافق مع هذا الطلب المتزايد عجز من الدول المصدرة عن زيادة طاقاتها الانتاجية بالوتيرة التي يزداد بها الطلب العالمي، وهو عجز لا يطال الدول الاعضاء في «أوبك» بل في الدول المنتجة خارج المنظمة. كما ان هذه الزيادة ترتبط بالتغير الحاصل في علاقة الشراكة بين الدول المنتجة والشركات النفطية العالمية التي بدأت تستعيد مواقعها في المنطقة العربية، وفي دول آسيا الوسطى، بعد انحسار المرحلة التي كانت فيها حكومات الدول المنتجة مسيطرة على صناعة النفط او تملك طموحات من هذا النوع.

ونتيجة لهذه الشراكة فإن الشركات النفطية العالمية معنية هي الاخرى برفع الاسعار لاستعادة الاستثمارات التي تضخها في تطوير حقول جديدة في المنطقة، او لضمان سعر يؤمن لها مستوى عاليا من الربحية. ولعل هذا ما يفسر الصمت النسبي الذي تواجه به الدول الغربية ارتفاع سعر النفط في الماضي حيث كانت تضج بالشكوى عند اي زيادة رغم انها لم تتجاوز في افضل حالاتها تلك مستوى اربعين دولارا للبرميل. وحسب ما تقوله بعض التحليلات فإن الدول الغربية التي تعيش حالة منافسة اقتصادية مع الصين تجد في الزيادة الحالية في النفط وسيلة لضبط ايقاع المنافسة من خلال رفع كلفة انتاج السلع الصينية التي أصبحت هاجسا يقلق الاسواق الغربية. ولعل تراجع المخزون العالمي من النفط وهو المخزون الذي تحتفظ الدول الغربية بالنسبة الكبرى منه دليل آخر على ان الانزعاج الغربي من ارتفاع سعر النفط ليس بالدرجة التي تعكس موقفها الحقيقي من اوضاع السوق النفطية. فإقدامها على استخدام مخزوناتها او عدم تغذيتها بالقدر الذي تتطلبها استراتيجية التخزين كما صممت قبل عقدين يؤكد ان الدول الغربية لا تتعامل مع الارتفاع الحالي في سعر النفط باعتبارها حالة عارضة يمكن مواجهتها بردود فعل ذات طبيعة مؤقتة كالتخزين.

اذن نحن اما تغير كامل في المشهد النفطي وما يقال عن ان التوتر بين الولايات المتحدة وايران حول البرنامج النووي الايراني او اغتيار رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو، لا يعدو كونه تفسيرا لسلوك سوق المضاربات، وليس تعبيراً عن الوضع الحقيقي لسوق النفط، أما الواقع الفعلي فهو ان النفط وصل الى مرحلة لم يعد مهدداً فيها بالتذبذب الذي شهدناه في أواخر الثمانينيات عندما تدنت الأسعار الى اقل من 8 دولارات.

*خبير اقتصادي من الإمارات

back to top