الاستجوابات تفكك الكتل وتعمق الخلافات بينها

الكتل البرلمانية مؤثرة في النشاط السياسي في غياب الأحزاب السياسية

نشر في 16-06-2007
آخر تحديث 16-06-2007 | 00:00
No Image Caption
في ظل هيمنة مجلس الامة على النشاط السياسي في البلد ورغبة الكتل النيابية في امتلاك زمام المبادرة والقدرة على تحريك الشارع السياسي في الاتجاه الذي تريده .

كلما قدم استجواب في الكويت، سلطت الاضواء على الكتل النيابية بإعتبارها المحرك الرئيسي للعملية السياسية في ظل هيمنة مجلس الامة على النشاط السياسي في البلد. وبغض النظر عن مضمون الاستجوابات واهمية محاورها يبدو ان هذه الاداة الدستورية باتت احد معاول تفكيك الكتل واثارة الخلافات بين النواب نتيجة عدم وضوح الرؤى وتباين الاولويات حتى بين اعضاء الكتلة النيابية الواحدة.

وفي استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح الذي اعلنت كتلتا العمل الشعبي والوطني اضافة الى النائب الاسلامي عادل الصرعاوي رغبتهما في تقديمه، برز نموذج الخلافات التي تخلفها الاستجوابات بين اعضاء الكتل البرلمانية في مشهد ربما يقتصر على الحالة الكويتية ذات الخصوصية في الممارسة الديموقراطية.

لكن لماذا تحصل الخلافات بين النواب اثناء الاستجوابات؟

يتحرك غالبية النواب حسب رغبات ناخبيهم واهتمامات مناطقهم، فهي المرجعية التي يستمد منها النواب توجهاتهم، وبما ان المناطق تختلف في الاهتمامات تتباين مواقف النواب حسب توجهات هذه المنطقة او تلك. ويبقى «الرأي الاخير الذي يعتمده النائب قبل التصويت على اي قضية مطروحة هو موقف الناخبين»، على ما يقول النائب ضيف الله بورمية.

ويضيف بورمية وهو احد اعضاء الكتلة الاسلامية في تصريح لـ الجريدة» ان «النواب يحتكمون في الاخير لما يريده الناخبون وابناء المنطقة في التصويت على القضايا محل النقاش في المجلس».

ولا تقتصر عملية الرجوع للناخبين على النواب المستقلين انما تشمل ايضا النواب المنتمين الى كتل واحزاب سياسية لان «الكتل لا تنجح في الانتخابات»، كما يقول بورمية.

ويشير بورمية الى ان الناخبين هم الذين يدعمون المرشح ويوصلونه الى مجلس الامة لذلك يؤخذ رأيهم في المرتبة الاولى عند التصويت».

وينتمي غالبية اعضاء مجلس الامة الى كتل برلمانية باتت هي المؤثرة في النشاط السياسي في ظل غياب الاحزاب والتنظيمات السياسية.

غير ان التباين الذي تشهده الكتل والخلافات بين الكثير من اعضائها لاسيما عند طرح الاستجوابات يطرح التساؤلات عن مدى قدرة هذه التجمعات على البقاء كقوة ضغط قادرة على تنفيذ اجندتها السياسية.

لكن بما ان الخلافات تتعلق في تباين رغبات الناخبين التي يضعها النواب في المرتبة الاولى تبرز الاختلافات حتى بين اعضاء الكتلة النيابية الواحدة كون اهتمامات الناس مختلفة بين المناطق.

ويتذكر بورمية كيف عارض اعضاء في الكتلة الاسلامية التي ينتمي اليها موضوع استجوابه لوزير المالية الذي كان يعتزم تقديمه مطلع السنة الحالية، وفضل التريث فيه بناء على طلب اعضاء الكتلة.

ويشير الى ان موضوع اسقاط القروض يلقى اهمية كبيرة في الكثير من المناطق الانتخابية بينما نجد الموضوع نفسه يلقى اهمية اقل في مناطق اخرى لذلك شاهدنا هذا التباين بين النواب حول قضية اسقاط القروض واستجواب وزير المالية.

ويقر النائب احمد لاري ان الكتل البرلمانية تدرك حساسية بعض القضايا وتأثيرها على النواب في مناطقهم الانتخابية لذلك لا تتشد في عملية الالتزام في التصويت. لكنه يرى انه حتى في القضايا الخلافية لا ينبغي ان يخرج الخلاف عن اتفاق اعضاء الكتلة.

ويضرب لاري المنتمي الى كتلة العمل الشعبي مثلا في آلية العمل المتبعة في الكتلة اذ تمثل نموذجا في الالتزام، موضحا انه في القضايا الخلافية يترك للنائب حرية اتخاذ القرار وفق قناعاته بالتشاور والاتفاق مع اعضاء الكتلة. ويقول ان اعضاء الكتلة متفقين في كل شيء حتى في القضايا المختلف عليها وهو ما منح الكتلة القوة التي تتمتع بها وحافظ على تماسكها طوال هذه السنوات.

وتتشكل الكتل النيابية في مجلس الامة البالغ عددها خمسة كتل هي كتلة العمل الشعبي وكتلة العمل الوطني وكتلة المستقلين والكتلة الاسلامية اضافة الى تكتل الاسلاميين المستقلين من مجموعة من النواب اصحاب الانتماءات القبلية والطائفية المتنوعة.

ولاتعد الكتل احزابا كونها تضم اطيافا من النواب لا يحملون ايديولوجية معينة لذلك تتم عملية الاختراقات بين صفوفها ويبرز عدم التزام اعضائها في مواقف معينة.

ويقول بورمية نحن لسنا احزابا حتى نلتزم في توجيهات الكتل انما مجموعة من النواب المشتركين في افكار وتوجهات معينة، نلتقي للتنسيق والتشاور في القضايا المطروحة. ويؤيد النائب خلف دميثير العنزي من كتلة المستقلين وجهة نظر زميلة بورمية في شأن الموقف من الكتل النيابية. ويقول ان الانتماء الى اي كتلة يهدف الى دعم مواقف النواب في القضايا التي يتبنونها، مشيرا الى انه في حال وقوع تعارض بين رأي ابناء منطقته وموقف الكتلة التي ينتمي اليها فسيقف في صف الناخبين. ويقول انا مع الناخب فيما يريد لأني صوته الذي يعبر عنه داخل قبة البرلمان.

وتعتبر الكتلة الاسلامية اكثر الكتل اختراقا في صفوفها من النواب المنتمين اليها، وفي استجواب وزير النفط الذي شارك في تقديمه النائب الاسلامي عادل الصرعاوي خير شاهد على عدم تماسك الكتلة الاسلامية، بينما تعتبر كتلة العمل الشعبي التي كانت اول الكتل التي تأسست في مجلس الامة اكثر كتلة التزاما وتنظيما وحزما مع من يخرج عن اجماع اعضائها. وكانت الكتلة الاسلامية فصلت النائب عبدالله العجمي من عضويتها لانه صوت بخلاف اجماع الكتلة.

وفي ظل الرغبة المتنامية في اوساط الكتل النيابية في امتلاك زمام المبادرة والقدرة على تحريك الشارع السياسي في الاتجاه الذي تريده عبر تبنى مواضيع تلقى تجاوبا شعبيا تتعمق الخلافات بين الكتل ويحتدم الصراع فيما بينها عبر طرح مواقف معارضة لتوجه الكتلة المنافسة مثل الاعتراض على توقيت موضوع معين او الاعتراض على الموضوع نفسه او طرح قضية التهدئة والتعاون مع الحكومة، وغيرها من المواضيع التي تثار بين الكتل المنافسة عند طرح اية ممارسة دستورية تصل الى مرحلة استخدام السؤال المغلط وتقديم الاستجواب.

back to top