مسؤوليتها بداية ونهاية

في الاقتصاد كان ما يسمّى الطرح الشعبوي الذي يحمل الميزانية بأثقال كبيرة ويزيد من حالة الريع الاتهام دائماً من نصيب المجلس النيابي، بينما في الحقيقة كانت السلطة الحاكمة هي البطل المغوار، وكانت تسابق المجالس النيابية في شراء الودّ وتوسعة قواعد الاسترضاء السياسي، فهي السلطة التي قررت الكوادر الرهيبة من غير مطالبة أحد، وهي التي كانت توزّع المنح والعطايا بمناسبة ومن دون مناسبة، فقط «خلّ الناس يستانسون»، وبالتالي يكيلون عبارات المدح والثناء وطول العمر لأصحاب السلطة، ثم يأتي المجلس النيابي ليأخذ دوره في منافسة سلطة الحكم في إغراق الناس بسعادة العطاء دون مقابل. في المشاريع الاقتصادية التنموية التي لم يكن لها أيّ نصيب لا من السلطة الحكومية ولا من المجلس، المثال الفذّ الذي يكرر دائماً هو إفشال صفقة الداو، وكان العقد مع الشركة صفقة مربحة للدولة، ويُلام المجلس على إفشالها وتفويت الفرص لمصدر دخل مالي مهم، وكلفت غرامة فسخ العقد المالَ العام بمبالغ مليارية، وإذا كان النواب الذين اعترضوا على العقد غير عالمين ببنوده، فما عذر السلطة في مناقشة كل تفاصيله معهم بنداً بنداً قبل أن تبصُم على فسخ العقد؟!سلطة الحكم التي تملك وتقبض على حبال اللعبة كلها دائماً المسؤولة بداية ونهاية، فهي التي تحط وتشيل وتعيّن المقربين وتستبعد الجيدين.قضية الداو مجرد مثال من أمثلة على الساحة الاقتصادية، أما من الناحية الاجتماعية والانفتاح على العالم، وهذا بدوره مرتبط بالاقتصاد والتنمية، فلم تكن السلطة مختلفة في «حنبليتها» كثيراً عن النواب المحافظين، فقد كانت تسابقهم في سياسات الحظر والقمع لأي فرحة عابرة، فرجالها يتوقعون وينتظرون عبارات مثل «ما قصروا رجال الداخلية وزين يسوون، والله يوفقهم»، لكن اللوم يقع على النواب في مقولات الكثير من أركان الليبرالية المزيفة، فالنائب يتكلم ويزايد، وهذا شأنه، لكنّ الذي يجري وينفّذ تطلعات البؤس لمجرد أنه قرأ تغريدة عابرة لأي نائب أو ملّا مصلح أو مزايد يبحث عن لمحة في دنيا نجومية الشهرة هو السلطة أولاً وأخيراً.. دعونا ننتهي عند هذا الحد من الغثّ.