واشنطن: الشباب الإيراني اكتفى من القمع السياسي والاجتماعي

• «كيهان»: 99% من الإيرانيين يؤيدون النظام
• حفيد الخميني يدعو لحوار ويرفض «إهانة» خامنئي

نشر في 05-10-2022
آخر تحديث 05-10-2022 | 00:05
رئيسي خلال حضوره جلسة برلمانية في طهران (رويترز)
رئيسي خلال حضوره جلسة برلمانية في طهران (رويترز)
وصفت وكالة المخابرات المركزية الأميركية مدى انتشار الاحتجاجات الإيرانية المناهضة للنظام بالصاعق، بالتزامن مع تعهد البيت الأبيض بتدفيع السلطات الإيرانية تكلفة قمع المتظاهرين السلميين، في حين أقر حفيد المرشد المؤسس حسن الخميني بوجود أزمة لكنه اعتبر أن إهانة المرشد الأعلى تعوق أي حوار.
على وقع تواصل التظاهرات الإيرانية لليوم 19 على التوالي، واتخاذها عدة أشكال للتكيف مع التضييق الأمني المتصاعد، خصوصاً في الجامعات والمدارس الثانوية، أكدت المخابرات الأميركية أن استمرار تلك الاحتجاجات ومدة انتشارها أمر مفاجئ.

ووصف مدير وكالة المخابرات المركزية «سي آي إيه» بيل بيرنز مدى انتشار الاحتجاجات التي انطلقت للتنديد بوفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، بعد اعتقالها من شرطة الآداب بسبب مخالفتها قواعد ارتداء الحجاب، بـ «الصاعق»، لاسيما أنها طالت عشرات المدن والمحافظات، وشتى الطبقات الاجتماعية.

وقال بيرنز، في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» الأميركية، إن «الشباب الإيرانيين اكتفوا من القمع السياسي للسلطات»، مضيفاً أن «الإيرانيين الشباب، لاسيما النساء، فاض بهم الكيل، سواء من الأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة، أو الفساد والقيود الاجتماعية والقمع السياسي في البلاد، مما جعلهم مستعدين للمخاطرة بكل شجاعة». في موازاة ذلك، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستفرض تكاليف إضافية على الإيرانيين المسؤولين عن أعمال العنف ضد المتظاهرين الذين يحتجون ضد الحكومة بعد وفاة أميني.

وقال بايدن، في بيان، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، إنه «قلق جداً بشأن التقارير التي تتحدث عن الحملة العنيفة المكثفة على المتظاهرين السلميين في إيران» وتعهد برد سريع، متابعاً: «ستفرض الولايات المتحدة هذا الأسبوع تكاليف إضافية على مرتكبي أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين. وسنواصل محاسبة المسؤولين الإيرانيين ودعم حقوق الإيرانيين في الاحتجاج بحرية».

وذكرت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير أن طلاب الجامعات بإيران «غاضبون بحق» من وفاة أميني، وإن حملات القمع تدفع الشباب في إيران إلى مغادرة البلاد «والبحث عن الكرامة والفرص في أماكن أخرى».

في المقابل، رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني ما أسماه الرياء الأميركي، داعياً الرئيس الأميركي إلى أن «يفكر قليلاً في سجل وتاريخ بلاده في مجال حقوق الإنسان بدلاً من التظاهر بالدفاع عنه».

وأمس الأول، اعتبر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أن هذه الاحتجاجات كان «مخططاً لها مسبقاً»، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل، العدوين اللدودين لبلاده، بالوقوف خلفها.

بالتزامن، حاول الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تهدئة الغضب الشعبي ضد الحكومة، وأقر بأن «الجمهورية الإسلامية لديها نقاط ضعف ونواقص»، لكنه شدد في الوقت عينه على الرواية الرسمية بأن الاضطرابات مؤامرة من الأعداء.

من جهته، شدد رئيس هيئة الأركان محمد باقري على أن «الأمن قادر على حماية النظام»، في حين قصفت مدفعية ومسيرات «الحرس الثوري» مناطق في إقليم كردستان العراق مجددا أمس.

حسن الخميني

ومع اشتداد الضغوط الداخلية والخارجية على رموز النظام أقر حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية حسن الخميني بوجود أزمة، داعياً إلى حوار للخروج منها، معرباً عن أسفه لما يحصل في بلاده.

وقال حسن الخميني، الذي استبعد عدة مرات من الترشح للرئاسة بسبب عدم الأهلية، في بيان، إن «الاعتراض يعكس حركة المجتمع وحياته، بينما الشغب لا يثمر إلا تطرفاً وفوضى، وهذا ما تبحث عنه وسائل الإعلام التابعة للعدو».

واتهم وسائل الإعلام بـ «إحداث شرخ داخل إيران»، مضيفاً: «هذه الوسائل الإعلامية لها تاريخ طويل من العداء معنا أو انها ترتزق من دول تريد إيران ضعيفة».

وفيما بدا أنه تعليق على «هتاف الموت للدكتاتور»، الذي يردده المحتجون، رأى الخميني الذي كان يعد قريباً من الإصلاحيين أن «المرشد علي خامنئي يحظى باحترام خاص وفريد من كل من يعرفه والإساءة له تمنع نجاح أي نوع من التفاهم والبدء في الحوار».

احتجاجات متفرقة

في هذه الأثناء، اندلعت احتجاجات متفرقة بعدة مناطق في طهران وأصفهان وشيراز وتبريز وكردستان،، في الوقت الذي تواصل امتداد الاحتجاجات إلى المدارس الثانوية وسط حراك ملحوظ داخل الجامعات.

وعمد الطلاب إلى شتى الوسائل للتعبير عن تنديدهم بقمع المتظاهرين، فمن الهتافات على أسطح البنايات، وهي الطريقة التي اعتمدها النظام نفسه قبل سنوات طويلة ضد الشاه، إلى الأغاني، وحرق صور المرشد علي خامنئي، ووصولاً إلى إطلاق أبواق السيارات أمس.

وبدأ طلاب طهران، أمس، التعبير عن غضبهم عبر استخدام أبواق السيارات، بعد حملة الاعتقالات غير المسبوقة التي طالتهم، خاصة في جامعة شريف أمس الأول.

ونظم طلاب «خواجه نصير الدين» في طهران تجمعا حاشداً، ورددوا هتافات: «المرأة والحياة والحرية». ودخل طلاب جامعة «رجائي» بالعاصمة في إضراب مفتوح عن الدراسة دعما للاحتجاجات.

مهسا جديدة ومطرب التغريدات

وفي حادثة اعتبر محتجون أنها تظهر أن مقتل مهسا أميني ليس حالة معزولة، تسلمت عائلة شابة إيرانية تدعى نيكا شاركمي (17 عاماً) جثتها محطمة الجمجمة والأنف، بعد أسبوع من اختفاء أثرها عندما كانت تشارك في تظاهرة بطهران. وقالت الشرطة إن شكارمي، وهي فنانة وناشطة، وقعت من مسافة عالية، بينما أكد أصدقاؤها أن قوات الأمن كانت تبحث عنها بعد مشاركتها في التظاهرة.

كما أفرجت السلطات الإيرانية بكفالة عن المغني شروين حاجي بور، الذي أوقف بعد تقديمه أغنية لقيت انتشاراً على مواقع التواصل، دعم فيها احتجاجات أعقبت مقتل الشابة مهسا أميني، واكتسب حاجي بور (25 عاماً)، الذي عرف بموسيقى البوب وكتابة الأغنيات، شهرة واسعة في الأيام الماضية، على خلفية أغنية «برايِ» (من أجل) بالفارسية. وكانت كلمات الأغنية مستقاة من تغريدات يتحدث فيها مستخدمو «تويتر» عن الأسباب التي تدفعهم الى الاحتجاج.

وأفاد نشطاء بلوش بأن حصيلة قتلى إطلاق قوات الأمن الإيرانية النار في زاهدان، جنوب شرقي إيران، الجمعة الماضي، وصلت إلى أكثر من 80 شخصا بينهم طفلان.

وفي تعليق على استمرار الاحتجاجات، كتبت صحيفة كيهان، التابعة للمرشد علي خامنئي: «لدينا أغلبية ثورية وأقلية غير ثورية. لا شك في أن الأغلبية العظمى، أي المجتمع الإيراني بأسره، ثوري، وغير الثوريين هم أقلية. ربما يمكننا أن نقول إن 99 في المئة مقابل 1 في المئة».

الإفراج عن «مطرب التغريدات» ومأساة مهسا تتكرر مع فنانة وناشطة في طهران
back to top