مقربون من بوتين ينتقدون جنرالات الجيش بعد الهزائم

• موسكو تفتح الباب لترسيم حدود المناطق الأربع التي ضمتها
• «الناتو» يتخوف من تجربة نووية روسية بـ «غواصة نهاية العالم»

نشر في 04-10-2022
آخر تحديث 04-10-2022 | 00:04
جندي أوكراني يفكك مدفعاً من حاملة جنود روسية قرب بلدة إيزيوم بمنطقة خاركيف (رويترز)
جندي أوكراني يفكك مدفعاً من حاملة جنود روسية قرب بلدة إيزيوم بمنطقة خاركيف (رويترز)
أدت خسارة القوات الروسية سيطرتها على مدينة ليمان الاستراتيجية، شرق أوكرانيا، بعد الهزيمة التي تكبدتها في خاركيف، إلى حالة من الجدل وهجوم «غير مسبوق» على القادة العسكريين الروس، انضم إليها مقربون من الرئيس فلاديمير بوتين، بينهم رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف، ومؤسس جماعة فاغنر المعروف بـ «طباخ بوتين».
تدفق سيل من الاتهامات العلنية والمشاحنات حول المسؤول عن الانتكاسات الأخيرة للقوات الروسية في بلدة ليمان، شرق أوكرانيا، على قنوات «تلغرام المتشددة الموالية للكرملين»، وفقا لتقرير لصحيفة واشنطن بوست، وأدت خسارة القوات الروسية إلى هجوم غير مسبوق من «شخصين قويين» تقاتل قواتهما بجانب قوات موسكو في أوكرانيا.

وكانت البداية بتوجيه الزعيم الشيشاني رمضان قديروف اتهامات للقادة العسكريين الروس، داعيا إلى «استخدام أسلحة نووية تكتيكية». وفي منشور على «تلغرام»، السبت، هاجم قديروف، الحليف المقرب من بوتين، والذي تقاتل قواته إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، الجنرال الروسي المكلف العمليات حول مدينة ليمان، الكسندر لابين، واتهمه بأنه «لم يؤمن الاتصالات والتفاعل والامداد الضروري على صعيد الذخائر» للجنود الذين كانوا يدافعون عن المدينة.

وفي تصريحات علنية نادرة، هاجم رجل الأعمال الروسي، المقرب من الكرملين ومؤسس مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، قادة الجيش الروسي. وقال بريغوجين، الملقب بـ «طباخ بوتين»، والذي تقاتل مجموعته في أوكرانيا، «أعتقد أننا يجب أن نرسل كل هؤلاء الأوغاد حفاة الأقدام إلى الجبهة بالبنادق الآلية»، في إشارة واضحة إلى كبار القادة العسكريين الروس، وفقا لـ «واشنطن بوست».

ووصفت إيلينا بانينا، عضوة مجلس الدوما الروسي السابقة مديرة مؤسسة روسترات البحثية الموالية للكرملين، الهجمات العلنية على شخصيات عسكرية روسية بارزة بأنها «غير مسبوقة»، وفقا لما نقلته «واشنطن بوست». وفي دعوة لإقالة كبار المسؤولين العسكريين الروسي، دعت بانينا إلى «تغييرات نوعية في الأفراد ذات طبيعة تنظيمية وتشغيلية».

وندد مدونون روس مؤيدون للحرب بانسحاب القوات الروسية من ليمان، منتقدين «الانتكاسات المتتالية للقوات في ساحة المعركة»، ومتهمين «القادة العسكريين» بالتسبب في ذلك، وفقا لـ «التايمز».

وفي تعليق عبر قناته بتطبيق تلغرام، وصف منفذ «ريدوفكا» الإخباري الموالي للكرملين البث العلني للاتهامات بأنه «أسوأ من الخيانة»، داعيا إلى وضع حد لـ «الاتهامات العامة». وسعى «الكرملين» لتبرير الانسحاب من ليمان، مستخدما قنواته الدعائية للإشارة إلى أن موسكو في حالة حرب مع «الغرب بأكمله»، وفقا لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز. وفي البرنامج السياسي الروسي الأكثر شهرة على شاشة القناة الأولى الرسمية، تم بث مقابلة مع بعض الجنود الذين قالوا إنهم «أجبروا على التراجع، لأنهم كانوا يقاتلون جنود الناتو وليس الأوكرانيين فقط».

«الكرملين» ينتصر لقديروف

من ناحية أخرى، بدا أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، ينتصر لقديروف الذي وجه انتقادات لاذعة للجنرالات الروس، ودعا لاستخدام أسلحة نووية تكتيكية، حيث قال: «قدم قديروف وشعب الشيشان مساهمة كبيرة في العملية الخاصة بشكل بطولي وفعّال، لكن وفي اللحظات الصعبة يجب استبعاد العواطف من التقييمات»، مضيفا انه يحق لرؤساء الأقاليم التعليق على الأحداث الجارية.

وعن دعوة قديروف لإدخال الأسلحة النووية في المعركة الأوكرانية، أوضح بيسكوف أن «كل شيء موضح في العقيدة النووية الروسية، ولا يمكن أن تكون هناك أي اعتبارات أخرى».

وأعلن قديروف، أمس، أن 3 من أبنائه المراهقين أحمد وإيلي وآدم الذين تبلغ اعمارهم على التوالي 16 و15 و14 عاماً، سيلتحقون بالقتال في أوكرانيا. وأضاف: «حان الوقت بالنسبة لهم للظهور في معركة حقيقية، لا يسعني إلا أن أشيد بتصميمهم. وسيذهبون قريباً إلى خط المواجهة في أصعب مناطق المواجهات». ووفقًا لموقعه الالكتروني الرسمي، لدى الزعيم الشيشاني 14 ولداً، لكن قد يكون لديه المزيد، بحسب وسائل إعلام روسية.

وبعدما صادق الرئيس الروسي الجمعة على ضم مناطق خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك الأوكرانية، الواقعة تحت سيطرة الجيش الروسي بشكل جزئي أو بالكامل خلال مراسم أقيمت في الكرملين، أعلن بيسكوف لدى سؤاله عما إذا كانت موسكو ستضم هذه المناطق بالكامل أم ستكتفي بالأجزاء الواقعة تحت سيطرتها فقط، أن «روسيا ستستشير سكان خيرسون وزابوريجيا بشأن ترسيم حدودهما المشمولتين بالضم من قبل موسكو».

بدوره، صرح وزير الخارجية سيرغي لافروف بأن انضمام المناطق الأربع إلى روسيا «بمنزلة استمرار منطقي لإعادة توحيد الأراضي الروسية التي بدأت مع عودة شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول في 2014».

«تسونامي نووي»

في غضون ذلك، كشفت وسائل إعلام إيطالية عن استعداد روسيا لإجراء تجربة نووية في القطب الشمالي، عبر غواصة نووية تسمى «كا-329 بيلغورود» (Ka-329 Belgorod).

ووفق صحيفة لا ريبوبليك الإيطالية، أرسل حلف شمال الأطلسي (ناتو) مذكرة استخباراتية لأعضائه، يحذر فيها من استعداد روسيا لتعبئة الغواصة، التي تحمل صاروخ «بوسيدون» النووي المخيف، المعروف أيضا باسم سلاح نهاية العالم.

والغواصة الجديدة تم إطلاقها في يوليو الماضي، ويقال إنها مغمورة الآن في مياه القطب الشمالي بعد تورطها المحتمل في تخريب خطوط أنابيب الغاز «نورد ستريم».

ويخشى «ناتو» أن تتمثل مهمته الآن في اختبار طوربيد «بوسيدون» الفائق السرعة، وهو مقذوف قادر على الانتقال لمسافة تصل إلى 10000 كيلومتر تحت الماء، ثم الانفجار بالقرب من الساحل لاحداث «تسونامي مشع».

وبينما تواصل القوات الأوكرانية تحقيق إنجازات ميدانية آخرها في خيرسون، أُعيد آلاف الروس الذين تم حشدهم للخدمة العسكرية في أوكرانيا إلى بيوتهم، وتمت إقالة المفوض العسكري في منطقة خاباروفسك الروسية، في أحدث نكسة للتعبئة الإلزامية الجزئية الفوضوية التي أمر بها بوتين لعدد 300 ألف جندي، وهي أول تعبئة منذ الحرب العالمية الثانية.

ماكماستر وبترايوس

في الجهة المقابلة، أكد الجنرال المتقاعد بالجيش الأميركي مستشار الأمن القومي السابق إتش آر ماكماستر أن «استعادة أوكرانيا لليمان يمكن أن يتحول إلى سلسلة متتالية من الهزائم للقوات الروسية، فما يحصل هنا هو حقا أن الجيش الروسي على وشك الانهيار في أوكرانيا بخلاف الانهيار الأخلاقي. وأعتقد أنهم وصلوا بالفعل إلى نقطة الانهيار».

وتابع: «إذا نظرنا فقط إلى أعداد الضحايا، والمساحة الشاسعة التي يحاولون الدفاع عنها، والآن محاولة روسيا حشد المجندين وإرسالهم إلى الجبهة من دون تدريب، أعتقد أن الأمر غاية في الأهمية».

وفي تصريحات مماثلة، قال الجنرال المتقاعد بالجيش الأميركي المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية CIA ديفيد بترايوس إن إخفاقات بوتين في الحرب «غير قابلة للإصلاح».

وتابع: «لا يوجد أي نوع من التعبئة المشبوهة، وهي الطريقة الوحيدة لوصفها، ولا يمكن لأي نوع من ضم الأراضي، ولا حتى التهديدات النووية أن يخرجه من هذا الوضع بالذات».

ما هي الأسلحة النووية التكتيكية؟
السلاح النووي الاستراتيجي مصمم للاستخدام ضد أهداف غالبا في الأراضي المستقرة بعيدا عن ساحة المعركة كجزء من خطة استراتيجية، مثل القواعد العسكرية ومراكز القيادة العسكرية وصناعات الأسلحة والنقل والبنية التحتية الاقتصادية والطاقة، والمناطق المكتظة بالسكان، مثل المدن والبلدات، والتي غالبا ما تحتوي على مثل هذه الأهداف. إنه على النقيض من السلاح النووي التكتيكي، المصمم للاستخدام في المعركة كجزء من هجوم مشترك مع قوات تقليدية صديقة، وغالبا ما تكون هذه القوات قريبة من موقع الهجوم، وربما على أراضي صديقة متنازع عليها.

وتعرف منظمة يونيون اوف كونسورند ساينتستس العلمية الأسلحة النووية التكتيكية بأنها عبارة عن رؤوس نووية غير استراتيجية بمدى قصير، تكون مصممة للاستخدام في ساحة المعركة، لتوجيه ضربة محدودة إلى العدو، دون تعريض القوات الصديقة في الميدان للخطر، بينما الأسلحة النووية الاستراتيجية تكون مزودة بحمولة انفجارية أكبر، وهي مصممة لتوجيه ضربة مباشرة إلى الدولة العدو، من شأنها تدمير مدن بأكملها.

ولدى الرؤوس النووية التكتيكية مردود انفجاري يتراوح بين 10 و100 كيلوطن من مادة تي إن تي المتفجرة، فيما تتراوح القوة التفجيرية للرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية بين 500 و800 كيلوطن.

وتشير المنظمة إلى أن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية يهدف إلى كسب المعركة، بينما يتم استخدام الأسلحة النووية الاستراتيجية لكسب الحرب.

غير أن القوة التفجيرية للأسلحة التكتيكية من 10 إلى 100 كيلوطن لا تزال كافية لإحداث دمار كبير، بحسب شبكة سي إن إن، الأميركية، التي ذكرت أن القنابل الذرية التي أسقطتها الولايات المتحدة على هيروشيما وناغازاكي في اليابان كانت تتراوح قوتها الانفجارية بين 15 و21 كيلوطن من الديناميت، لكنها أسفرت عن وفاة 105 آلاف شخص على الفور، فيما توفي عشرات الآلاف في وقت لاحق بسبب الإشعاع المنبعث، وفقا لأرشيفات الحكومة الأميركية.

وأفاد موقع يورو نيوز بأن معظم الأسلحة النووية الاستراتيجية يمكن تعديل قوتها التفجيرية، مما يعني أن كمية حمولتها المتفجرة يمكن رفعها أو خفضها اعتمادا على الموقف والأهداف العسكرية.

قديروف يتعهّد بإرسال 3 من أبنائه الـ 14 للقتال في أوكرانيا
back to top