أفضل مقاربة للتعامل مع يأس بوتين وتداعياته الخطيرة

نشر في 02-10-2022
آخر تحديث 02-10-2022 | 00:00
 سلايت أصبح فلاديمير بوتين يائساً بكل وضوح، لكن هل يُعتبر هذا التطور خبراً سيئاً أم ساراً؟ بعبارة أخرى، هل يستدعي هذا الوضع سياسة أميركية ناشطة أم حذرة؟ يبدو أن الظروف الراهنة تتطلب خليطاً من الاثنين، لكن يصعب تحديد المستوى المطلوب من النشاطات والحذر في جميع الأحوال.

أكد الرئيس الروسي يأسه في الخطاب الذي ألقاه في 21 سبتمبر، فتكلم بأسلوب متفاخر واستعمل عبارات لتشجيع الأمة وتكثيف جهود الحرب أمام الشعب الروسي، لكنه لم يحقق هدفه، وشدد بوتين على ثلاث نقاط أساسية:

أولاً، أعلن «تعبئة جزئية» للعناصر الاحتياطية «للدفاع عن الوطن الأم» ضد «النظام النازي الجديد» في أوكرانيا وأسياده في حلف الناتو.

ثانياً، دعا إلى إجراء استفتاءات في مناطق «دونباس» و«خيرسون» و«زابوريزهزهيا» في أوكرانيا، حيث يقيم عدد كبير من الجماعات الروسية الإثنية، لمعرفة رأي السكان حول ضمّهم إلى روسيا.

أخيراً، حذر بوتين من عدم تردده في «استخدام جميع أنظمة التسلح المتاحة» رداً على أي هجوم ضد الأراضي الروسية، بما في ذلك الأسلحة النووية على الأرجح، وأكد على جدّية تهديداته.

تُعتبر التعبئة الجزئية بحد ذاتها اعترافاً بأن الحرب مع أوكرانيا لا تسير بالشكل المتوقع، وهو واقع لم يعترف به بوتين علناً في أي مناسبة، فمنذ ستة أشهر فقط، وعد بوتين الأمهات الروسيات بعدم استدعاء أبنائهن إلى الحرب، لكنه بات مضطراً لاتخاذ هذا القرار الآن لمتابعة القتال.

يترافق جانب آخر من التعبئة الجزئية مع تمديد العقود التي وقّعها الجنود لستة أشهر أو سنة إلى أجل غير مسمى، علماً أن الاتفاق يقتصر في بعض الحالات على تلقي المال بكل بساطة، فقد عَلِم هؤلاء الجنود الآن أنهم قد يتابعون القتال في أوكرانيا إلى ما لا نهاية، وهذا الوضع لن يرفع معنويات الجيش الروسي المُحبَط أصلاً.

لكن تحمل الاستفتاءات المقترحة لضم عدد من الأراضي الأوكرانية طابعاً أكثر تعقيداً، ففي أي استفتاء حر ونزيه، قد تؤيد نسبة كبيرة من المقيمين في تلك المناطق الانضمام إلى روسيا، حتى أن أغلبية السكان كانت ستدعم هذا القرار قبل الغزو. لكن لن تكون هذه الاستفتاءات حرة أو نزيهة، ولا يمكن تنظيم هذا النوع من الاستحقاقات في منطقة حرب هرب منها مئات آلاف السكان، ولا يحمل بوتين أي نوايا حسنة في هذا المجال، لذا من المتوقع أن تكون الاستفتاءات مزيفة على جميع المستويات.

لكن يتخذ تهديد بوتين باستخدام الأسلحة النووية، إذا تعرّضت الأراضي الروسية للهجوم، بُعداً مختلفاً في هذا المجال بالذات، فإذا «فاز» الناخبون الموالون لروسيا في «الاستفتاء» في إقليم «دونباس»، حيث أصبح القتال الأكثر احتداماً، سيعتبر بوتين قتال الأوكرانيين في تلك المنطقة اعتداءً على روسيا وسيطلق رداً على هذا الأساس، ولهذا السبب، يجب أن يتوخى الغرب الحذر في أقواله وأفعاله في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه، لا يمكن تقليص الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا في هذه المرحلة المفصلية.

يحاول بوتين أن يُصوّر الحرب وكأنها معركة لا تقتصر على أوكرانيا بل تضم الناتو أيضاً، لذا يجب أن يبذل الرئيس الأميركي جو بايدن والقادة الغربيون الآخرون قصارى جهدهم لمنع تحويل الصراع إلى مواجهة مباشرة مع الحلف، فيمتنعون عن إرسال قواتهم العسكرية وطيّاريهم إلى ساحة القتال كي لا يجد بوتين مبرراً لتصعيد الوضع على نحو خطير. لكن بدأ نطاق الحرب يشير أصلاً إلى حصول مواجهة بين الغرب وروسيا، حيث يُعبّر عدد من القادة العسكريين الأميركيين عن هذا الواقع منذ أشهر، مما يعني أن صمود القيم الغربية في أوروبا أصبح على المحك فعلاً، ومن واجب الغرب إذاً أن يستفيد من الوضع القائم، لكن من دون التمادي في تحركاته والمجازفة بمواجهة أخطر التداعيات.

*فريد كابلان

Slate

back to top