المشرع أجرم بحق المدمنين

نشر في 30-09-2022
آخر تحديث 30-09-2022 | 00:00
 محمد أحمد العريفان عقاب المُدمن جزائياً بات أمراً لا يواكب التطورات الحديثة، فالمُدمن مريض يستحق الاهتمام والعلاج والاحتواء، ولا يستحق أن يكون خلف الأغلال! فلا أحد ينكر تفشي آفة الإدمان بشتى أنواعه، وهذا يجعلنا في تساؤل: كيف توجد هذه المواد في الكويت؟

المشكلة تحتاج التشديد على المستورد الذي يتاجر بشباب وحيوات أبناء هذه الأرض الطيبة! ولا ننكر أن لوزارة الداخلية جهوداً محمودة، ولا ننكر كذلك وجود تلك المواد بيننا، بل إنها أصبحت سهلة المنال! ولا ننكر جهود السلطة القضائية، إلا أن ثغرات قانون الإجراءات الجزائية تعرقلها ليخرج عديمو الإنسانية ببراءة مبتسمين يلوحون بأيديهم! فنحن بحاجة إلى تعديل القانون الإجرائي لئلا يفلت أي تاجر، لكن عند الالتفات للمريض، هل حبسه يجدي نفعاً؟ الواقع يجيب: لا!

مشرعنا اليوم يحتاج لدراسة علم الإجرام والعقاب والاستفادة من خبرات العالم الخارجي، فالقاعدة القانونية لها صفة اجتماعية، يُنظر ويُقرأ فيها المجتمع بتطوره واحتياجاته، ليصدر التشريع المُرضي العادل، لا أن يبقى على تشريع عفا عليه الزمان!

المدمن مريض يحتاج بيئة علاجية صحيحة، وطاقما صحيا نفسيا من أفضل المختصين، وأن تطبق خطة لتبادل الأطباء للاستفادة من خبراتهم، تلك المؤسسة العلاجية يُجبر على البقاء فيها مدة يقررها الأطباء المشرفون عليه ولا يُترك له القرار بعد ثلاثة أسابيع، إما الاستمرار بالعلاج أو العودة للمربع الأول، ثم يهيئونه للانخراط في المجتمع من جديد.

ولا ننكر الحاجة لتكثيف المراكز العلاجية بحيث يصبح في كل محافظة مركزان على الأقل، لتنتشر ثقافة مرض الإدمان وتنعدم ثقافة تجريمه والخوف من الفضيحة والعلاج! كما أنه يحتاج توفير فرص عمل فور خروجه من المؤسسة العلاجية تضمن ألا يواجه البطالة ورفض الجهات له لمجرد سبق إدمانه! لينخرط في العمل الذي يصقل طاقته منذ اليوم الأول لتجنب العودة.

المجرم في هذه القضية هو المشرع، لقصوره التشريعي وانشغاله بالثأر السياسي وتوافه الأمور، في حين الضحايا تُستدرج من التاجر يوماً بعد يوم! فالمشرع حقن إبرة المخدر في أجسادنا بجعل توافه الأمور أولويات وأزمات تواجهها الكويت، بجعل الحريات كبائر مجتمعية، محاولاً أن يأخذ المخدر مفعوله ويشغلنا عن ألم الواقع والأزمات الحقيقية التي لم تعد تحتمل المجاملة!

ولو خدّر المشرع نسبة من الشعب، لبقيت الغالبية تراه طبيب تخدير فاشلا لم يجدِ مخدره مفعولاً مع كل مواطن غيور على وطنه! دمتم سالمين وشافى الله كل مَريض إدمان!

محمد أحمد العريفان

back to top