الفروق الفردية عند الأطفال

نشر في 30-09-2022
آخر تحديث 30-09-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب ونحن ننظر للوهلة الأولى إلى أطفال في المدرسة أو في أي مكان آخر نراهم متشابهين نوعاً ما في تصرفاتهم، ولكن فعلياً كل طفل منهم مختلف عن الآخر، والاختلاف والفروق الفردية تكون حتى بين الإخوة وحتى التوائم منهم، وتعود هذه الاختلافات الى التفاوت في شخصياتهم أو قدراتهم العقلية أو البدنية، الى جانب الاختلاف في حياتهم الاجتماعية والنفسية بشكل عام.

ففي المدرسة يتشابه الأطفال في الذكاء والقدرات العقلية في المستوى الدراسي الواحد، لكنهم لا يتطابقون في ذلك، مما يترتب عليه فروق في التحصيل الدراسي والتعامل مع الأطفال الآخرين والكبار، وهذه الفروق بين الأطفال تتطلب منا التعامل معهم بأساليب وطرق مرنة تتقارب وتتباعد حسب هذه القدرات.

كما أن الفروق والاختلافات تطول كذلك شخصية الطفل وطباعه، فالاختلاف في الشخصية يعود الى العوامل الوراثية وطريقة التنشئة الاجتماعية والتعامل مع الطفل في جميع تفاصيل حياته (العوامل البيئية المكتسبة)، ولذا من المهم جداً مراعاة الفروق الفردية في الشخصية، على سبيل المثال نجد أن بعض الأطفال خجولون وغيرهم اجتماعيون ومنهم انبساطيون وهناك الانطوائيون، ومن يتحدث بصوت مرتفع وهناك عكسه تماماً، وقد يكون الطفل يحب الحركة والنشاط وهناك من هو على العكس، ولذا على المربين والمعلمين تحديد صفات وقدرات كل طفل والتعامل معه على أساس ذلك. فمن المهم أن يكون المعلم ملماً قدر الإمكان بظروف الطالب المنزلية وطبيعة حياته ومستواه الاجتماعي والاقتصادي، وهذه المعرفة تساعده في التعامل الصحيح الجيد مع الطفل ومراعاة ظروفه ومساعدته ومساندته إن كان في حاجة لذلك.

فالطفل الذي ينشأ في أسرة متحابة ومتفاهمة وجو هادئ يختلف عن ذلك الذي يعيش في جو مليء بالشجار والصراع أو مع أبوين منفصلين أو يكون الوالدان قاسيين أو ينشأ مع زوجة أب متسلطة أو في حالة فقر وعوز وغيره، مما يحتم على المدرسة أن تراعي حالتهم من جميع الجوانب وتقدم لهم قدر الإمكان ما افتقدوه في المنزل.

وقد يكون انخفاض أو تراجع أدائهم الدراسي مؤشراً مهماً لوجود مشكلة في المنزل سواء بسبب الوالدين أو حتى الإخوة حين يكونوا متسلطين، ولا نستثني ما قد يحدث في المدرسة، فقد يكون سبب انخفاض درجات الطفل تعرضه للتنمر من قبل زملاء له، أو سوء معاملة سيئة من معلم أو غيره.

باختصار ما يحتاجه الأطفال منا هو الاحترام وبذل المحبة والحنان والمساندة دون تفرقة بينهم، وعدم إحراجهم أو تحقيرهم إن كانت ملابسهم مختلفة قليلاً أو يوجد هناك قصور في إحضارهم لأدواتهم الدراسية أو غيره، والاهتمام بالأطفال المعرضين لضغوط وظروف سيئة يجب ألا يقلل من اهتمامنا بالأطفال الآخرين، والقصد أن يكون الاهتمام على قدر ونوع احتياج الطفل وبالشكل الذي يناسب الظروف التي يعيشها.

ومن الأهمية بمكان اكتشاف مواهب وقدرات وميول كل طفل على حدة مما يساعد كثيراً في توجيههم للنشاط الصحيح ومساعدتهم وتشجيعهم لممارسته، خصوصا أولئك الذين يعانون ظروفا أسرية صعبة، فانخراطهم بالألعاب الرياضية أو الرسم أو الموسيقى أو غيره من أنشطة، يؤدي الى تفريغ الطاقة السلبية وتخليصهم منها ومن الضغوط الكثيرة وشعورهم بالسعادة.

د. نبيلة شهاب

back to top