من عطّل «نورد ستريم» واشنطن أم موسكو؟

• الكرملين يذكّر بتهديدات بايدن بالتخلص من خط الأنابيب... والاتحاد الأوروبي و«الناتو» يتوعدان برد قوي
• بلينكن يتعهد بالسماح لكييف باستخدام أسلحة أميركية في مهاجمة أي مناطق تضمها روسيا

نشر في 29-09-2022
آخر تحديث 29-09-2022 | 00:04
مواطنون روس يصلون إلى جورجيا بعد عبورهم الحدود أمس (أ ف ب)
مواطنون روس يصلون إلى جورجيا بعد عبورهم الحدود أمس (أ ف ب)
تتجه أنظار المراقبين إلى تطورين فيما يخص الأزمة الأوكرانية، الأول حوادث التخريب التي أصابت خطي أنابيب نورد ستريم، وسط تبادل للاتهامات حول الطرف المسؤول، والثاني هو إعلان واشنطن أن كييف بإمكانها استخدام الأسلحة الأميركية لتحرير أي من الأراضي التي ستضمها موسكو، والتي ستعتبر خطوة من هذا النوع انخراطا أميركيا مباشرا في الصراع.
هل الولايات المتحدة متورطة في حوادث «نورد ستريم» أم أن روسيا هي التي تقف وراء تسريبات الغاز؟ فبينما لم يعرف بعد سبب 3 تسريبات للغاز من خطي أنابيب «نورد ستريم 1» و«نورد ستريم 2» في بحر البلطيق، وبعدما تجنب حلفاء أوكرانيا الأوروبيون وحلف شمال الأطلسي (ناتو) توجيه أصابع الاتهام مباشرة الى روسيا، رغم تهديدهم بـ«رد قوي وموحّد»، اتهمت موسكو صراحة واشنطن بتفجير خط الأنابيب الروسي الألماني.

ويقول مراقبون غربيون إن روسيا قد تكون عطلت الأنابيب، للاستمرار في ابتزاز الأوروبيين بسلاح الغاز مع اقتراب الشتاء، بينما يجادل محللون روس بأن واشنطن من مصلحتها قطع يد روسيا عبر تعطيل الأدوات التي تستخدمها في ابتزاز الأوروبيين.

الكرملين

وذكّر المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، بتصريحات للرئيس جو بايدن في فبراير الماضي بالتخلص من «نورد ستريم 2»، مضيفا: «نحن لا نعرف ماذا كان يعني الرئيس الأميركي آنذاك، إلا أننا نرى رد الفعل الهستيري والمبتهج، الذي يقترب من حد الجنون من جانب البولنديين، الذين يشكرون الولايات المتحدة على ذلك».

وتساءل بيسكوف: «ما الذي يعنيه هذا الامتنان. هذا أيضا لا نعرفه»، مشيرا إلى الأرباح الهائلة التي تحصدها الشركات الأميركية الموردة للغاز الطبيعي المسال. وكان بيسكوف يشير الى تغريدة لوزير الخارجية والدفاع البولندي السابق رادوسلاف سيكورسكي، الذي كتب على «تويتر»: «شكرا أميركا»، ملمحا إلى قيام واشنطن بتفجير خط الأنابيب. وبعدما وصفت أوكرانيا حالات التسرب بأنها «هجوم إرهابي دبرته موسكو»، قال بيسكوف: «إنه أمر متوقع تماما وغبي وسخيف».

بدورها، علقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على تصريحات المسؤول البولندي السابق، وقالت: «الرئيس جو بايدن ملزم بالإجابة على سؤال ما إذا كانت واشنطن متورطة في الأحداث الأخيرة بخط الأنابيب، وما إذا كانت الولايات المتحدة بالفعل قد أوفت بتهديدها في 25 و26 سبتمبر الجاري؟».

وكان الرئيس الأميركي أجاب على سؤال إحدى الصحافيات بشأن «نورد ستريم 2» في فبراير الماضي، وقال: «إذا غزت روسيا فهذا يعني أن الحشود والدبابات ستعبر الحدود، لن يكون هناك نورد ستريم 2، سنتخلص منه».

وحينما سألته الصحافية مرة أخرى، عما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة إذا كان المشروع برعاية ألمانية روسية، تابع الرئيس الأميركي: «أعدك بأننا سنتمكن من فعل ذلك».

ودفع ذلك مسؤولين بولنديين إلى إدانة تصريحات سيكورسكي، الذي عاد وأوضح أن تلميحه إلى مسؤولية الولايات المتحدة عن تسرب الغاز لم يكن سوى «فرضيته الشخصية».

رد موحد

إلى ذلك، يدرس حلفاء أوكرانيا الأوروبيون كيفية الرد على تعطيل خطي «نورد ستريم»، وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أمس، ان أي تعطيل متعمد للبنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي سيقابله «رد قوي وموحد». وقال إن التكتل يعتقد أن عملا تخريبيا هو الذي تسبب على الأرجح في التسريبات، وهي وجهات النظر نفسها التي صدرت عن ألمانيا والدنمارك والسويد.

وبعد اجتماع في مقر الحلف العسكري الغربي في بروكسل مع وزير الدفاع الدنماركي مورتن بودسكوف، وصف الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ التسريبات بأنها أعمال «تخريبية». بدوره، أعلن بودسكوف أن «روسيا لها وجود عسكري كبير في منطقة بحر البلطيق، ونتوقع منها مواصلة إثارة التهديدات».

وتحركت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي لتأمين منشآت الطاقة. وقالت النرويج إنها ستعزز الأمن في منشآتها للنفط والغاز في أعقاب وجود تقارير عن أنشطة طائرات مسيرة في بحر الشمال، وعززت لاتفيا إجراءاتها الأمنية الخاصة بالبنية التحتية للطاقة.

الجميع يؤيد التحقيق

ولإضفاء مزيد من الغموض، أعلنت جميع الأطراف استعدادها للمشاركة ودعم التحقيق للتوصل إلى حقيقة ما جرى في بحر البلطيق. وبينما أفادت مجلة «دير شبيغل» الألمانية بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA حذرت ألمانيا من هجمات محتملة على خطوط أنابيب الغاز في بحر البلطيق، قبل أسابيع من الحوادث الاخيرة، أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبرشت مشاركة البحرية الألمانية في التحقيق الذي تجريه السلطات الدنماركية والسويدية.

وكانت واشنطن أبدت استعدادها للمشاركة في التحقيق الأوروبي، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض علّق على تسرب الغاز، بالقول إن «شركاءنا الأوروبيين يجرون تحقيقاً. نحن مستعدون لدعم جهودهم».

أما روسيا فقد كشفت أنها عرضت بالفعل على الأوروبيين والأطراف المعنية المشاركة في تحقيق لكنها لم تتلق اي رد، وجدد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو استعداد موسكو «للمشاركة في أي تحقيق بهذا الشأن».

ضم المناطق الأربع

في غضون ذلك، وغداة انتهاء الاستفتاءات التي نظمتها روسيا وحلفاؤها في أربع مناطق أوكرانية، أعلنت السلطات الموالية لروسيا في لوغانسك (شرق) وخيرسون (جنوب) الأوكرانيتين، أمس، أنها طلبت من الرئيس فلاديمير بوتين ضمهما إلى روسيا، وقالت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا بالبرلمان) إن المجلس قد يبحث ضم تلك المناطق في 4 أكتوبر.

وجددت الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، خلال اجتماع لمجلس الأمن، أمس الأول، التأكيد على تمسّك المنظمة الدولية «بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ضمن حدودها المعترف بها».

وإذا ضمت روسيا المناطق الأوكرانية الأربع فيمكن لبوتين أن يصور أي محاولة أوكرانية لاستعادتها على أنها هجوم على روسيا نفسها، وأعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة لا تعارض استخدام الجيش الأوكراني للأسلحة الغربية في المناطق الاربع.

وتعليقا على تصريحات بلينكن، حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من ان «موسكو لا تريد أن تصبح الولايات المتحدة طرفا في الصراع بأوكرانيا، لكن واشنطن ترفض حتى الآن سماع هذه التحذيرات»، وتتصاعد المخاوف من إقدام روسيا على استخدام سلاح نووي تكتيكي في حال نفذ الجيش الأوكراني هجوما قويا على إحدى هذه المناطق الاربع بعد ضمها.

وفيما بدا أنه تحذير من هذا السيناريو، حضّت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل المجتمع الدولي على أخذ التصريحات العامة الأخيرة، التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على محمل الجد، وعدم تجاهلها واعتبارها «خدعة»، قائلة إن الانخراط مع الرئيس الروسي يمكن أن يساعد في إيجاد «مجال للمناورة».

ووسط تصاعد المخاوف من فرض قيود على السفر، ومغادرة عشرات آلاف الأشخاص البلاد، ذكرت بوابة المعلومات الإلكترونية الحكومية الروسية أنه «إذا استدعي مواطن للخدمة العسكرية أو تلقى استدعاء للتعبئة فسيرفض طلبه الحصول على جواز سفر».

وتطبق موسكو نظام «جوازات سفر داخلية»، وهي وثيقة تستخدم كنوع من بطاقة الهوية، ويُسمح بها في عدد من الجمهوريات السوفياتية السابقة.

وأمر بوتين، الأسبوع الماضي، بأول تعبئة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية، وقد تشهد إرسال مئات الآلاف من الجنود للقتال في أوكرانيا.

back to top